تشكيل هيئة للدفاع القانوني عن المسلمين في فرنسا

بمبادرة من محام جزائري الأصل ممنوع من ممارسة المهنة

كريم عشوي
TT

أعلن محام فرنسي من أصل جزائري استكمال رخصة تسجيل هيئة قانونية جديدة تتولى الدفاع عن المسلمين في القضايا التي يتعرضون فيها للظلم والتعدي بسبب دينهم. وكشف متحدث باسم الهيئة، في لقاء عقد في باريس، أول من أمس، عن أنها ستبدأ نشاطها بتقديم شكوى قضائية ضد صحيفة «شارلي إبدو» بسبب نشرها رسوما ساخرة مسيئة إلى الإسلام.

وينوي القائمون على الهيئة، وبينهم المحامي الإشكالي كريم عشوي، الممنوع حاليا من ممارسة المهنة، توفير الدفاع اللازم للأفراد من ضحايا التمييز بسبب إسلامهم أو قناعاتهم الدينية، سواء في الميدان العام أو الخاص. ومن المقرر أن تشكل الهيئة خلية مراقبة تتابع الأعمال التي تتسم بالترويع من المسلمين، أي ما بات يعرف في فرنسا بـ«إسلاموفوبيا». كما ستتقدم الهيئة بدعاوى الحق المدني أمام المحاكم ضد المسيئين إلى الإسلام.

لمع المحامي الشاب في فضاء العدالة ولفت الأنظار بأسلوبه الباذخ في العيش وعلاقاته مع أوساط رفيعة. كما لاحقته الأضواء بعد أن تولى الدفاع عن عدد من كبار الخارجين على القانون ومافيات السطو المسلح. لكن صعوده المهني أصيب في مقتل، عام 2008، بعد اتهامه بتسريب معلومات لموكليه داخل السجن والمشاركة في عملية تهريب أحدهم. وحوكم عشوي وصدر عليه حكم بالسجن مدة سبع سنوات، وحرم من مزاولة المحاماة.

ورغم حرمانه من الوقوف في منصة الدفاع، فإنه من الواضح أن المحامي السابق سيستخدم كافة خبراته لإنجاح عمل الهيئة الجديدة، إذ شرح أن الدعوى ضد «شارلي إبدو» لن تكون بسبب الرسوم القديمة، بل لإهانتها المصحف في رسوم جديدة نشرت عند تغطيتها الأحداث في مصر. وأضاف أن عددا من المسلمين وجدوا في هذه الرسوم تحريضا على الكراهية العنصرية. لذلك، قرر، بالتعاون مع زميله جان مارك فلوران ومحامين آخرين بينهم رولان دوما، وزير الخارجية الأسبق، التقدم بشكوى قضائية ضد المجلة.

وحسب عشوي، فإن الهيئة تطمح إلى القيام بدور هجومي ضد «أولئك الذين يتخذون من الرسوم الكاريكاتيرية ومن حرية التعبير حجة لبث أفكار مضللة يستخدمها زعماء سياسيون معينون في ازدراء الحريات الأساسية». لهذا، فإن الهيئة تريد أن تقوم بنشاط يتجاوز محاربة التمييز، لأن العنصرية في فرنسا، اليوم، تتجلى في الترويع من الإسلام. كما انتقد المحامي السابق الأوساط الثقافية التي تجهل الإسلام وتعوض جهلها بالسخرية منه وبالتلطي وراء مبادئ العلمانية، الأمر الذي وصفه بنوع متعال ومبطن من العنصرية وكراهية العرب. وقال إن علمانية الدولة تعني الحياد، أي ألا تتدخل في قضايا الدين.

وسبق لعشوي أن أوضح في تصريحات سابقة أن قرار نقابة المحامين بشطبه من لائحة مزاولي المهنة ليس نهائيا. وهو ما زال يعتقد أن أفرادا مرتشين في جهاز الشرطة كانوا سببا في الحملة ضده وفي حادث الاغتيال الذي تعرض له عام 2007 حين أطلق مجهول عليه النار وأصابه بثلاث رصاصات وهو خارج من مكتبه في باريس.

وبدأت محكمة في باريس، أمس، النظر في دعوى تقدم بها ضد المتسببين في محاولة اغتياله التي كان قد أوضح ملابساتها ودوافعها في كتاب بعنوان «محام مطلوب قتله». وهناك من يرى أن نشاطه لتشكيل هيئة الدفاع عن المسلمين في فرنسا هو بمثابة الرد على ظلم يعتقد أنه كان أحد ضحاياه. وهو لم يتردد في التصريح بأن الذي استفز خصومه هو أن ينجح محام شاب من أصل جزائري، مولود في عائلة متواضعة لأب مهاجر عمل في مصانع «رينو» للسيارات، في أن يفتح مكتبا في أرقى أحياء العاصمة ويكسب قضاياه ويربح مالا كثيرا.