السعودية.. الأرض التي تكسرت على جنباتها شوكة «الإرهابيين»

الرياض نفذت استراتيجيتها في محاربة الإرهاب محليا ودوليا «قولا وفعلا»

خادم الحرمين وسط عدد من ضباط وافراد الجيش السعودي حيث وصف تضحيات رجال الأمن بأنها أوسمة شرف وأنواط كرامة يتقلدها أصحاب الفعل المشرف ويزهو به الوطن والمواطن ( واس)
TT

في منتصف ليل الثاني عشر من مايو (أيار) 2003 هاجم تسعة مسلحين وانتحاريين بأربع سيارات مفخخة ثلاثة مجمعات سكنية في العاصمة السعودية الرياض، وكانت الحصيلة مقتل 26 شخصا من جنسيات مختلفة بينهم سبعة سعوديين.. هذا اليوم تحديدا كان إيذانا ببدء أنجح حملة دولية لمكافحة الإرهاب في العالم، بشهادة المؤسسات الإقليمية والدولية. ووفق خبراء ومتخصصين فقد كان لهزيمة «الإرهاب» في السعودية وكسر شوكته، ووقوف السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، والأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي، موقفا حازما وصارما ضد الإرهاب بكل أشكاله وصوره على الصعيدين المحلي والدولي بالقوة والفكر معا، خير معين للمجتمع الدولي في القضاء عليه أينما كان وحيثما حل.

وفي هذا السياق، قال خادم الحرمين الشريفين إن «الأمن في المملكة العربية السعودية بألف خير، فهو صامد كالصخر تكسرت عليه كل تلك الهجمات».وأضاف في حديثه لصحيفة «السياسة» الكويتية نشرته يوم 30 جمادى الأولى عام 1425هـ الموافق 16 أغسطس (آب) 2004م: «إننا اجتزنا مراحل الإرهاب.. فنحن ذهبنا إلى رؤوس الثعابين مباشرة لنقطعها». وبما أن المملكة جزء من العالم فقد عانت من أعمال العنف والإرهاب الذي أصبح ظاهرة عالمية تعددت أساليبه ومسالكه وطال العديد من دول العالم لكونه آفة خطيرة لا وطن ولا دين له ولا يعرف جنسا ولا زمنا ولا مكانا.

تعد السعودية من أوائل الدول تصديا للإرهاب على مختلف الصعد محليا وإقليميا ودوليا قولا وعملا، وأكدت هذا التوجه في جميع المناسبات برفضها الشديد وإدانتها للإرهاب بجميع أشكاله وصوره وشجبها للأعمال الشريرة التي تتنافى مع مبادئ وسماحة وأحكام الدين الإسلامي التي تحرم قتل الأبرياء وتنبذ كل أشكال العنف والإرهاب وتدعو إلى حماية حقوق الإنسان.

لقد تصدت السعودية لأعمال العنف والإرهاب على المستويين المحلي والدولي فحاربته محليا وشجبته وأدانته عالميا وأثبتت للعالم أجمع جدية مطلقة، وحزما وصرامة في مواجهة العمليات الإرهابية، وليس أدل على ذلك من النجاحات الأمنية المتلاحقة للقضاء على فلول المفسدين في الأرض الخارجين عن الصف، المفارقين للجماعة. إلى جانب أنها جندت كافة أجهزتها لحماية المجتمع من خطرهم وشرهم ومن ذلك القضاء على أعداد كبيرة من العناصر الإرهابية في مختلف مناطق المملكة.

