علي بن حاج: التعديل الحكومي في الجزائر ليس تغييرا بل صراع قوى

بعد أن جرد بوتفليقة المخابرات العسكرية من صلاحيات التحقيق في الفساد

رمضان العمامرة وزير خارجية الجزائرالجديد لدى حضوره مؤتمرا صحافيا مع نظيره الكندي جون بايرد في مقر الوزارة بالعاصمة أمس (أ.ف.ب)
TT

قال القيادي الإسلامي الجزائري المعارض علي بن حاج إن «حربا خفية حادة تجري فصولها حاليا بين القوى الفاعلة في البلاد»، وعد التعديل الحكومي الموسع الذي وقع الأربعاء الماضي ليس تغييرا كما قد يظهر للبعض، بل هو صراع لن يستفيد منه الشعب الجزائري.

وذكر نائب رئيس «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المحظورة لـ«الشرق الأوسط»، أنه «يتوقع حربا إعلامية بين وسائل الإعلام التي تتبع كل واحدة منها لجهة، وهي كعادتها تتحول إلى ناطق باسم الجهة التي تتبع إليها، كلما اقتربت الانتخابات الرئاسية». وأوضح أن «حرب ملفات داخلية وخارجية خطيرة ستندلع»، في إشارة إلى فضائح فساد نشرتها الصحافة، وفجرتها أجهزة تحقيق تابعة للمخابرات العسكرية، ومست أشخاصا وجهات محسوبة على الرئيس عبد العزيز بوتفليقة شخصيا، وأشهرها اتهام وزير الطاقة السابق شكيب خليل بالضلوع في رشى وعمولات دفعت في إبرام صفقات بين شركة المحروقات «سوناطراك» الحكومية، وشركة «سايبام»، فرع «إيني» الإيطالية ومؤسسات كندية. ومعروف أن خليل صديق بوتفليقة منذ الصغر، وقد عينه وزيرا في الحكومة وكلفه بقطاعات حيوية في الاقتصاد، منذ بدايات حكمه. وكان خليل موظفا كبيرا في البنك العالمي قبل توليه الوزارة.

وقال بن حاج، الذي تتهمه السلطات بالتحريض على الإرهاب الذي دمر البلاد في عقد التسعينات من القرن الماضي، إن المسؤولين في البلاد «مهما أظهروا أن الأمور عادية، فاعلم أن هناك حربا خفية تقودها قوى داخلية وخارجية».

وتعتبر «قضية الوزير خليل»، بالذات، أحد فصول الصراع على السلطة بين ما يعرف بجماعة الرئيس وفريق محمد مدين، وهو قائد جهاز المخابرات. وكانت هذه القضية دافعا لاتخاذ إجراءات في غاية الأهمية نهاية الأسبوع الماضي، أهمها نزع صلاحيات التحقيق القضائي من «دائرة الاستعلام والأمن» (جهاز المخابرات يرأسه الجنرال محمد مدين المعروف بتوفيق)، وتكليف مصالح الدرك والشرطة حصريا بالإشراف على التحقيقات في قضايا الفساد. ويتبع الدرك للجيش الذي يتبع بدوره لوزير الدفاع الذي هو الرئيس بوتفليقة، بينما تتبع الشرطة لوزارة الداخلية، التي وضع بوتفليقة على رأسها في التعديل الحكومي الأخير، وزير العدل الأسبق الطيب بلعيز. وبلعيز هو من أشد الرجال وفاء لبوتفليقة. وبفضل هذه التغييرات، تمكن بوتفليقة من تقليص نفوذ المخابرات لأنه يرى أن التحقيقات التي أجراها ضباطها في المدة الأخيرة تستهدفه هو شخصيا.

ويعاني بوتفليقة حاليا من آثار إصابة بجلطة في الدماغ. ويشكل مرضه حلقة مهمة في الصراع الذي أصبح مكشوفا بينه وبين جهاز المخابرات بقيادة «توفيق». فالرئيس يرى أن جهاز الأمن القوي في البلاد، استغل مرضه وسعى إلى إضعافه بتوجيه تهم الفساد ضد أشخاص محسوبين عليه، وعلى شقيقه وكبير مستشاريه في الرئاسة، السعيد بوتفليقة.

وزيادة على «تقزيم» دور المخابرات في التحقيقات القضائية، أمر بوتفليقة بحل «مركز الاتصال والبث» الذي يتبع مباشرة للجنرال توفيق. وهو جهاز نافذ جدا يسيطر على ريوع الإشهار الحكومي الذي يدر أموالا طائلة على وسائل الإعلام، ويجري توزيع هذه الريوع وفق مقياس الولاء.

وفي نفس السياق، دعا أنور هدام، القيادي الإسلامي المعارض اللاجئ في الولايات المتحدة في بيان أمس، إلى «إيجاد إرادة سياسية وطنية من أجل استعادة الثقة بين جميع التيارات السياسية، ومن أجل انحياز المؤسسة العسكرية والاستخباراتية إلى الشعب». وتحدث هدام الذي انفصل عن «جبهة الإنقاذ» بعدما كان أحد قادتها، عن «تحركات غامضة يعرفها المشهد السياسي والأمني»، في إشارة إلى التغيير الحكومي والإجراءات المتخذة بخصوص الهياكل التابعة للمخابرات. وأضاف: «البلاد بحاجة إلى تغيير حقيقي للنظام السياسي القائم، وفي طريقة صنع القرار فيه بما يحقق للشعب الحرية والعدالة والتنمية والكرامة، ولدولته الاستقرار والأمن».

وتابع: إن «أحد المعالم الأساسية والملموسة لإحداث التغيير المنشود، يكمن في اعتماد أولوية استعادة السيادة للشعب، وفتح المجال لجميع أبنائه للمشاركة في التنافس السياسي التعددي النزيه، لخدمة الشعب وحماية مصالحه الاستراتيجية».