المصريون يتجاهلون دعوة «الإخوان» لـ«غزوة مترو القاهرة» ويردون بالأغاني الوطنية

يعتمد عليه ثلاثة ملايين مواطن.. والسلطات تعاملت مع تهديد الجماعة بجدية

محطة مترو الدمرداش بالقاهرة أمس بدت في حالة طبيعية («الشرق الأوسط»)
TT

لم تتمكن جماعة الإخوان المسلمين، أمس، من شل حركة مترو أنفاق القاهرة الكبرى الذي يعتمد عليه ملايين المصريين في تنقلاتهم اليومية، بعد أن دعت أنصارها، عبر نشطاء موالين لها، إلى تعطيل المترو والاعتصام في عرباته للمطالبة بعودة الرئيس المعزول محمد مرسي.

وعلى العكس من حالة الخوف، التي أسهمت فيها وسائل الإعلام الليلة قبل الماضية، بشأن الحشد الإخواني المتوقع لعرقلة عمل المترو الذي يغطي مدن القاهرة والجيزة والقليوبية، سادت أجواء شبه احتفالية في جانب ركاب المترو في تحد لدعوات «الإخوان». وانتظمت حركة السير وسط أغان وطنية أذاعتها محطات المترو بمشاركة الكثير من المواطنين الذين تطوعوا لمراقبة حركة السير وتأمينها.

وفي داخل محطة «الدمرداش» المكتظة بالركاب تعالت الأغاني وسط حراسة أمنية مشددة من الشرطة التي أذاعت بيانا منذ ساعات الصباح الأولى تحث فيه المواطنين على الإبلاغ عن أي جسم مشتبه به فورا، مشددة على الحفاظ علي المنشآت العامة والسلم العام.

ويقول محمد عبد الله، ناظر محطة الدمرداش: «حركة السير طبيعية ومنتظمة منذ ساعات الصباح الأولى وحتى الآن (مساء أمس)، وأعداد المواطنين تتزايد في تحد واضح لدعوات الإرهاب، الذي أصرت وزارة الداخلية على مواجهته بنشر قواتها بكثافة في هذا اليوم مع إذاعتها بيانا يساعد على الطمأنة العامة ونشر الوعي بين المواطنين في كيفية التعامل مع أي جسم غريب يوجد داخل المحطة».

ومنذ الليلة قبل الماضية توجهت أنظار المصريين إلى خطوط المترو الذي يخدم نحو ثلاثة ملايين مواطن، مع انتشار الحديث عن اعتزام جماعة الإخوان افتعال زحام في خطوطه الثلاثة، حيث حثوا أنصارهم على استخدام خطوط المترو والبقاء فيها لعدة ساعات من أجل افتعال زحام متعمد، كما نسب لهم أيضا إطلاق حملة «عطل سيارتك على الكوبري» لإحداث إرباك مماثل في حركة السيارات على الجسور الحيوية التي تربط القاهرة بمحافظتي الجيزة والقليوبية المتاخمة لها.

وتعاملت السلطات المصرية مع تهديدات تعطيل سير المترو بجدية. وقال رئيس الشركة المصرية لتشغيل مترو الأنفاق، عبد الله فوزي بحسب تصريحات نقلتها عنه وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية، إن «الشرطة وضعت القوات عند المحطات النهائية للخطوط الثلاثة لمراقبة من لا ينزل من القطارات بالإضافة إلى توفير أجهزة حديثة للكشف عن الأسلحة بأنواعها والمتفجرات».

وتزايدت أعداد المواطنين علي محطات المترو المختلفة الذي يعتبره الكثير منهم «وسيلة المواصلات الأسرع والأرخص على الإطلاق»، كما يقول صبري محمود 36 سنة (مندوب مشتريات)، ويوضح: «حركة المترو اليوم أكثر من طبيعية بداية من محطة المعادي (جنوب) التي ركبت منها، حيث أسكن هناك، وصولا إلى محطة الشهداء برمسيس (وسط)، مرورا بالمحطات المختلفة التي ظهر فيها جليا تجاهل المواطنين لدعوات جماعة الإخوان بشل الحركة فيها».

