فرنسا ترفض تشكيك روسيا في «موضوعية» المفتشين الدوليين.. وواشنطن تصف لافروف بأنه «يسبح ضد التيار»

خلافات مستمرة في مجلس الأمن بشأن سوريا.. ودبلوماسيون يستبعدون تصويتا قريبا

TT

يتسع نطاق الخلاف بين واشنطن وحليفتيها لندن وباريس من جهة، وموسكو، من جهة أخرى، حول تفسير اتفاق جنيف في شأن تدمير الترسانة الكيماوية السورية. واتهمت الخارجية الأميركية مساء أول من أمس وزير الخارجية الروسي بأنه «يسبح عكس التيار» بعد إصراره على مسؤولية المعارضة السورية عن هجوم الغوطة الكيماوي، بينما رفض وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس التشكيك الروسي في «موضوعية» مفتشي الأمم المتحدة وتقريرهم الذي لمح ضمنا إلى مسؤولية نظام الرئيس السوري بشار الأسد عن الهجوم الكيماوي الذي أودى بحياة المئات. وكان من المقرر عقد اجتماع بين الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي (الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا والصين وبريطانيا) مساء أمس لبحث مشروع قرار حول تفكيك الترسانة الكيماوية السورية بعد اجتماع «غير مثمر» عقد مساء أول من أمس لم يحرز خلاله المجتمعون بعد نحو ساعة من النقاشات أي تقدم. وقال دبلومسي إن «الجو كان بناء ولكن المشاكل لم تحل وسوف نواصل التفاوض».

ودارت المناقشات في نيويورك بين الدبلوماسيين الأميركيين والبريطانيين والفرنسيين والروس والصينيين وركزت على صياغة مشروع قرار حول ترسانة الأسلحة الكيماوية السورية قبل وضعها أمام مجلس الأمن المؤلف من خمس عشرة دولة. ويهدف مشروع القرار إلى دعم الاتفاق الروسي الأميركي الذي تم التوصل إليه في جنيف السبت الماضي في اجتماع وزيري الخارجية الأميركي جون كيري مع نظيره الروسي لافروف الذي يدعو سوريا لتقديم كافة المعلومات عن ترسانتها الكيماوية في غضون أسبوع وتدمير تلك الترسانة بحلول منتصف عام 2014.

وشهد اجتماع الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن مساء الثلاثاء خلافا حول العبارات المقترحة لصياغة مشروع القرار، حيث اعترضت روسيا على مقترحات الدول الثلاث بوضع عبارات واضحة حول التهديد باستخدام القوة العسكرية في حال عدم التزام سوريا تحت البند السابع.

وتجادل روسيا حول عبارات تحمل الحكومة السورية مسؤولية استخدام الأسلحة الكيماوية وعبارات الإدانة ضد النظام السوري وتطالب بضرورة الإشارة إلى مسؤولية أطراف أخرى في المعارضة السورية، وما إذا كان يجب تقديمهم إلى المحكمة الجنائية الدولية كمجرمي حرب. وتحاول روسيا أن يتم صياغة القرار وفقا للبند السادس الذي يتطلب حلا تفاوضيا وليس عسكريا.

واستبعد دبلوماسيون إجراء تصويت على مشروع القرار في وقت قريب، في ظل تلك الاعتراضات الروسية، وأشاروا أن الأزمة السورية ستلقي بظلال قوية على اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 68 وعلى مناقشات، واجتماعات 131 من رؤساء الدول والحكومات و60 وزير خارجية الذين يشاركون في الاجتماعات، وهو أعلى رقم لرؤساء الدول المشاركين، تسجله اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في تاريخها.

أعطى الاتفاق الذي توصلت إليه كل من روسيا والولايات المتحدة السبت الماضي - حول وضع الأسلحة الكيماوية السورية تحت الإشراف الدولي وتدميرها – زخما داخل الأمم المتحدة خاصة بعد الطلب الرسمي الذي تقدمت به سوريا للانضمام رسميا لمعاهدة حظر الأسلحة الكيماوية.

