الرئيس الموريتاني يجري أوسع تعديل وزاري منذ وصوله إلى الحكم

شمل 12 وزارة ضمنها الخارجية والداخلية.. وعد رفضا لمطالب المعارضة بتشكيل حكومة «وحدة وطنية»

TT

أجرى الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز تعديلا موسعا على حكومة رئيس الوزراء مولاي ولد محمد لغظف، شمل 12 وزارة من بينها وزارتان سياديتان، هما الخارجية والتعاون والداخلية واللامركزية؛ فيما دخلت التشكيلة الحكومية شخصيات جديدة على غرار السفير الموريتاني السابق لدى إسرائيل أحمد ولد تكدي الذي تولى حقيبة الخارجية والتعاون.

فمنذ أن وصل الرئيس الموريتاني إلى الحكم في انقلاب أغسطس (آب) 2008، وانتخابه بعد ذلك في انتخابات رئاسية نظمت في يوليو (تموز) 2009، ظل يحتفظ بالتشكيلة الحكومية نفسها تقريبا، مع تعديلات طفيفة يجريها بين الفينة والأخرى. ويعد هذا التعديل الأوسع مقارنة بالتعديلات السابقة، حيث حمل دلالة سياسية واضحة، في وقت تستعد فيه البلاد لخوض انتخابات تشريعية وبلدية تهدد المعارضة بمقاطعتها. وجرت، بموجب هذا التعديل الجزئي الصادر في مرسوم رئاسي، إقالة ستة وزراء، على رأسهم وزير الداخلية واللامركزية محمد ولد ابيليل، الذي بلغ منذ أكثر من عام سن التقاعد.

وتتحدث بعض المصادر لـ«الشرق الأوسط» عن نية حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم ترشيح ولد ابيليل للانتخابات التشريعية نائبا عن إحدى المقاطعات المحلية، وأكدت المصادر ذاتها أن ولد ابيليل يستعد ليكون رئيس الجمعية الوطنية ليخلف رئيسها الحالي مسعود ولد بلخير رئيس حزب التحالف الشعبي التقدمي المعارض. ويوجد من بين الوزراء الذين أطاح بهم التعديل وزير الدولة للتهذيب أحمد ولد باهية، وهو أحد المقربين من الرئيس الموريتاني، وكان يشغل منصب «وزير الدولة» (منصب أرفع من وزير) الوحيد في الحكومة الموريتانية، حيث تتبع له عدة وزارات، وكان ولد باهية محل انتقادات واسعة من طرف التيار الإسلامي بعد قرار أعلنه العام الماضي بإغلاق المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية في نواكشوط، وهو القرار الذي تراجع عنه أمام ضغط طلابي كبير.

كما أطيح بكل من وزير الصيد والاقتصاد البحري ووزير العدل ووزير الطاقة والمعادن ووزير المياه والصرف الصحي. وشهد التعديل الحكومي تغيير مواقع بعض الوزراء، حيث انتقل وزير الخارجية والتعاون حمادي ولد حمادي إلى وزارة الصيد والاقتصاد البحري. وسبق لولد حمادي أن حمل حقيبة الدفاع الوطني، قبل أن يحمله تعديل حكومي سابق إلى وزارة الخارجية والتعاون، كما جرى إعفاء وزير التعليم الأساسي جا مختار ملل من مهامه، وتعيينه أمينا عاما للحكومة، وهو ناشط حقوقي سبق أن كان محاسبا في السفارة الإسرائيلية في نواكشوط.

وفي غضون ذلك، وجدت شخصيات جديدة الطريق نحو الفريق الحكومي، حيث جرى تعيين السفير الموريتاني السابق لدى إسرائيل أحمد ولد تكدي في منصب وزير الشؤون الخارجية والتعاون، كما عين محمد ولد أحمد سالم ولد محمد رارة وزيرا للداخلية واللامركزية، وهو إداري معروف، كان يشغل منصب والي إحدى المحافظات الداخلية. وأدخل الرئيس الموريتاني من خلال هذا التعديل تغييرات على هيكلة الحكومة، حيث ألغى وزارة الدولة الوحيدة في الحكومة، وهي وزارة الدولة للتهذيب، لتتحول ثلاث وزارات كانت منتدبة لدى وزير الدولة للتهذيب إلى وزارات مستقلة، ويتعلق الأمر بوزارات، التعليم الأساسي والتعليم الثانوي والتعليم العالي والبحث العلمي، وتولى الأخيرة إسلكو ولد أحمد إزيد بيه، الذي كان يشغل منصب مدير ديوان رئيس الجمهورية، والذي سبق له أن تولى رئاسة جامعة نواكشوط.

ويأتي هذا التعديل الحكومي في ظل مطالب رفعتها منسقية المعارضة الموريتانية، التي تضم 11 حزبا سياسيا، بتشكيل حكومة وحدة وطنية تكون توافقية بين مختلف الأطراف السياسية، وهو ما ظل الرئيس الموريتاني يرفضه بشدة، مؤكدا أنه لن يشرك المعارضة في إدارة البلاد. وتشترط المعارضة تشكيل حكومة وحدة وطنية من أجل المشاركة في الانتخابات التشريعية والبلدية المزمع تنظيمها يوم 23 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، فيما يرى مراقبون أن هذا التعديل الحكومي أقدم عليه الرئيس ليؤكد للمعارضة أنه ماض في الاعتماد على رئيس الوزراء ولد محمد لغظف وطاقمه الحكومي.

وأفادت مصادر شبه رسمية لـ«الشرق الأوسط» بأن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز عبر عن استعداده للقاء منسقية المعارضة والتشاور معها بخصوص الشروط التي تطرحها للمشاركة في الانتخابات المقبلة، ولكنه في الوقت نفسه رفض أن يلتقيها ككتلة سياسية وإنما كأحزاب منفردة، وهو ما يدخل في سياق لقاءات تشاورية تعود الرئيس عقدها مع رؤساء الأحزاب السياسية دون الكتل والتحالفات السياسية.

وسبق للمنسقية أن رفضت دعوة تقدم بها الرئيس الموريتاني عبر رئيس الوزراء يعرض فيها عقد لقاءات مع بعض رؤساء الأحزاب المنضوية في إطارها، واشترطت المنسقية للقاء الرئيس أن تأتيها دعوة بوصفها كتلة سياسية وليس دعوات متفرقة تأتي لكل حزب على حدة.