انتهاء الحملة الانتخابية في كردستان العراق ومنتسبو الأمن يقترعون اليوم

توقعات بفوز حزب بارزاني تليه في المرتبة الثانية حركة التغيير ثم الاتحاد الوطني

TT

تتوقف الحملة الانتخابية في إقليم كردستان اليوم ويستعد 56 ألفا و832 من منتسبي الأجهزة والمؤسسات الأمنية وقوات البيشمركة للإدلاء بأصواتهم في التصويت الخاص الذي سبق أن أكد رئيس الحكومة نيجيرفان بارزاني «أنهم أحرار فيمن يختارونه من مرشحي القوائم الانتخابية، والتصويت لصالح أي قائمة حزبية ينتمون إليها أو يناصرونها».

وأثار قرار صدر عن مكتب المفوضية في مدينة السليمانية حدد ستة مراكز اقتراع فقط يسمح للصحافيين بتغطية عمليات التصويت فيها قلق الصحافيين ووسائل الإعلام وبدأ أمس عدد من الصحافيين حملة لجمع تواقيع ضد هذا القرار ولإرغام المفوضية على التراجع عنه وإعطائهم المزيد من حرية التحرك على أكثر من 500 مركز انتخابي في المحافظة.

وتتوقع معظم الأحزاب والقوى السياسية بكردستان، أن تكون الانتخابات التي يجري التصويت العام فيها بعد غد «مصيرية» تغير من المعادلات السياسية القائمة في الإقليم، إذ يخوضها معظم الأحزاب والكيانات بحماس منقطع النظير جسدته سخونة الحملة الانتخابية التي تنتهي اليوم.

«الشرق الأوسط» استطلعت آراء معظم القيادات السياسية ومعها النخبة الثقافية حول ملامح الخارطة السياسية الجديدة التي ستفرزها الانتخابات وخرجت بإجماع على أن كردستان مقبلة على تحولات جذرية تقلب من المعادلات القائمة منذ تحررها من سيطرة النظام العراقي السابق عام 1991. ويقر الجميع بأن هذه الانتخابات ستكون مصيرية وحاسمة بالنسبة لجميع الأطراف، بما فيها الحزبان الرئيسيان (الاتحاد الوطني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني والديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس الإقليم مسعود بارزاني)، اللذان خاضا جميع الانتخابات البرلمانية والبلدية السابقة بقائمة موحدة. فهذه هي المرة الأولى التي يدخل فيها الاتحاد الوطني الانتخابات بقائمة مستقلة، وهذا ما أدى بقيادي كردي إلى التأكيد على أن «مجرد دخول الاتحاد الوطني بقائمة مستقلة عن الديمقراطي، هو دليل على انفراط عقد التحالف الاستراتيجي بينهما»، مشيرا إلى «أن ما تشهده الحملة الانتخابية الحالية من منافسة شديدة بين الحزبين، وتبادل الاتهامات بينهما هو دليل على أن الاتفاقية الاستراتيجية آيلة إلى السقوط».

ورغم أن لا أحد يريد أن يستبق الأحداث بانتظار ظهور نتائج هذه الانتخابات «الحاسمة»، لكن الكثير من قيادات الأحزاب التي تخوض الانتخابات تروج في حملاتها بأنها ستكتسح الانتخابات، فيما تحاول بعض الاستفتاءات واستطلاعات الرأي التي تجري في كردستان خلال هذه الأيام أن تعطي صورة مقاربة للوضع الانتخابي، رغم أن معظمها لا يستند على أي أساسات علمية بسبب غياب المؤسسات المتخصصة في هذا المجال. ولكن ما ينشر من نتائج تلك الاستفتاءات يعكس إلى حد ما رغبة الشارع الكردي ويعبر عن بعض الواقع. وتشير تلك النتائج إلى أن حزب بارزاني يقف في مقدمة الأحزاب التي ستكسب الانتخابات، تليه حركة التغيير، ثم الاتحاد الوطني، ثم الأحزاب الإسلامية. وهذا ما أكد عليه القيادي الكردي عندما أشار إلى «ظهور قوة ثالثة في المعادلة السياسية بكردستان وهي حركة التغيير». وقال: «مما لا شك فيه أن وضع الاتحاد الوطني الذي كان إلى نحو عشرين سنة خلت القوة الثانية الموازية لحزب بارزاني، قد اهتز أخيرا بسبب غياب رئيسه (طالباني)، وفي المقابل تنامت شعبية حركة التغيير التي باتت تهدد بشكل جدي موقع الاتحاد الوطني ليس على صعيد معقلهما الرئيسي السليمانية، بل في عموم أرجاء كردستان، لذلك فأنا أتوقع أن تفرز الانتخابات تغييرا في المعادلة من خلال ظهور خارطة سياسية جديدة في كردستان قوامها ثلاثة قوى أساسية وهي: حزب بارزاني وحركة التغيير والاتحاد الوطني».

