لبنان: الدعوة إلى «الحوار» تطغى على تشكيل الحكومة.. والخلاف في «التفاصيل»

نائب في كتلة بري يعد مبادرته لا تتعارض مع «إعلان بعبدا»

TT

طغت الدعوة إلى «الحوار» بين القوى السياسية اللبنانية على ما عداها من ملفات، ولا سيما تأليف الحكومة المتعثر منذ أكثر من خمسة أشهر بفعل الشروط والشروط المضادة من فريقي 8 و14 آذار. وفي حين يبدو واضحا من خلال المواقف السياسية أن كل الفرقاء اللبنانيين يرفعون لواء «الحوار» يبقى «شيطان الخلاف» واضحا في التفاصيل، ولا سيما تلك التي نصت عليها مبادرة رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، والتي تتضمن في أحد بنودها البحث في تشكيل الحكومة والبيان الوزاري المفترض. ويلقى هذا البند تحفظ الرئيس المكلف تمام سلام الداعي إلى تسهيل تأليف الحكومة أولا ومن ثم العمل على الحوار، وليس العكس، وفق ما أكدت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط». كما لاقى هذا البند وبنود أخرى اعتراض «تيار المستقبل» الذي اعتبر أنها تتعارض مع الصلاحيات الدستورية.

ومن المتوقع أن يشهد هذا الأسبوع نتائج الحراك الذي يقوده وفد كتلة بري من خلال سلسلة لقاءات يعقدها مع رؤساء الكتل النيابية، للاطلاع منهم على مواقفهم بشأن «خارطة الطريق» التي أعلنها بري قبل 3 أسابيع. وكان الوفد التقى الأسبوع الماضي كلا من الرئيس اللبناني ميشال سليمان ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والرئيس المكلف. واكتفى سلام خلال اللقاء بالاستماع إلى مضمون مبادرة بري، فيما ينتظر ليعبر عن موقفه بشأن تفاصيلها في الوقت المناسب، وفق ما ذكرت مصادر مقربة منه لـ«الشرق الأوسط».

وفي حين كان واضحا تمسك الرئاسة اللبنانية بوثيقة «إعلان بعبدا» التي اتفق عليها الفرقاء عام 2011 وتحديدا لجهة «النأي بالنفس» عن الأزمة السورية، وأيدها فريق 14 آذار في ذلك، جاءت مواقف نواب بري لتطمئن إلى عدم تعارض المبادرة مع «إعلان بعبدا»، وكذلك «الصلاحيات الدستورية»، وهو الأمر الذي قد يفتح كوة في «أزمة الحوار» المتفاقمة على وقع الأزمة السورية.

وفي هذا الإطار، أكد النائب في كتلة «التنمية والتحرير» ميشال موسى، أن «هدف الحوار إزالة العقبات أمام القضايا اللبنانية الأكثر إلحاحا، ومنها تأليف الحكومة»، مشددا في الوقت عينه على عدم تعارض المبادرة مع «إعلان بعبدا». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الصلاحيات الدستورية مصونة، وهي ملك أصحابها، والحوار ليس شرطا لتأليف الحكومة، ونتمنى أن تشكل الحكومة بأسرع وقت ممكن، لكن واقع الحال هو عكس ذلك، وخير دليل على ذلك التعثر الذي لا يزال مستمرا منذ تكليف الرئيس سلام، وبالتالي نأمل أن يساعد الحوار في تقريب وجهات النظر والاتفاق على تشكيل حكومة ترضي الجميع».

وفي حين دعا النائب في كتلة حزب الله علي فياض إلى تحاشي نقل الخلاف حول سوريا إلى لبنان، ذكر موسى بما تضمنته مبادرة بري لناحية إيجاد مخرج لفك الارتباط اللبناني بالأزمة السورية، مضيفا: «هذا الأمر ملك المتحاورين وسيجري مناقشته في جلسات الحوار».

وكان فياض شدد على ضرورة العمل لتفعيل الحوار، وقال: «إذا كنا مختلفين على سوريا فليبق اختلافنا عليها، لكن لا نستدعيها إلى لبنان، فاللبنانيون مطالبون بالحوار، وعليهم أن يقلعوا عن الشروط التي تعقد عملية الحوار والجلوس إلى طاولته، ومن يريد أن يحاور فليجلس إلى طاولة الحوار دون شروط مسبقة».

وفي حين رأى عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب عباس هاشم أنه لا بديل عن الحوار، أعلن النائب عن حزب «الكتائب» إيلي ماروني أن «موقف حزبه إيجابي من أي مبادرة قابلة للنقاش»، وشدد على موقف الكتلة الإيجابي أيضا من الحوار؛ لأنه وسيلة التواصل الضرورية والوحيدة بين اللبنانيين.

ونفى وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية في حكومة تصريف الأعمال المحسوب على حزب الله، محمد فنيش، أن يكون الحزب من معرقلي تشكيل الحكومة أو الحوار، رافضا في الوقت عينه التنازل عن معادلة الجيش والشعب والمقاومة التي أثبتت، بحسب قوله، جدواها وفاعليتها.

وقال خلال لقاء سياسي في بلدة تولين الجنوبية: «نحن بحاجة إلى العودة للخطاب العقلاني، وأن يعي البعض أن البلد لا يمكن أن يدار بخطاب انفعالي ولا باستجداء لتدخل خارجي»، مشددا على «أهمية العودة للتمسك بالثوابت الوطنية والتفكير جديا بإزالة الشروط لتشكيل الحكومة، وبالتواضع لمساعدة الرئيس المكلف تشكيل حكومة قادرة على تلبية الحد الأدنى من احتياجات اللبنانيين وفقا لقاعدة أساسية هي حفظ التوازن واحترام العيش المشترك والوفاق الوطني والداخلي واستقرار لبنان». وأكد أن «حكومة المصلحة الوطنية لا تكون إلا بمشاركة جميع المكونات الأساسية بما يتلاءم مع حجم تمثيلها في المجلس النيابي».

في المقابل، وعشية لقاء رئيس كتلة المستقبل النيابية رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، وفد بري، أكد النائب أحمد فتفت «الاستعداد للذهاب إلى الحوار بروحية إعلان بعبدا»، متهما الفريق الآخر «بمحاولة التملص من كل القرارات السابقة».

وكرر وصفه لمبادرة بري بـ«المراوغة السياسية» لدفع الأمور إلى مؤتمر تأسيسي أكثر منه حوارا وطنيا. ولفت إلى أن «موضوع الاستراتيجية الدفاعية وسلاح حزب الله موجود أصلا في بنود الحوار»، مبديا استغرابه من «التزام الرئيس بري بالـ1701 وحمل المقاومة السلاح على الحدود».

ولفت فتفت إلى أن «رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري أطلق عدة مبادرات إيجابية، إلا أن مبادرة الرئيس بري فيها طعن بالمؤسسات، والمؤهل الوحيد الذي يستطيع الدعوة إلى مؤتمر الحوار هو رئيس الجمهورية».