جريمة سياسية تهز اليونان والحكومة تعد بالحزم

دعوات أوروبية لوقف العنف بعد مقتل مناهض للفاشية بأيدي النازيين الجدد

TT

تعهدت الحكومة اليونانية، أمس، بالتحرك ضد حزب «الفجر الذهبي» للنازيين الجدد، بعد أن أحدثت جريمة ارتكبها أحد ناشطيه بحق مناضل مناهض للفاشية صدمة، كما اتهم الحزب بارتكاب أعمال عنف خلال الأشهر الأخيرة.

وصرح رئيس الوزراء أنتونيس ساماراس بحزم في رسالة خاصة تلاها ظهر أمس عبر التلفزيون بأن «الحكومة مصممة على عدم السماح لأحفاد النازيين بتعكير الحياة الاجتماعية وارتكاب جرائم واستفزاز ونسف أسس البلاد التي شهدت ميلاد الديمقراطية».

وأحدثت جريمة قتل يشتبه أن ناشطا من «الفجر الذهبي» ارتكبها ليل الثلاثاء - الأربعاء قرب أثينا بحق الموسيقي بافلوس فيساس (34 سنة)، المناهض للفاشية، صدمة، وتصدرت أمس أولى صفحات كل الصحف التي تراوحت عناوينها بين التعبير عن الدهشة والاستنكار، بينما دقت المنظمات الدولية ناقوس الخطر أمام تصاعد عنف النازيين الجدد. وقال رئيس الكتلة الاشتراكية في البرلمان الأوروبي هانس سوبودا إن «هذا الحادث المشين غير مقبول تماما لا سيما في بلد عضو في الاتحاد الأوروبي، وإذا لم تتوصل الحكومة اليونانية ورئيس الوزراء أنتونيس ساماراس إلى وضع حد لهذا السلوك البغيض لـ(الفجر الذهبي) وغيره من المجموعات الفاشية فإن الرئاسة اليونانية لن تكون مقبولة»، وذلك في حين تستعد أثينا لتولي رئاسة الاتحاد الأوروبي في يناير (كانون الثاني) 2014.

ودعت منظمة العفو الدولية «السلطات اليونانية إلى بذل كل ما في وسعها لمنع العنف السياسي» و«توجيه رسالة واضحة تفيد بأن مثل هذه التصرفات لن تقبل». وكتبت صحيفة «كاثيميريني» الليبرالية أن إقدام «أحد أنصار (الفجر الذهبي) على قتل مواطن بدم بارد يجب أن يوقظ كل واحد منا».

وقال ساماراس أيضا إن «تصاعد العنف يقوض أي آفاق» لإخراج البلاد من الأزمة. واتهم القادة اليونانيون مرارا في اليونان وحتى في الخارج بالتسامح مع ذلك الحزب الذي يدعو إلى كره الأجانب ومعاداة السامية، وما انفك منذ دخوله البرلمان في يونيو (حزيران) 2012 يضاعف الهجمات على السياسيين اليساريين والمهاجرين. واغتنم «الفجر الذهبي» مرور أفعاله من دون عقاب تقريبا لتعزيز مواقعه حتى بلغت شعبيته حاليا 13 في المائة حسبما أفادت الاستطلاعات، مقابل 7 في المائة في عام 2012. واعتبرت «الرابطة اليونانية لحقوق الإنسان» أن قتل مغني الراب المناهض للفاشية «تم بدوافع سياسية، وهو دليل على التصعيد في أعمال العنف النازية التي بدأت وتتواصل من دون أن يعاقب عليها (الحزب النازي) تقريبا».

ووعد وزير النظام العام نيكوس ديندياس بتعزيز القوانين لا سيما تلك التي تخص «المنظمات الإجرامية والمجموعات المسلحة». غير أن مراقبين يشيرون إلى أنه رغم الحزم الذي أبداه رئيس الوزراء في التلفزيون فإنه لم يتخذ أي قرار فوري بحق الحزب النازي الجديد.

وأفادت عناصر التحقيق الأولية بأن مجموعة من ثلاثين شخصا ارتكبت الجريمة بعد أن انتظرت الضحية وأصدقاءه لدى خروجهم من مقهى كانوا يشاهدون فيه مباراة كرة قدم. وأفاد شهود بأن عناصر نازيين كانوا في الداخل هم من دعوا رجالا يلبسون ثيابا سوداء إلى مساندتهم. ووقف المتهم بين المجموعة التي كانت تنتظر خارج المقهى، ووجه عدة طعنات قاتلة لبافلوس فيساس، فاعتقل على الفور، وأعلن المدعي «ملاحقات قضائية له بتهمة القتل العمد». وتم تشييع جثمان بافلوس فيساس أمس بحضور مئات الأشخاص.

وخيم التوتر الناجم عن مقتل فيساس أمس تزامنا مع مواصلة آلاف العاملين في القطاع الحكومي إضرابهم عن العمل لليوم الثاني على التوالي احتجاجا على قرار الحكومة بشطب وظائف كجزء من تعهداتها في إطار برنامج إنقاذها. وتوقفت الخدمات العامة مثل المدارس والمحاكم، واقتصرت عمل المستشفيات الحكومية على استقبال حالات الطوارئ بعد انضمام الأطباء إلى الإضراب.

وجاء الإضراب قبل لقاء مسؤولي اليونان بالدائنين الدوليين الأسبوع المقبل. وتعتزم الحكومة تعليق عمل 25 ألفا من موظفي القطاع العام هذا العام والاستغناء عن 15 ألفا بنهاية عام 2014. وتتلقى اليونان منذ عام 2010 قروضا دولية بقيمة 250 مليار يورو (350 مليار دولار)، لكن الاقتصاد لا يزال بعيدا عن الإصلاح.