وتأتي تهديدات إرباك العاصمة في ذكرى مرور شهر على فض السلطات اعتصامين لأنصار جماعة الإخوان، سقط خلاله مئات القتلى. وتراجعت حدة المظاهرات التي شهدت أعمال عنف، وبدأت الجماعة التي وجهت لها السلطات ضربات أمنية متلاحقة في انتهاج استراتيجية استنزاف الدولة، بحسب مراقبين.

وكانت صفحة «صامدون» على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، المحسوبة على نشطاء شباب في جماعة الإخوان، قد أعلنت عن عزمها تطوير آليات العصيان المدني بما وصفوه بـ«احتلال» مترو الأنفاق ساعات الذروة وحملة «عطل عربيتك على الكوبري».

وقالت الصفحة في أحد التعليقات التي نشرتها أمس: «الدائري والمحور وكباري القاهرة جمعيها في شلل مروري تام، وهذا بسبب حركة عصيان مترو التي بدأت اليوم صباحا وتستمر فاعليتها وتزداد كل للحظة».

ورغم عدم إعلان جماعة الإخوان رسميا عن الخطة التي وصفتها وسائل إعلام محلية بـ«غزوة المترو»، يعتقد مراقبون ونشطاء أن هذا التكتيك استخدمته الجماعة من قبل في افتعال زحام في طوابير لجان الانتخابات.

وقال شهود عيان، إن لجانا شعبية نظمها العاملون بالمترو انتشرت في المحطات أمس لحمايتها من أي محاولة تخريبية من جانب «الإخوان»، بالإضافة إلى انتشار رجال الشرطة لتفتيش المشتبه بهم. وقالت مصادر أمنية، إن شرطة النقل والمواصلات أوقفت أمس ستة أشخاص في إحدى محطات المترو بعدما حاولوا تعطيل سيره.

وأضاف المصدر الأمني أنه تم الدفع بتشكيلات من الأمن المركزي في عدد من المحطات لمواجهة أي أعمال شغب محتملة، لافتا إلى أن أفراد الشرطة انتشروا في جميع المحطات، كما جرى الدفع بعناصر من الشرطة السرية داخل العربات لرصد أي محاولة لعمل تكدس داخل العربات.

وتتنامى المخاوف من تكتيكات مماثلة لتعطيل مرافق في الدولة خلال الشهر المقبل، خاصة مع بدء العام الدراسي في البلاد، وهو ما يشكل في حد ذاته عبئا على العاصمة التي تستقبل شوارعها نحو 20 مليون مواطن يوميا.

وعلى صعيد متصل، استبق القيادي البارز في جماعة الإخوان عصام العريان التصعيد الإخواني المزعوم، ووجه رسالة صوتية جديدة اتهم فيها السلطات المصرية بممارسة ما سماه «الإرهاب» ضد أنصار الجماعة السلميين. وأضاف في كلمة مسجلة بثتها فضائية «الجزيرة مباشر مصر» مساء أول من أمس: «أقول للمجتمع الأوروبي كله، إن منهج الثورة المصرية في استكمال الثورة هو البعد عن العنف، وعدم الانجرار للعنف المضاد، وما يقع في سيناء رد فعل واضح لتهميش طويل، وعنف ينال الحاضنة التي تنتج المزيد من العنف، وإننا ندين ما يحدث في سيناء، وندعو الدولة أولا وقواتها المسلحة والأمنية أن تكف عن العنف حتى لا تدع مجالا لعنف مضاد».

وأشار العريان إلى أن جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة (ذراعها السياسية) لم يرفضوا أي مبادرة تقوم على أساس عودة الشرعية، واحترام الدستور الذي استفتي عليه الشعب، وعودة البرلمان، على حد قوله.