ووفقا لمصادر دبلوماسية من المتوقع أن تقدم سوريا قائمة بكافة تفاصيل مخزوناتها من الأسلحة الكيماوية ومرافق التخزين بحلول يوم السبت القادم كخطوة أولى، بهدف تحديد وتدمير تلك الأسلحة بحلول منتصف عام 2014 مع اتفاق يحدده مجلس الأمن لاستعراض مدى التزام الحكومة السورية لقواعد منظمة حظر الأسلحة الكيماوية.

وفي غضون ذلك، انتقدت الولايات المتحدة بشدة وزير الخارجية الروسي إثر تأكيده مجددا أن الهجوم الكيماوي ليس من تنفيذ النظام السوري. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية جنيفر بساكي مساء أول من أمس «لقد قرأنا بالطبع تعليقات الوزير لافروف. إنه يسبح عكس تيار الرأي العام العالمي، والأهم من ذلك، عكس الوقائع».

واستندت المتحدثة الأميركية إلى تقرير مفتشي الأمم المتحدة الذي نشر الاثنين، موضحة أنه «يؤكد من دون لبس أنه استخدمت أسلحة كيماوية في سوريا بما فيها غاز السارين». وأضافت: «إذا استندنا إلى معلوماتنا الاستخباراتية الخاصة التي تضمنها التقرير، فإن الكثير من التفاصيل الأساسية تؤكد أن نظام الأسد ارتكب هذا الهجوم» الذي وقع في 21 أغسطس (آب) قرب دمشق وخلف بحسب واشنطن 1429 قتيلا. بينما شدد وزير الخارجية الأميركي جون كيري على أن الاتفاق الأميركي - الروسي يجب أن يدعمه قرار من الأمم المتحدة له قوة إجبار الأسد على الامتثال. وقال كيري للصحافيين في الكونغرس «لن يحدث ذلك إلا مع إصدار الأمم المتحدة قرارا قويا. ولن يحدث إلا بإنفاذ العالم له مع وقوف روسيا بجانبنا في هذا الجهد وأخيرا سيحدث حينما يفي الأسد بما وافق على فعله».

وبدوره، انتقد وزير الخارجية الفرنسي التشكيك الروسي بتقرير المفتشين، وقال فابيوس: «لا يمكن لأحد التشكيك بموضوعية» مفتشي الأمم المتحدة.

وأضاف في تصريحات للصحافيين أن «لا يمكن لأحد التشكيك بموضوعية الأشخاص الذين عينتهم الأمم المتحدة». كما أبدى «استغرابه الشديد» إزاء التصريحات التي أدلى بها لافروف والتي ندد فيها بـ«الخلاصات المسيسة، المنحازة والأحادية» من جانب مفتشي الأمم المتحدة.

وفي سياق متصل، أكد رئيس فريق المفتشين الدوليين أيك ساليستروم عودة فريقه إلى سوريا خلال أيام قليلة لاستئناف التحقيقات وجمع العينات حول مزاعم استخدام الأسلحة الكيماوية في منطقة خان العسل ومناطق أخرى. وأوضح ساليستروم أن كل ما توصل إليه فريقه في التقرير «الجزئي» الذي أعلن نتائجه الاثنين الماضي، أن غاز الأعصاب السارين استخدم قبل وصول الفريق إلى سوريا بخمسة أيام وأن تركيبة الغاز لم تكن بسيطة أو من النوع الذي يمكن تحضيره منزليا، موضحا أنه لم يتسن للفريق معرفة الطرف المسؤول عن تخزين وإطلاق الغاز واستخدامه ضد المدنيين. ومن المتوقع أن يصدر التقرير النهائي لفريق التحقيق الأممي خلال أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

من جهته، قال الأمين العام للحلف الأطلسي أندرس فوغ راسموسن أمس أن الخيار العسكري يجب «أن يبقى مطروحا» للضغط على النظام السوري كي يحترم الاتفاق الروسي - الأميركي حول تفكيك ترسانته الكيميائية.

وفي تصريح عقب لقاء مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، رحب راسموسن بالاتفاق مضيفا أنه ينتظر «من النظام السوري أن يمتثل كليا لمطالب المجتمع الدولي».