الخرطوم تهاجم واشنطن لرفضها منح البشير تأشيرة دخول

الولايات المتحدة نصحته بتسليم نفسه للجنائية الدولية

TT

أبدت الحكومة السودانية استنكارها الشديد لقرار حكومة الولايات المتحدة الأميركية برفض منح الرئيس عمر البشير تأشيرة دخول لقيادة وفد السودان المشارك في اجتماعات الدورة 68 للجمعية العمومية للأمم المتحدة المنعقد في مقر المنظمة بولاية نيويورك.

وقالت الخرطوم في بيان صادر عن وزارة الخارجية أمس إن «الرئيس البشير لا يرغب في زيارة دولة المقر - الولايات المتحدة الأميركية، بل مقر رئاسة الأمم المتحدة، باعتبار مشاركته وقيادته لوفد السودان لاجتماعات الجمعية العمومية حق مكفول قانونا لكل الدول الأعضاء في المنظمة الدولية، وتبعا لذلك فإن حكومة الولايات المتحدة ملزمة قانونا بإصدار تأشيرات لكل ممثلي الدول الأعضاء».

ووصف بيان الخارجية السودانية الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه الحكومة الأميركية بـ«غير المؤهلة أخلاقيا أو سياسيا لتقديم المواعظ والنصائح»، فيما يتعلق باحترام القانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان، بسبب «سجلها المعلوم في ارتكاب جرائم الحرب وإبادة شعوب بأكملها».

ونقلت وكالات الأنباء أمس أن مندوبة واشنطن في الأمم المتحدة السفيرة سامنثا باور، سخرت من أنباء تتحدث عن رغبة الرئيس السوداني في الحضور إلى نيويورك، للمشاركة في افتتاح الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقالت الخارجية الأميركية إنها «تلقت طلبا من البشير عبر سفارة واشنطن في الخرطوم لمنحه تأشيرة دخول»، وأضافت أنه «يتعين عليه عدم القيام بتلك الرحلة لأنه متهم بجرائم حرب».

وقالت السفيرة باور: «لقد قرأت أخبارا تتعلق برغبة البشير، المتهم في ارتكاب جرائم أمام المحكمة الجنائية الدولية، الحضور إلى هنا من أجل المشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ونحن نرى أن زيارته غير مناسبة ومدعاة للسخرية وللأسف».

وذكر بيان الخارجية السودانية شديد اللهجة أن الحكومة الأميركية «قتلت أكثر من مليون عراقي في آخر انتهاكاتها لحقوق الإنسان إبان غزوه عام 2003، وضللت العالم بأكاذيب متعمدة كشفها مسؤولون أميركيون سابقون».

واعتبرت الخارجية السودانية استخدام الإدارة الأميركية للمحكمة كذريعة لمنع الرئيس السوداني من زيارة مقر الأمم المتحدة بأنه «مدعاة للسخرية»، لأنها ليست عضوا في تلك المحكمة، وأنها لم توافق على صدور قرار مجلس الأمن 1593 لعام 2005 بإحالة الوضع في دارفور للمحكمة الجنائية الدولية إلا بعد أن تم تضمين نص يحمي مواطنيها من الوقوع تحت طائلته، وعقدت اتفاقيات ثنائية لاستثناء مواطنيها من المثول أمام المحكمة.

وأضافت: «لذا فإنه مدعاة للسخرية أن تستخدم الإدارة الأميركية موضوع المحكمة الجنائية الدولية التي تعارضها ذريعة لانتقاد طلب تأشيرة دخول للسيد رئيس الجمهورية (السودانية)».

وأكد البيان تمسك السودان بكامل حقه في المشاركة على أعلى مستوى في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة للدورة 68، وطلب من الولايات المتحدة الوفاء بواجبها كدولة مقر، وإصدار تأشيرات الدخول اللازمة بأسرع ما يمكن.

وحسب بيان الخارجية فإن الرئيس البشير تلقى دعوة من مؤسسة «أوبا سانغو» للمشاركة في منتدى يضم عددا من القادة الأفارقة في نيويورك، ينعقد على هامش اجتماعات الجمعية العامة، وبناء على تلك الدعوة قرر البشير قيادة وفد السودان لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، واتخذت وزارة الخارجية الإجراءات اللازمة لتأمين الحصول على تأشيرات الدخول له ووفده المرافق.

وكشفت الخارجية الأميركية الاثنين عن تقديم الرئيس السوداني للحصول على فيزا دخول للولايات المتحدة الأميركية للمشاركة في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، واجتماع مجلس السلم والأمن الأفريقي على مستوى الرؤساء، والذي يعقد على هامش أعمال الجمعية.

وأكدت المتحدثة باسمها ماري هارف أن وزارتها تلقت طلبا من البشير للحصول على الفيزا لحضور اجتماع الجمعية العامة، بيد أنها استنكرت أي جهد من جانبه لإتمام تلك الزيارة، ولم تعقب على ما إن كان البشير سيمنح التأشيرة، بيد أنها قالت إن عليه تسليم نفسه للمحكمة الجنائية في لاهاي.

يذكر أن وفدا سودانيا يضم وزير الخارجية علي كرتي، ووزير شؤون الرئاسة بكري حسن صالح، ووزيرة الرعاية الاجتماعية مشاعر الدولب سيشارك في اجتماعات الجمعية العام للأمم المتحدة.

وصدرت في مارس (آذار) 2009 عن المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق البشير، اتهمته بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، كأول رئيس دولة تطالب المحكمة بتوقيفه وهو في سدة الحكم. فضلا عن مذكرة قبض أخرى بحق وزير دفاعه عبد الرحيم محمد حسين بذات التهم، ومذكرتي قبض سابقتين بحق والي شمال كردفان الحالي أحمد هارون، والقيادي في ميليشيات الدفاع الشعبي شبه النظامية علي كشيب. وتدفع الخرطوم بأنها غير موقعة على ميثاق روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية، فيما تقول المحكمة إن القضية أحيلت إليها بطلب من مجلس الأمن الدولي للتحقيق في الجرائم التي ارتكبت في إقليم دارفور.

ومنذ صدور أمر التوقيف ظلت سفريات البشير الخارجية تواجه صعوبات جمة، ولم يزر سوى دول إثيوبيا وتشاد وإريتريا والصين، باعتبارها دولا صديقة لحكومة الخرطوم. بيد أنه واجه صعوبات جدية عندما سافر إلى نيجيريا في مايو (أيار) الماضي، ونقلت تقارير أنه قطع زيارته لحضور اجتماعات قمة عقدها الاتحاد الأفريقي هناك، وعاد على عجل بعد أن تعرضت السلطات النيجيرية لضغوط من ناشطي المجتمع المدني الذين طالبوا بتوقيفه.