أكدت السعودية على الدوام رفضها الشديد وإدانتها وشجبها للإرهاب بكافة أشكاله وصوره أيا كان مصدره وأهدافه من خلال تعاونها وانضمامها وإسهامها بفعالية في الجهود الدولية والثنائية المبذولة ضد الإرهاب وتمويله والتزامها وتنفيذها للقرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة الإرهاب، وشاركت بفعالية في اللقاءات الإقليمية والدولية التي تبحث موضوع مكافحة الإرهاب وتجريم الأعمال الإرهابية أو دعمها وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية التي تطبقها المملكة واعتبارها ضمن جرائم الحرابة التي تخضع لأشد العقوبات وتعزيز وتطوير الأنظمة واللوائح ذات العلاقة بمكافحة الإرهاب والجرائم الإرهابية وتحديث وتطوير أجهزة الأمن وجميع الأجهزة الأخرى المعنية بمكافحة الإرهاب وتكثيف برامج التأهيل والتدريب لرجال الأمن والشرطة وإنشاء قناة اتصال مفتوحة بين وزارة الداخلية ومؤسسة النقد العربي السعودي لتسهيل سبل التعاون والاتصال لأغراض مكافحة عمليات تمويل الإرهاب. وبحسب تقرير بثته وكالة الأنباء السعودية بمناسبة اليوم الوطني الثالث والثمانين تناولت فيه أبرز الجهود التي نفذتها السعودية لمحاربة الإرهاب وأعمال العنف التي قامت بها فئة باغية وخارجة عن تعاليم الدين الإسلامي السليمة والصحيحة، فقد خطت السعودية خطوات مهمة وملموسة في مكافحة ظاهرة الإرهاب الخطيرة وأسهمت بفعالية في التصدي لهذه الظاهرة وويلاتها ونتائجها المدمرة من خلال المؤتمرات واللقاءات والمشاركات العربية والدولية، حيث كانت أول دولة توقع على معاهدة مكافحة الإرهاب الدولي بمنظمة المؤتمر الإسلامي في شهر صفر لعام 1421هـ الموافق مايو من عام 2000م.

وكانت المملكة سباقة في حث المجتمع الدولي على التصدي للإرهاب ووقفت مع جميع الدول المحبة للسلام في محاربته والعمل على القضاء عليه واستئصاله من جذوره ودعت المجتمع الدولي إلى تبني عمل شامل في إطار الشرعية الدولية يكفل القضاء على الإرهاب ويصون حياة الأبرياء ويحفظ للدول سيادتها وأمنها واستقرارها.

وتوجت هذه المساعي باستضافة السعودية للمؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب في مدينة الرياض في 25 من ذي الحجة من عام 1425هـ الموافق الخامس من فبراير (شباط) لعام 2005م بمشاركة أكثر من 50 دولة عربية وإسلامية وأجنبية إلى جانب عدد من المنظمات الدولية والإقليمية والعربية تتويجا لجهودها في محاربة الإرهاب بكل صوره على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي للقضاء على هذه الظاهرة، منطلقة من إيمانها بأن الإرهاب هو مشكلة عالمية خطيرة تستوجب التصدي لها وتعاون جميع الدول وتضامنها وتضافر جهودها.

واستطاعت السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده الأمين، من اتخاذ موقف حازم وصارم ضد الإرهاب بكل أشكاله وصوره على الصعيدين المحلي والدولي.

وبما أن المملكة جزء من العالم فقد عانت من أعمال العنف والإرهاب الذي أصبح ظاهرة عالمية تعددت أساليبه ومسالكه وطال العديد من دول العالم لكونه آفة خطيرة لا وطن ولا دين له ولا يعرف جنسا ولا زمنا ولا مكانا، بيد أنه لا يمكنه أن يهزم الدول الكبيرة القوية بإيمانها وبتلاحم قيادتها وشعبها مثل السعودية، فقد تكسرت مجاديف الإرهابيين على يد سواعد أبنائها من رجال الأمن البواسل وتهاوت مبادئ أفكارهم ومنهجهم الضال بعد أن تصدى لها علماء المملكة ومشايخها وقارعوها الحجة بالحجة وفندوها وبينوا بالأدلة من الكتاب والسنة خطأها وفسادها وبطلانها.

وتصدت المملكة العربية السعودية لأعمال العنف والإرهاب على المستويين المحلي والدولي فحاربته محليا وشجبته وأدانته عالميا.. فعلى المستوى المحلي حاربت المملكة الإرهاب من خلال خطين متوازيين هما المعالجة الأمنية والمعالجة الوقائية.

وعلى مستوى المعالجة الأمنية سطر رجال الأمن السعوديون إنجازات أمنية في التصدي لأعمال العنف والإرهاب ونجحوا بكل شجاعة وإتقان في حسم المواجهات الأمنية مع فئة البغي والضلال فجاء أداؤهم مذهلا من خلال القضاء على أرباب الفكر الضال أو القبض عليهم من دون تعريض حياة المواطنين القاطنين في الأحياء التي تختبئ فيها الفئة الباغية للخطر، بل سجل رجال الأمن إنجازات غير مسبوقة تمثلت في الضربات الاستباقية وإفشال أكثر من 95 في المائة من العمليات الإرهابية بفضل الله ثم بفضل الاستراتيجية الأمنية التي وضعتها القيادات الأمنية وحازت على تقدير العالم بأسره.

