الرئاسة اللبنانية تجدد دعوتها إلى «تحييد» البلاد عن الأزمة السورية

تأكيدات على توافق القيادات السياسية على إعلان بعبدا.. والرئاسة تنفي أن يكون تم «تهريبه»

TT

سعى الرئيس اللبناني أمس إلى وضع حد للجدل السائد حول ما يعرف بـ«إعلان بعبدا» الذي توافقت عليه القيادات السياسية بعيد اندلاع الأزمة السورية في عام 2011، حيث تم التأكيد فيه على «النأي بالنفس» عن هذه الأحداث وعدم التدخل في سوريا «لعدم جلب الخراب إلى لبنان»، كما قالت مصادر الرئيس سليمان لـ«الشرق الأوسط».

ورغم تأكيد مصادر الرئيس اللبناني أنه لم يرد في بيانه الذي أذيع أمس على أي من الأطراف السياسية، فإنه كان واضحا أنه تضمن ردا غير مباشر على النائب سليمان فرنجية المقرب من سوريا، الذي قال إن البيان لم يناقش في جلسات الحوار بين المسؤولين اللبنانيين، حيث تعمد البيان الرئاسي الإشارة إلى أن هذا البيان تلاه رئيس مجلس النواب بصوته خلال هذه الجلسات. وفي المقابل، حرص سليمان على إبعاد «سلاح المقاومة» عن هذا الإعلان بتأكيده أنه لم يرد ذكره في البيان سعيا لـ«توضيح الصورة»، إذ أشارت مصادره إلى أن الرئيس «واضح في موقفه لجهة حياد لبنان عن كل شيء إلا الصراع مع إسرائيل حيث لا يمكن تحييد لبنان».

وفي ظل الحديث ومطالبة بعض الأفرقاء اللبنانيين بالعودة إلى ما يعرف بـ«وثيقة إعلان بعبدا» لتكون منطلقا للحوار الوطني لا سيما لجهة سلاح المقاومة، فيما يتنكر له البعض الآخر معتبرا إياه «ولد ميتا»، جاء توضيح رئاسة الجمهورية اللبنانية لوضع حد للجدل حوله بعدما بدا من المواقف وكأن الرئيس سليمان قام بـ«تهريبه» من دون علم أحد من الأفرقاء، وفق ما أوضحت مصادره لـ«الشرق الأوسط». وفي حين لفتت المصادر إلى أن الكلام عن «إعلان بعبدا» لم يكن مقتصرا على جهة معينة بل تم التطرق إليه من قبل الجميع، أكدت أن بيان رئاسة الجمهورية ليس في إطار الرد على أحد، إنما للتوضيح والتذكير بالوقائع لا سيما أن كل الأفرقاء كانوا موجودين لحظة إصدار الوثيقة النهائية، وكانت لبعضهم مداخلات على بعض البنود أدت إلى إجراء تعديلات عليها وحظيت بموافقة الجميع. وشددت المصادر على ما أشار إليه البيان الرئاسي لجهة خلو «إعلان بعبدا» من أي بند متعلق بحزب الله، وسلاحه، بينما كان أهم ما تم التوافق عليه هو «النأي بالنفس» عن صراعات الآخرين باستثناء الصراع مع إسرائيل والقضية الفلسطينية، لا سيما الأزمة السورية، وذلك، انطلاقا من كون تدخل لبنان بهذه الأزمة لن يؤدي إلا إلى خرابه. وأوضحت أن «الاستراتيجية الدفاعية المتعلقة بسلاح حزب الله كانت ضمن نص تصور لـ«الاستراتيجية الوطنية الدفاعية المتكاملة» قدمها الرئيس سليمان أمام هيئة الحوار التي عقدت في القصر الجمهوري في 20 سبتمبر (أيلول) 2012، وكان يفترض أن تتم مناقشتها في ما بعد على «طاولة الحوار» التي شاءت الظروف أن تتوقف اجتماعاتها.

وفي حين رفض مصدر في تيار المستقبل التعليق على البيان، معتبرا أنه لا فائدة من الكلام في ظل عدم وجود أي نية لدى الفريق الآخر لقبول «إعلان بعبدا» لا سيما لناحية خروجه من القتال في سوريا، ومن ثم الحوار بشأن سلاح حزب الله، رأى النائب في كتلة المستقبل محمد الحجار، أن بيان رئاسة الجمهورية هو رد على كل محاولات البعض في فريق 8 آذار «التملّص» من «إعلان بعبدا» وكان آخرهم النائب سليمان فرنجية الذي ادعى أنه لم تتم مناقشته، وبالتالي للتأكيد أن هذه الوثيقة نالت موافقة كل الأفرقاء. وأوضح الحجار «بالنسبة إلينا لا نزال نؤكد أن سلاح حزب الله يجب أن تتم مناقشته ضمن استراتيجية دفاعية، ولم نقل يوما إن إعلان بعبدا قد نص على أي بند يتعلق بشكل مباشر به، إنما الأكيد أنه وضع الأطر العامة للاستراتيجية الدفاعية التي قدمها الرئيس سليمان، ولا نزال ننتظر مناقشتها، في حين أن حزب الله لم يقدم تصوره المكتوب بشأنها».

وقد جاءت رؤية سليمان المتعلقة بسلاح المقاومة ضمن بند حمل عنوان «تعزيز القدرة العسكرية»، مستندا فيها إلى المادة 65 من الدستور وقانون الدفاع الوطني لتزويد الجيش بالقوة الملائمة للقيام بمهماته والتوافق على الأطر والآليات المناسبة لاستعمال سلاح المقاومة ولتحقيق أمرته، ولإقرار وضعه بتصرف الجيش، المولج حصرا باستعمال عناصر القوة، مع التأكيد على أن عمل المقاومة لا يبدأ إلا بعد الاحتلال.

وكان بيان رئاسة الجمهورية قد أوضح بعض التفاصيل المتعلقة بوثيقة «إعلان بعبدا» التي تم التوافق عليها وإعلانها في يونيو (حزيران) 2012، مؤكدة أن الوثيقة لم تتضمّن أي نص متعلق بالمقاومة وسلاحها، ولم تتطرق إلى كيفية الاستفادة من المقاومة وسلاحها.

وذكّر البيان بأن «إعلان بعبدا» صدر في ختام جلسة الحوار الوطني، وشارك معظم أعضاء هيئة الحوار في مناقشة النص. وذكّر البيان بأنه تم التأكيد في ثلاث جلسات متتالية عقدت بعد جلسة إقراره، على توافق المتحاورين على «ضرورة الالتزام بشكل فعلي ببنود إعلان بعبدا لا سيما ما يتعلق منها بالتهدئة الأمنية والسياسية والإعلامية، ودعم الجيش، وتحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية والدولية». كما لفت إلى أن رئيس مجلس النواب نبيه بري «أعلن التوافق على بعض الصفحات كما جاء في الأصل، والتعديلات التي تمت إضافتها إلى صفحات أخرى، وهو تلا بصوته التعديلات المتفق عليها».