وسط استمرار التدهور الأمني.. لجان التنسيق الأمنية في المحافظات العراقية «حبر على ورق»

مقتل وجرح المئات وتفجيرات في بغداد وديالى خلال اليومين الماضيين

TT

في وقت يستمر فيه الجدل بين لجنة الأمن والدفاع البرلمانية من جهة وقيادة عمليات بغداد ووزارة الداخلية من جهة أخرى على صعيد الأوضاع الأمنية لا سيما في العاصمة العراقية بغداد التي يقطنها نحو 6 ملايين نسمة وباتت تحظى بأكبر نسبة من التفجيرات والاغتيالات، بالإضافة إلى الزحام المروري القاتل، فإن لجان التنسيق الأمنية في المحافظات خصوصا الغربية منها تعاني من تداخل الصلاحيات من جهة وعدم امتثال بعض القيادات والدوائر للسياقات الإدارية أو حتى لما هو مثبت في الدستور العراقي.

خارطة التفجيرات الإرهابية غالبا ما يجري توزيعها بطريقة تبدو متقنة من قبل المجاميع المسلحة أو حتى تنظيم القاعدة الذي بات يتبنى التفجيرات بالسيارات المفخخة أو العبوات الناسفة، لا سيما تلك التي تستهدف جوامع أو حسينيات، وكان آخرها قبل يومين من حصة بغداد التي شهدت تفجيرا في منطقة الكسرة وسط بغداد في حسينية التميمي، أسفر عن مقتل 40 شخصا وجرح 30، وهي حصيلة تنطوي على مفارقة لافتة حيث يكون عدد القتلى أكثر من الجرحى. وأمس انتقلت البوصلة إلى محافظة ديالى التي لا تزال البطن الأكثر رخاوة على صعيد العمليات الأمنية. وفي سياق استمرار تدهور الوضع الأمني هناك فقد قتل وجرح أكثر من 100 شخص في انفجار عبوتين ناسفتين استهدفتا مصلين بجامعين في منطقتين مختلفين من المحافظة.

وفي هذا السياق، أرجع الناطق الرسمي باسم محافظة ديالى تراث محمود تدهور الأوضاع الأمنية في المحافظة إلى «عدم وجود تنسيق حقيقي بين المحافظة والقيادات العسكرية والأمنية فيها». وأضاف محمود في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المحافظ من الناحية الواقعية وطبقا للدستور العراقي هو رئيس اللجنة الأمنية في المحافظة، وأن كل الدوائر والجهات العسكرية والأمنية مرتبطة به، لكن واقع الحال يشير إلى أن هذا مجرد حبر على ورق»، مشيرا إلى أن «قيادة العمليات والشرطة ونحو 15 جهازا أمنيا كلها تتلقى أوامرها من جهات من خارج المحافظة في وقت لا يملك فيه المحافظ صلاحية نقل شرطي أو حتى معاقبته، وبالتالي فإن استمرار هذا التناقض والتضارب في الصلاحيات والمواقف لا يمكن أن تكون نتيجته استقرارا أمنيا أو حتى سياسيا في المحافظة».

وكشف محمود أن «قرارا صدر أمس من مجلس شورى الدولة ووصلنا في إدارة المحافظة ينص على فك ارتباط العديد من الدوائر مثل التربية والبلديات والطرق والجسور من الوزارات المعنية وربطها بالمحافظة، لكني أقول لك إن هذا القرار سيبقى هو الآخر حبرا على ورق، فلا الوزارات تنفذ ولا هذه الدوائر سوف تلتزم بأي قرار أو أمر تصدره المحافظة لها».

وفي وقت رفضت فيه إدارة الإعلام في محافظة صلاح الدين الحديث عن الصلة بين المحافظ والقيادات العسكرية والأمنية في المحافظة، فإن محافظة نينوى الشمالية شكت هي الأخرى وعلى الرغم من استمرار تدهور الوضع الأمني هناك من عدم وجود تنسيق بينها وبين قيادة العمليات هناك. وقال مصدر مطلع في اللجنة الأمنية في المحافظة التي يرأسها المحافظ أثيل النجيفي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «المحافظ هو رئيس اللجنة الأمنية ولكن لا يوجد تنسيق مع قيادة العمليات، وحتى لو حصل اجتماع فإنهم إما لا يحضرون أو يرسلون مستويات بسيطة»، مشيرا إلى أن «لديهم سياقات وأوامر يتلقونها من مرجعياتهم ولا يعودون بشأنها إلى إدارة المحافظة».

وردا على سؤال بشأن تأثير ذلك على الأوضاع الأمنية في المحافظة قال المصدر المطلع إن «الوضع الأمني في الموصل سيئ جدا، وإن عدم التعاون هو أحد الأسباب، علما بأن المحافظة تسعى إلى التعاون لأن هذا من مصلحتها، لكن قيادة العمليات هي التي لا تريد التعاون لأسباب مختلفة وباتت معروفة». وبشأن الحادث الذي وقع، أمس، في ضواحي الموصل بمقتل عائلة كاملة بعد اقتحام منزلهم، قال المصدر المطلع «لقد تابعنا هذا الموضوع، وتأكد لنا أن هذا الحادث جنائي وليس إرهابيا، حيث إن رب المنزل هو من قتل نفسه وعائلته، ولم تتضح الأسباب والدوافع بعد».

من جهتها، اعتبرت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي أن عدم التنسيق هو أمر يكاد يكون طبيعيا على كل المستويات. وقال عضو البرلمان العراقي عن القائمة العراقية وعضو اللجنة مظهر الجنابي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «لجنة الأمن والدفاع تعاني هي الأخرى عدم التنسيق سواء لأسباب تتعلق باللجنة نفسها وبارتباطات أعضائها ببعض الكتل السياسية، أو عدم تعاون الجهات العسكرية والأمنية مع اللجنة».

وأضاف الجنابي أن «مظاهر عدم التعاون واضحة سواء على مستوى المحافظات أو المركز، حيث إننا في البرلمان عجزنا حتى الآن عن استضافة وليس استجواب القادة الأمنيين على الرغم من كل الكوارث التي نعاني منها على صعيد الأمن»، معتبرا «عدم احترام البرلمان والسياقات الأصولية هو سبب ما يجري في البلد حاليا من تدهور أمني وعدم توافق سياسي».