كما سجلوا إنجازا آخر تمثل في اختراق الدائرة الثانية لأصحاب الفكر الضال وهم المتعاطفون والممولون للإرهاب الذين لا يقلون خطورة عن المنفذين للعمليات الإرهابية فتم القبض على الكثير منهم.

وأضحت تجربة السعودية في مكافحة الإرهاب وكشف المخططات الإرهابية قبل تنفيذها تمثل تفوقا غير مسبوق للسعودية سبقت به دولا متقدمة عديدة عانت من الإرهاب عقودا طويلة. وفي جانب إنساني وتقديرا للتضحيات التي قدموها اهتمت الدولة برجال الأمن البواسل الذين يخوضون بكل شرف المعركة ضد الإرهاب واحتضنت أبناء شهداء الواجب منهم وأسرهم واعتنت بالمصابين منهم وتشرفوا بزيارات وزير الداخلية أو أمير المنطقة التي يوجدون بها أو نائب وزير الداخلية أو مساعد وزير الداخلية لهم ومواساتهم وتقديم العزاء لهم والإشادة بما قدموه من إنجازات للوطن ستظل وسام شرف في سجل الإنجازات الأمنية للبلاد.

ونال رجال الأمن شرف ثقة القيادة السعودية في قدراتهم وشجاعتهم وتقديرها لتضحياتهم بأرواحهم في سبيل الحفاظ على أمن هذه البلاد الطاهرة وصون أمن مواطنيها والمقيمين فيها وقاصديها من الزوار والمعتمرين وحجاج بيت الله الحرام.. فقد أكد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ثقته الدائمة في رجال الأمن والقوات المسلحة بمختلف القطاعات الأمنية، منوها خلال جلسة مجلس الوزراء التي عقدت يوم الاثنين 28 محرم 1427هـ بيقظة رجال الأمن وتفانيهم في خدمة دينهم ووطنهم وشعبهم وتوفيقهم بفضل الله في القضاء على فلول الإرهابيين الهاربين وإحباط المحاولة الإرهابية في محافظة بقيق التي استهدفت منشأة اقتصادية وطنية كبرى يعود نفعها على جميع أبناء الشعب السعودي.

ووصف الملك عبد الله تضحيات رجال الأمن بأوسمة الشرف وأنواط الكرامة التي يتقلدها أصحاب الفعل المشرف ويزهو به الوطن والمواطن.

كما قامت الدولة ممثلة في وزارة الداخلية بجهود متكاملة لرفع معنويات رجال الأمن في الدفاع عن بلدهم ومحاربة أصحاب الفكر المنحرف فقدمت لهم الدعم المادي والمعنوي وتم منح أسر الشهداء منهم والمصابين والمتضررين كل ما يعينهم على مواجهة أعباء الحياة، فضلا عن أنها كانت بلسما لحياة الأسر التي فقدت أحد رجالاتها في عمليات أمنية ضد الإرهابيين واستضافت وزارة الداخلية أسر شهداء الواجب لأداء مناسك الحج عرفانا منها بما قدمه أولئك الشهداء وأسرهم من خدمات جليلة للوطن.

وفي ذات السياق، تقدمت المملكة بمشروع قرار للجمعية العامة للأمم المتحدة يدعو لتشكيل فريق عمل لدراسة توصيات ذلك المؤتمر بما في ذلك إنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب أعلنه الأمير الراحل سلطان بن عبد العزيز في كلمته التي ألقاها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة التي أكد فيها أن خطر الإرهاب يهدد العالم أجمع مما يوجب تضافر الجهود لمكافحته. ودافع الأمير الراحل عن الإسلام، مؤكدا براءته من الإرهاب قائلا: «إن الإسلام دين أمن وسلام ودين تعاون بين البشر، والإسلام بكل مبادئه يحرم الاعتداء على الإنسان، ويقول الله عز وجل:‌ (ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين)، كما يقول في محكم كتابه: (من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا)».

وفي 16 فبراير 2013م عقد المؤتمر الدولي المعني بتعاون الأمم المتحدة مع مراكز مكافحة الإرهاب في مدينة الرياض، بحضور ومشاركة مساعد الأمين العام للأمم المتحدة و49 دولة حول العالم، بهدف تشجيع الشركاء على المساهمة في بناء القدرات، وذلك بالتنسيق بين حكومة المملكة والأمم المتحدة.