وبسؤاله عن تأثيرات هذا التغيير في المعادلة على توازن القوى القائم منذ عدة عقود في كردستان، قال القيادي الكردي «المعادلة ستتغير بالتأكيد، فما كان قائما منذ عشرين سنة من تحالف الحزبين الرئيسيين سيتغير، وبدأ التغيير فعلا منذ أن أعلن الاتحاد الوطني دخوله الانتخابات بقائمة مستقلة، فهذا دليل على أن التحالف الاستراتيجي بين الحزبين لم يعد قائما، ما يزيد من احتمالات ظهور حركة التغيير كقوة ثانية بديلة عن الاتحاد الوطني». وبسؤاله عن موقف حزب بارزاني من تغيير هذه المعادلة ومدى تأثيره على الوضع العام بكردستان قال: «هناك اتجاهان داخل حزب بارزاني، الاتجاه الأول يدعو إلى الاحتفاظ بالتحالف مع الاتحاد الوطني رغم ضعفه، والثاني يتجه نحو تفضيل التعامل مع بديل له. ومع ذلك فلا يمكن لحزب بارزاني أن يتنكر لتاريخ طويل جمعه بحزب طالباني، كما لا يمكنه أيضا أن يغفل قوة حركة التغيير، وعليه فأنا أتوقع أن يتوسع إطار التحالف السياسي الحالي ليشمل هذه المرة حركة التغيير أيضا، فمن المتوقع أن يتشكل ائتلاف حاكم من الأطراف الثلاثة لإدارة شؤون الإقليم، خاصة بعد أن أعلنت حركة التغيير أنها ستدخل في الحكومة المقبلة».

وبحسب معلومات «الشرق الأوسط» تبذل حاليا جهود بين الاتحاد الوطني وحركة التغيير لتطبيع العلاقات وتخفيف حدة التوتر بينهما، بل هناك تسريبات تتحدث عن اجتماعات سرية تجري بينهما بوساطة إيرانية لإجراء المصالحة بينهما، لكن نتائجها لم تظهر بعد، وترجح تلك المصادر أن تتكثف الاتصالات بعد ظهور النتائج الانتخابية ومعرفة كل حزب لوزنه السياسي والشعبي.

وإضافة إلى الأطراف الرئيسية الثلاثة، هناك أحزاب صغيرة تخوض الانتخابات وهي لا تطمح سوى لإثبات وجودها على الساحة، من دون أي تأثير لها على موازين القوى الموجودة في الساحة الكردستانية، رغم أن كلا من الحزبين الكبيرين (الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني) سعى منذ اندلاع الحرب الداخلية بينهما وانقسام إدارة الحكومة، إلى كسب تلك الأحزاب الصغيرة إلى جانبه، ونجحا في ذلك إلى حد بعيد، إذ تجمع عدد من تلك الأحزاب الصغيرة حول الاتحاد الوطني عندما قاد حكومة الإقليم في محافظة السليمانية للفترة من 1996 - 2005. وعدد آخر من تلك الأحزاب التف حول الحزب الديمقراطي الكردستاني، وعلى وجه الخصوص الأحزاب التركمانية والمسيحية المعروفة بولائها لهذا الحزب، ومنها حركة المستقلين التركمان في أربيل التي أشارت النائبة المترشحة عنها، أحلام إبراهيم الحداد: «إن الحركة تحظى بدعم من قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني، وإن هناك الكثير من القواسم المشتركة بين حركتها وهذا الحزب (...) وأهم المشتركات هو العمل على خدمة المواطن بكردستان، ورغم أنني مترشحة عن التركمان لكنني أتوقع الحصول على دعم من جماهير هذا الحزب من الأكراد أيضا، لأننا جميعا مواطنون في هذا الإقليم، وهمنا واحد وهو خدمة الشعب وحماية أمن واستقرار الإقليم».