دمشق تنفي مسؤوليتها عن هجوم الغوطة الكيماوي

في أول رد رسمي على التقرير الدولي

TT

جدد نظام الرئيس السوري بشار الأسد أمس نفيه مسؤولية هجوم بالأسلحة الكيماوية في ريف دمشق الشهر الماضي أوقع مئات القتلى، وذلك بعد يوم من صدور تقرير المفتشين الدوليين الذي أكد استخدام غاز السارين في ذلك الهجوم ولمح ضمنا إلى وقوف القوات الحكومية وراءه. كما اتهم النظام الغرب بمحاولة عرقلة الحوار بينه وبين المعارضة السورية.

وقال مسؤول أمني سوري، أمس، لوكالة الصحافة الفرنسية إن مقاتلي المعارضة المسلحة يمتلكون صواريخ أرض - أرض مصنعة محليا بالإضافة إلى غاز السارين، وذلك في رد على المعلومات التي وردت في تقرير المفتشين التابعين للأمم المتحدة.

وقال المسؤول في أول رد فعل سوري عقب نشر التقرير «أنفي 100% استخدام الجيش السوري هذه المادة»، مشيرا إلى أن «لا مبرر للجوء إلى هذا السلاح، لأننا نحقق انتصارات على الأرض». وأضاف أن «من يلجأ إلى هذا السلاح هو المنهزم الذي وصل إلى مرحلة الانتحار»، مشيرا إلى أن القوات النظامية «تحقق تقدما في كل المناطق، والعمليات جارية وفق الخطة الموضوعة». وأشار المسؤول إلى أن «الإرهابيين يصنعون صواريخ أرض - أرض محليا، ومن المرجح أن يكونوا قد استخدموا غاز السارين فيها».

وأضاف ردا على سؤال: «إن الإرهابيين يعلمون تمام المعرفة كيفية تركيب المادة على رؤوس الصواريخ»، مشيرا إلى أنهم «تلقوا تدريبات على أيدي خبراء من المخابرات الأميركية والفرنسية والبريطانية يعملون معهم على الأرض». من جهة أخرى، وفي رده حول أسباب امتلاك النظام السوري للسلاح الكيماوي، قال المسؤول الأمني السوري: «في لحظة تاريخية معينة ولإيجاد نوع من التوازن الاستراتيجي مع العدو الصهيوني، كان هناك توجه لامتلاك هذا السلاح». وزعم أن هذا السلاح موجود «فقط ليشكل حالة ردع مقابل العدو الصهيوني الذي يملك ترسانة من أسلحة الدمار الشامل».

وكان رئيس الوزراء السوري، وائل الحلقي، قال إن توقيع بلاده على اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية لا يعني أن ليس لديها إمكانات أخرى يمكن أن تغنيها عن استخدام هذا السلاح.

وأضاف في تصريحات أوردتها وكالة الأنباء الألمانية، نقلا عن موقع إلكتروني لبناني، أن «اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية التي وقعت عليها سوريا أخيرا ستدخل حيز التنفيذ اعتبارا من الرابع عشر من الشهر المقبل، وأنها ستلتزم ما تم الاتفاق عليه أخيرا».

وأما عن الأسلحة الاستراتيجية الأخرى التي تمتلكها سوريا بعد أن تتخلى عن الأسلحة الكيماوية، أجاب الحلقي: «إذا كان لديك سلاح استراتيجي (الكيماوي) ولا تستطيع أن تستخدمه لإيجاد توازن مع العدو (إسرائيل) وكان لديك تجهيزات وأسلحة استراتيجية أخرى تفي بالغرض أكثر من هذا السلاح، فلماذا وجود هذا السلاح إذا كان يجنب البلاد ضربة عسكرية قد تدمر كثيرا من البنى الخدمية والاقتصادية وكذلك إزهاق كثير من أرواح المدنيين؟». وأضاف أن «سوريا لديها كثير من الإمكانات التي تغنيها عن استخدام هذا السلاح وتؤلم به العدو».

وفي غضون ذلك، اتهم النظام السوري الدول الغربية أمس بالسعي لفرض إرادتها على الشعب السوري، وذلك ردا على توجه وزراء خارجية الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا لتقديم مشروع قرار يجرد النظام السوري من أسلحته الكيماوية ويجيز استخدام القوة ضد سوريا.

وقال مصدر في وزارة الخارجية، في تصريح أوردته وكالة الأنباء الرسمية (سانا)، أمس: «في تأكيد جديد على حجم تورطهم في الأزمة بسوريا وسعيهم المحموم لفرض أجنداتهم وإرادتهم على الشعب السوري، حاول وزراء خارجية الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وبريطانيا الترويج لمواقفهم المتناقضة والتوفيق بين مزاعم دعمهم للحل السياسي وتورطهم في استمرار العنف وفي دعم المجموعات الإرهابية المسلحة المرتبطة بـ(جبهة النصرة) التي تستمر في ارتكاب جرائمها ضد الشعب السوري بهدف إطالة أمد الأزمة».

وكان وزراء خارجية الولايات المتحدة جون كيري، وفرنسا لوران فابيوس، وبريطانيا ويليام هيغ، عقدوا أول من أمس مؤتمرا صحافيا مشتركا في باريس. وقال كيري خلال المؤتمر إن «الأسد فقد أي شرعية تخوله أن يحكم بلاده»، مؤكدا التزام الدول الثلاث حيال المعارضة. وقال المصدر السوري إن «سوريا أكدت في مناسبات متعددة الالتزام بالحل السياسي القائم على الحوار بين السوريين بقيادة سوريا بما يمكن الشعب السوري من رسم مستقبله بنفسه»، متهما الغربيين بـ«استباق نتائج الحوار». وأضاف أن سوريا «تؤكد اليوم وجوب أن تحترم أي عملية سياسية، يتم التوافق عليها دوليا، خيارات الشعب السوري وأن تبتعد عن أي محاولات لمصادرة إرادته بشكل مسبق».

وتابع أن الأسد «هو الرئيس الشرعي الذي اختاره الشعب السوري، وسيبقى كذلك طالما أراد الشعب السوري ذلك، وهو يمارس صلاحياته بموجب الدستور الذي أقره الشعب السوري»، مضيفا: «من لا تعجبه هذه الحقيقة، فعليه ألا يذهب إلى مؤتمر جنيف»، في إشارة إلى المؤتمر الذي تدعو إليه موسكو وواشنطن لإيجاد حل سلمي للأزمة السورية.