وناقش المؤتمر من خلال أربع جلسات الركائز الأربع الأساسية للاستراتيجية الدولية لمكافحة الإرهاب التي تمثل محاور المؤتمر وتشمل التدابير الرامية إلى معالجة الظروف المؤدية إلى انتشار الإرهاب، وتدابير منع الإرهاب ومكافحته، والتدابير الرامية إلى بناء قدرات الدول على منع الإرهاب ومكافحته وتعزيز دور منظومة الأمم المتحدة في هذا الصدد، والتدابير الرامية إلى ضمان احترام حقوق الإنسان للجميع وسيادة القانون بوصفه الركيزة الأساسية لمكافحة الإرهاب.

وأكد الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية في كلمته خلال المؤتمر أن المملكة إيمانا منها بأهمية التعاون والإسهام في دعم الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب قامت بتقديم دعم مالي على مدى السنوات الثلاث الأولى بمقدار 10 ملايين دولار.

وأضاف أن «خطر الإرهاب والإرهابيين ما زال قائما وممتدا في العديد من الدول مما يتطلب معه ضرورة مواجهته بكل الوسائل وعلى كافة المستويات المحلية والإقليمية والدولية، فالإرهاب يهدد الجميع من دون تمييز ويتسبب في تقويض التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مما يتطلب معه التزام الدول بالتعاون مع تحديات الإرهاب وفق استراتيجية طويلة المدى يركز فيها على بناء القدرات ومواجهة الفكر المتطرف وتحصين المجتمع، وفي الوقت نفسه إعداد المشاريع التي تقوض مخططات الإرهابيين من خلال تفعيل التنسيق والمشاركة بين المراكز المتخصصة في مجال مكافحة الإرهاب لتحسين تلك المشاريع والتعاون في تنفيذها».

واستمرارا لمواقف السعودية من ظاهرة الإرهاب ومكافحته فقد صدقت على العديد من الاتفاقيات الخاصة بمكافحة الإرهاب كما صدقت على جملة من الاتفاقات الدولية ذات العلاقة من بينها الاتفاقية الخاصة بالجرائم وبعض الأفعال الأخرى المرتكبة على متن الطائرات (طوكيو، 1963م)، واتفاقية مكافحة الاستيلاء غير المشروع على الطائرات (لاهاي، 1970م)، واتفاقية قمع الأعمال غير المشروعة الموجهة ضد سلامة الطيران المدني (مونتريال، 1971م)، واتفاقية منع الجرائم المرتكبة ضد الأشخاص المتمتعين بحماية دولية بمن فيهم الموظفون الدبلوماسيون والمعاقبة عليها (نيويورك، 1973م)، والاتفاقية الدولية لمناهضة أخذ الرهائن (نيويورك، 1979م)، والبروتوكول المتعلق بقمع أعمال العنف غير المشروعة في المطارات التي تخدم الطيران المدني الدولي، الملحق باتفاقية قمع الأعمال غير المشروعة الموجهة ضد سلامة الطيران المدني (مونتريال، 1988).

كما انضمت المملكة إلى اتفاقية قمع الأعمال غير المشروعة الموجهة ضد سلامة الملاحة البحرية (روما، 1988)، والبروتوكول المتعلق بقمع الأعمال غير المشروعة الموجهة ضد سلامة المنشآت الثابتة الموجودة على الجرف القاري (روما، 1988)، واتفاقية تمييز المتفجرات البلاستيكية بغرض كشفها (مونتريال، 1991م)، والاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب (نيويورك، 1999م)، والاتفاقية الدولية لقمع الهجمات الإرهابية بالقنابل (نيويورك، 1997م)، واتفاقية قمع الإرهاب النووي (نيويورك، 2005م)، واتفاقية الحماية المادية للمواد النووية (فيينا، 1980م)، وبروتوكول اتفاقية قمع الأعمال غير المشروعة الموجهة ضد سلامة الملاحة البحرية، والبروتوكول المتعلق بقمع الأعمال غير المشروعة الموجهة ضد سلامة المنصات الثابتة الموجودة على الجرف القاري، وتعديلات اتفاقية الحماية المادية للمواد النووية.

كما انضمت المملكة إلى عدد من المعاهدات الإقليمية في مجال مكافحة الإرهاب منها معاهدة منظمة المؤتمر الإسلامي لمكافحة الإرهاب الدولي (1999م)، ومدونة قواعد السلوك لمكافحة الإرهاب الدولي المعتمد من قبل منظمة المؤتمر الإسلامي في مؤتمر القمة الإسلامي السابع عام (1995م)، والاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب خلال اجتماعات مجلس وزراء الداخلية والعدل العرب المنعقدة في 25 من ذي الحجة 1418هـ الموافق 22 أبريل (نيسان) 1998م، وهي الاتفاقية الأبرز التي تم إنجازها على الصعيد الأمني العربي حيث سجل العرب من خلالها سبقا بين دول العالم في اتفاقهم على مكافحة الإرهاب، إضافة إلى الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب (1998م)، والاستراتيجية العربية لمكافحة الإرهاب الصادرة عام (1996م) عن الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب، واتفاقية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لمكافحة الإرهاب (2004م)، والاستراتيجية الأمنية الموحدة لمكافحة ظاهرة التطرف المصحوب بالإرهاب لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية (2003م).

