«المادة الثالثة» تفتح باب خلاف بين الأزهر والكنيسة في مصر

البابا طالب بإبدال «غير المسلمين» بـ «المسيحيين واليهود» والمفتي يحذر من تكدير السلم الاجتماعي

TT

بوادر أزمة تنذر بخلاف بين الأزهر والكنيسة، أثارتها المادة الثالثة من دستور عام 2012 المعطل؛ والمتعلقة بأهل الكتاب، حيث طالب ممثلو الكنائس المصرية الثلاث «الأرثوذكسية والكاثوليكية والإنجيلية» في لجنة الخمسين المنوط بها صياغة الدستور الجديد للبلاد بضرورة تغييرها، معتبرين أن «النص الحالي يميل إلى الطائفية»، وعلى الجانب الآخر رفض ممثلو الأزهر في اللجنة أي محاولة للمساس بالمادة، على اعتبار أن تغييرها سيؤدي لتكدير السلم الاجتماعي. وتنص المادة الثالثة من الدستور المعطل على أن «مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسي للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية وشؤونهم الدينية واختيار قياداتهم الروحية»، ويرى مراقبون أن نص المادة يلوح ببوادر أزمة بين الأزهر الشريف والكنيسة لأول مرة منذ عهود طويلة، بعدما لعبا دورا كبيرا في دعم الجيش لعزل الرئيس محمد مرسي عن الحكم في 3 يوليو (تموز) عقب انتفاضة شعبية عارمة في 30 يونيو (حزيران) الماضي، كما لعبا دورا في القضاء على الفتن الطائفية التي ضربت البلاد بعد صعود جماعة الإخوان المسلمين وتيار الإسلام السياسي لواجهة الحياة السياسية.

ومن جانبه، قال قيادي في حزب النور السلفي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «وفدا برئاسة الدكتور يونس مخيون رئيس الحزب، التقى أمس (الأربعاء) الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، للتأكيد على موقف الأزهر من عدم تغيير المادة الثالثة، مؤكدا أن استبدال المسيحيين واليهود من المادة الثالثة، بـ(غير المسلمين)، يفتح الباب لدخول الديانات غير السماوية». وأعلن الأزهر الشريف تحفظه رسميا على محاولة المساس بالمادة الثالثة من الدستور المتعلقة بأهل الكتاب، وقال الأزهر إن «ممثلي الأزهر بلجنة الدستور تقدموا بتحفظهم على تعديل المادة الثالثة ورفضوا بالإجماع حذف المسيحيين واليهود واستبدالها بغير المسلمين». فيما قال مصدر كنسي لـ«الشرق الأوسط» إن البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية بطريك الكرازة المرقسية، طلب من ممثلي الكنسية في الدستور تعديل المادة الثالثة، بحذف كلمتي «المسيحيين واليهود» ووضع جملة «لغير المسلمين».

وشدد الدكتور شوقي علام مفتي مصر، ممثل الأزهر في لجنة الدستور، على رفضه التعديلات المقترحة للمادة الثالثة، مؤكدا أن التعديل المقترح سيؤدي إلى تكدير للسلم الاجتماعي وتقويض لأركان المجتمع المصري وإخلال بالنظام العام. في المقابل، قال القس صفوت البياضي رئيس الطائفة الإنجيلية، وممثلها بلجنة الخمسين، إن «الكنائس ترى أن النص الحالي للمادة يميل إلى الطائفية، ويتعارض مع حرية العقيدة المشار إليها بالدستور، بالإضافة إنه يهمل حقوق وشرائع الأديان والطوائف الأخرى».

ولعب الأزهر الشريف دورا كبيرا في دستور عام 2012 والذي هيمن على جمعيته التأسيسية جماعة الإخوان المسلمين، التي ينتمي إليها الرئيس المعزول، خاصة في المواد التي تتعلق بالهوية المصرية بعد انسحاب الكنيسة والقوى المدنية منها. واشتكى المسيحيون المصريون من إجراءات تمييزية بحقهم خلال عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك وفي عهد جماعة الإخوان، رغم أن الدستور والقانون في البلاد يتيحان حرية الاعتقاد ويجرمان التمييز على أساس الدين، كما وقعت خلال العقود الماضية اشتباكات وأحداث طائفية راح ضحيتها العشرات من الجانبين المسيحيين والمسلمين. في السياق ذاته، أثارت المواد المتعلقة بالهوية في الدستور جدلا خاصة في لجنة الدولة والمقومات الأساسية، خاصة المادة الثانية والثالثة والرابعة والمادة 219. وقال مصدر باللجنة، إن أغلبية اللجنة رأت إجراء تعديل على المادة الثالثة، باستبدال فقرة «المسيحيين واليهود» بـ«غير المسلمين» لتفيد باحتكام «غير المسلمين» لشرائعهم فيما يتعلق بأحوالهم الشخصية وقياداتهم الروحية، فيما طالب الاتجاه الأقل عددا من الأعضاء في مقدمتهم الأزهر وممثل حزب النور السلفي الدكتور بسام الزرقا، بأن تظل المادة كما هي. وقال الزرقا، إن «تعديل المادة بذلك الشكل سيفتح الباب أمام أصحاب غير الديانات السماوية، مثل عبدة الشيطان ومدعي النبوة».

وأضاف المصدر، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الجدل الثاني تعلق بالمادة الثانية، والذي انتهى ببقاء المادة على نصها بدستور 2012 المعطل دون أي تعديل لتنص على «الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع»، وكان ممثل حزب النور السلفي، قد تقدم باقتراحين قوبلا بالرفض، الأول، بحذف كلمة المبادئ والاكتفاء بالشريعة الإسلامية كمصدر رئيسي للتشريع أو الإبقاء على نص المادة الثانية كما هي مع إضافة المادة (219) لتلحق بالمادة الثانية، وتم رفضه مما دعا ممثل النور للانسحاب من اجتماعات اللجنة.