المالكي يقر بانتكاسة الوضع الأمني بسبب أحداث سوريا ويعول على مبادرة النجيفي

مسؤول تركي بارز يصف زيارة رئيس البرلمان العراقي لأنقرة بالناجحة

الرئيس التركي عبد الله غل مع عدد من المسؤولين الأتراك خلال لقائه برئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي والوفد المرافق له في أنقرة أمس («الشرق الأوسط»)
TT

أقر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بتأثير أحداث سوريا على مجمل الأوضاع الأمنية في العراق. وبينما تنفست الحكومة العراقية الصعداء بسبب تراجع احتمالات تعرض سوريا إلى ضربة عسكرية،رفعت مستوى التأهب والمخاوف في العراق إلى أبعد مدى .فقد بدا أن المالكي بات يراهن الآن على جهود خصمه العنيد رئيس البرلمان أسامة النجيفي في تسويق مبادرته التي طرحها الأسبوع الماضي لحل الأزمة السورية من خلال الجولة التي يقوم بها النجيفي حاليا إلى تركيا وجولته الأسبوع المقبل إلى إيران ومنها إلى دول أخرى مدرجة على جدول أعماله. وفي كلمته الأسبوعية قال المالكي إن «اجتماع القادة السياسيين الأخير خرج بضرورة حماية أمن العراق والمواطنين»، مبينا أن «المجتمعين اتجهوا نحو القضية الداخلية العراقية، التي انتكست بسبب ما يحدث في سوريا». وأضاف المالكي أنه «جرى توجيه الأجهزة الأمنية بضرورة احترام كرامة المواطن، وأن لا يكون في الجهد الأمني اليومي ما يثير أجواء سلبية باتجاهات طائفية»، مطالبا القادة الأمنيين بـ«مراقبة هذه الحالة بقدر ما يكونون حازمين في ضرب الإرهاب». وعلى صعيد المبادرة التي طرحها اخيرا أكد المالكي أن «مبادرة العراق، التي سيتحدث عنها الوفد البرلماني برئاسة رئيس البرلمان أسامة النجيفي في تركيا وإيران، كما ستتحدث عنها وزارة الخارجية، هي الحل لإنهاء الأزمة بعيدا عن القتال»، لافتا إلى «إننا نشد على رفضنا لكل من يتدخل في الشأن السوري الداخلي، لأنه يزيد تأجيجا ونارا واشتعالا». وفي وقت قلل فيه القيادي في كتلة «متحدون» التي يتزعمها النجيفي وعضو البرلمان العراقي مظهر الجنابي من أهمية الحديث عن وصول تفاهم كامل بين السياسيين خلال الاجتماع الأخير فإن المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء علي الموسوي أكد أن الاجتماع الأخير يعد نقطة تحول في التفاهمات السياسية. وقال الموسوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «التفاهم الذي ظهر خلال الاجتماع الأخير للقادة السياسيين جاء بسبب جسامة الأخطار المحيطة بالبلد لا سيما الأزمة السورية فضلا عن وجود تفاهمات قادت إلى حصول تفاهم على أمور هامة لعل في المقدمة منها أن المبادرة التي طرحها رئيس الوزراء بشأن الأحداث المتفاقمة في سوريا أصبحت الآن مبادرة عراقية وقد حملها معه السيد رئيس البرلمان النجيفي الذي سيبحثها مع القادة الأتراك ومن بعدهم القادة الإيرانيين وأي دول يمكن أن يقوم بزيارتها وهو تطور مهم جدا». وأوضح الموسوي أن «القادة السياسيين شعروا أن الخطر يهدد الجميع وبالتالي فإن الوصول إلى هذه القاعدة من التفاهمات التي لا نستطيع أن نعدها اتفاقا كاملا ولكنها أفضل من أي وقت مضى لأنها في الأقل باتت قاعدة للتفاهم المستقبلي حول مختلف الأمور». لكن عضو البرلمان مظهر الجنابي وهو قيادي في كتلة «متحدون» التي يتزعمها النجيفي قلل في تصريح مماثل لـ«الشرق الأوسط» من أهمية ما تم الاتفاق عليه قائلا إن «زيارة السيد النجيفي إلى تركيا ليست مرتبطة بمبادرة السيد المالكي بل هي زيارة مقررة منذ عدة شهور وقد لبيتالآن»، مؤكدا أن «النجيفي لن يتولى أمر الوساطة بين المالكي وأردوغان لأن هذه قد تكون مسائل شخصية بين الرجلين لكن النجيفي معني بالعلاقات بين دولتين هما العراق وتركيا كما أنه عند زيارته الوشيكة لإيران لن يبحث أمورا جانبية هنا أو هناك بل سيبحث قضايا تهم الدولتين حيث إن تركيا وإيران جارتان أزليتان للعراق وليس بإمكان أحد إزالتهما أو إزالة العراق من الخارطة». وأضاف الجنابي أن «مما يؤسف له أن السياسات الخاطئة التي اتبعتها الطبقة السياسية الحالية في عدم إبراز العراق كدور تاريخي وموقع جغرافي وثروات وموارد بقدر عرضه كطوائف وإثنيات هي التي جعلت الآخرين يتجرأون عليه جيرانا وغير جيران». وبشأن رؤيته لما حصل من تفاهمات في اجتماع القادة السياسيين قال الجنابي إن «الأمر ربما يكون شكلا صحيحا لكن من حيث واقع الحال فإننا كيف يمكن أن نفسر موقف الشيخ خالد العطية الذي حذف الفقرة الخاصة بمطالب المتظاهرين من البيان الختامي»، متسائلا «ألا يدل ذلك على انعدام وجود جدية في احترام الاتفاقات والتعهدات؟».

من جهته، وصف كبير مستشاري الرئيس التركي إرشاد هورموزلو زيارة رئيس البرلمان العراقي إلى تركيا بـ«الناجحة والبناءة». ونقل لـ«الشرق الأوسط» أن الرئيس عبد الله غل أكد خلال الاجتماعات مع النجيفي حرص تركيا على العلاقات الحسنة «مع كل مكونات العراق»، وقوله: «إن العلاقة الحسنة بين البلدين أمر طبيعي» وتشديده «على أهمية هذه العلاقات وسلوكها مسارا إيجابيا بما يخدم الأمن والاستقرار في المنطقة»، مؤكدا على أن تركيا تنظر إلى العراق ككتلة واحدة وهي تريد لعلاقاتها معه أن تكون على مستوى جيد.

وبدوره أكد مصدر رسمي تركي لـ«الشرق الأوسط» أن نتائج إيجابية كثيرة خرجت بها الزيارة. وقال المصدر الذي اشترط عدم ذكر اسمه أو صفته، إن «تفاهمات جرت لرأب الصدع»، كاشفا عن «زيارات متبادلة على مستوى عال سوف تحصل في القريب العاجل». وعما إذا كانت هذه الزيارات سوف تشمل رئيسي الوزراء، قال المصدر: «ليس بعد»، لكنه أشار إلى دعوات تركية لمسؤولين بارزين في الحكومة العراقية.