كما وقعت المملكة على اتفاقيات أمنية ثنائية مع عدد من الدول العربية والإسلامية والصديقة تتضمن بين بنودها مكافحة الإرهاب والتعاون في التصدي له ومحاربته.

وفي 7 أغسطس (آب) 2013، وجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز كلمة بمناسبة عيد الفطر المبارك تحدث فيها عن أهمية مواجهة الإرهاب قائلا: «إننا وفي ظل هذه التحديات الجسيمة التي تمر بها أمتنا الإسلامية والعربية بخاصة والعالم أجمع من مواجهة للإرهاب في أفكاره وتحركاته، مطالبون أكثر من أي وقت بتفعيل المركز الدولي لمكافحة الإرهاب، ويكون العاملون فيه من ذوي الدراية والاختصاص في هذا المجال، والهدف من ذلك تبادل الخبرات وتمرير المعلومات بشكل فوري يتفق مع سرعة الأحداث، وتجنبها - إن شاء الله - قبل وقوعها.

هذا المركز هو من دعونا - بتوفيق الله لنا في هذه البلاد - إلى إقامته في فعاليات المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب المنعقد في مدينة الرياض بتاريخ الخامس والعشرين من ذي الحجة لعام 1425هـ الموافق الخامس من فبراير لعام 2005م».

وقد توافقت إرادة الخير على الترحيب بمبادرته الإنسانية، والعزم - وقتها - على تفعيل متطلباته وتطلعاته، «وفي هذا الصدد تبرعت المملكة - في حينه - بعشرة ملايين دولار، غير أن الأيام التالية شهدت تراخيا في تفعيله الجاد، ولن يرضى أي مخلص صادق لشعبه ولأمته وإنسانيته بأي تخاذل أو تردد في دعم هذا المشروع العالمي في بعده الإنساني والأخلاقي تحت طائلة الظنون والمراجعة في صدق النيات والتوجهات متى كانت إلى التخاذل أقرب وعن إدراك الأخطار المحدقة بعالمنا أضيق وأبعد، وهدف المركز خدمة الإنسانية جمعاء بعيدا عن أي تمييز لدين أو طائفة أو عرق أو لون، فمظلته واسعة وتطلعاته رحبة تنشد الخير للإنسانية أجمع. فهذا هو ديننا».

وأضاف الملك عبد الله: «علينا أن ندرك أن خطر الإرهاب لن يتلاشى أو يزول في زمن محدد، لذلك فحربنا ضده ربما تطول وتتوسع، وقد يزداد شراسة وعنفا كلما ضاق الخناق عليه، لكننا على ثقة تامة بالمولى جل وعلا بأنه ناصر الحق على الباطل لا محالة، دينا ندين لله به، فهو القائل جل جلاله: (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق)، ويقيننا أنه سيندحر - بعون الله - كل مخادع خائن لدينه وأمته وإنسانيته».

وفي هذا السياق، أعلن عن تبرع المملكة بمبلغ مائة مليون دولار لدعم هذا المركز وتفعيله تحت مظلة الأمم المتحدة، مناشدا كل الأمم الأخرى المشاركة بدعمه للقضاء على قوى الحقد والتطرف والإجرام، وهو واجب حتمي على كل من يرى في الإرهاب معول هدم يهدد أمننا وسلمنا العالمي، ومن يتخاذل في هذا الشأن فقد أحاط نفسه بدائرة الشكوك والتهم، فلا تراخي في حسم هذا الأمر الجلل، ولا أنصاف حلول في معالجته، ولن ننتصر على هذا الشر ما لم تتضافر الجهود وتصدق المواثيق والعهود، لتؤدي أمانتها التاريخية وتتحمل مسؤوليتها الكاملة تجاه كل ما يهدد الأمن والسلم للعالم أجمع، ولنا في وقائع التاريخ بصيرة وعظة، وفي سنة الخالق الكونية حيث يقول سبحانه: «واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة».