القيادات الفلسطينية بعد تطويقها التوتر في عين الحلوة: أمن المخيمات «خط أحمر»

اشتباكات بين فتح و«جند الشام» غداة بدء «القوة الأمنية المشتركة» مهامها

TT

ضبطت القيادات الفلسطينية التوتر الأمني في مخيم عين الحلوة، جنوب لبنان، إثر اشتباكات مسلحة اندلعت بين عناصر من تنظيم جند الشام الإسلامي، وحركة فتح، أول من أمس، أسفرت عن جرح شخصين، غداة بدء القوة الأمنية المشتركة مهامها بحفظ أمن المخيم.

وتدخلت القيادات الفلسطينية على أعلى المستويات لضبط الوضع الأمني في المخيم، منعا لتدهوره، عبر لقاءات مكثفة عقدت بين الفصائل، دعت إليها لجنة المتابعة. ودعت قوى «لجنة المتابعة» والقوة الأمنية المشتركة والفصائل والقوى الوطنية والإسلامية إلى اجتماع في جامع النور بحضور الناطق باسم القوى الإسلامية، وأمير «الحركة الإسلامية المجاهدة» الشيخ جمال خطاب. وخلص المجتمعون بعد عدة اتصالات مع قائد الأمن الوطني الفلسطيني اللواء صبحي أبو عرب واللواء منير المقدح و«جند الشام» إلى وقف إطلاق النار.

وقالت مصادر مطلعة على الاتصالات لتطويق الاشتباكات في المخيم لـ«الشرق الأوسط»، إن قائد الأمن الوطني اللواء صبحي أبو عرب أعطى تعليماته بعدم إطلاق النار، وعدم الرد على مصادر النيران في حال تجددت الإشكالات «لأن مصلحة أهلنا في المخيم فوق أي اعتبار». وقالت إن أوامر أبو عرب «صارمة في هذا الاتجاه، حفاظا على أمن المخيم واستقراره». وكانت مجموعة من أنصار جند الشام في مخيم عين الحلوة، هاجمت ليل الثلاثاء - الأربعاء، مقر حركة فتح، ما دفع بعناصر فتح للرد، ودارت اشتباكات بين الطرفين استخدمت فيها الأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية. وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية في لبنان، بسقوط جريحين، أحدهما من آل الشعبي وهو تابع لجند الشام، والثاني من آل الجمعة وهو تابع لحركة فتح.

وقالت مصادر ميدانية في المخيم لـ«الشرق الأوسط»، إن الإشكال بدأ حين صعد عنصر من جند الشام إلى قوس نصر موجود في المنطقة قبالة مقر فتح، وأزال كاميرا مراقبة مثبتة عليه، مما دفع عنصر من فتح إلى ضربه باليد، قبل أن يطلق عنصرين من «جند الشام» النار باتجاه مركز فتح. على الأثر، تعاملت القوة مع مصدر النيران بالمثل، واتسعت مع وصول تعزيزات من جند الشام من حي الطوارئ، وتعزيزات مقابلة، واستخدمت القنابل والأسلحة الرشاشة في الهجوم.

وجاءت هذه الاشتباكات غداة بدء القوة الأمنية المشتركة عملها في المخيم. وشكلت هذه القوة، نتيجة اجتماعات مكثفة عقدت في المخيم على مدى شهرين، توافقت فيها جميع الفصائل المعترف بها (باستثناء جند الشام) على مجموعة من الثوابت، أهمها الحفاظ على أمن المخيمات الفلسطينية، على قاعدة أن زعزعة استقرارها «خط أحمر»، والحفاظ على أمن الجوار، وعدم التدخل في القضايا اللبنانية والنأي بالنفس عنها، ومنع وصول ارتدادات الأزمة السورية إلى مخيمات اللاجئين الفلسطينيين.

وعلى ضوء التطورات الأمنية التي شهدتها الساحة اللبنانية، اتفقت الفصائل على قوة أمنية مؤلفة من 150 عنصرا وضابطا، يوزعون على مواقع أساسية في المخيم، مثل الساحات العامة ومفرق السوق وأمام المدارس ومقر لجنة المتابعة. لكن العدد تقلص إلى 50 عنصرا و10 ضباط، وبدأ هؤلاء العمل فعليا ليل الأحد – الاثنين في المخيم، على أن يزداد كثيرهم في مراحل لاحقة. وأوكلت إلى هذه القوة الأمنية المشتركة مهام الأمن الاجتماعي وتنظيم السير بداية، على أن يتم تطوير مهامها تدريجيا.

وشاركت القوى الإسلامية في هذه القوة، بعشرة عناصر، كما شارك تحالف القوى الفلسطينية بـ15 عنصرا، ويضم الأخير حركة حماس، وحركة الجهاد الإسلامي، والقيادة العامة والصاعقة وجبهة التحرير وجبهة النضال وغيرها. كما شاركت فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في القوة، لتشكل حركة فتح أكبر نسبة من المشاركين. وقالت مصادر في المخيم لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه القوة «لاقت استحسانا وترحيبا من سكان المخيم الذين اعتبروا أن وحدة الصف الأمني الفلسطيني من شأنه أن ينعكس إيجابا على الوضع الأمني في المخيم».

ومجموعة «جند الشام»، غير منضوية ضمن التحالف الفلسطيني، وغير معترف بها في المخيم كفصيل سياسي، وتقلص عدد المنضوين إليها بعد عدة اشتباكات وقعت قبل سنوات، وباتوا معروفين بـ«أنصار جند الشام». ولا تنفي المصادر احتمال أن يكون الإشكال «وقع ردا على بدء القوة الأمنية مهامها، وافتعال مشكلة مع التحالف من دون أي سبب، لأنه لا داعي لوقوع الاشتباك».

من جهة اخرى، شدد أبو عرب على أن أمن المخيم «خط أحمر»، مؤكدا أنه «من غير المسموح لأي أحد أن يعبث به ويتجاوزه»، لافتا إلى أن «نساءنا وأطفالنا وشيوخنا كرامتهم وأمنهم وسلامتهم فوق أي اعتبار». وأعلن دعمه للقوة الأمنية المشتركة التي انبثقت عن القوى والفصائل الوطنية والإسلامية.