بمقاطعة واستبعاد قوى وشخصيات.. قادة عراقيون يوقعون «وثيقة الشرف»

علاوي يسرق الأضواء.. والموقعون لا ثقة عندهم بتطبيق بنودها

TT

قللت الرئاسات الثلاث في العراق من أهمية عدم حضور عدد من القوى والشخصيات السياسية في مقدمتهم زعيم القائمة العراقية إياد علاوي ونائب رئيس الوزراء صالح المطلك للمؤتمر الوطني للسلم الاجتماعي وتوقيع وثيقة الشرف مؤكدة أن الحوارات سوف تستمر مع هؤلاء مع التأكيد على أهمية الالتزام ببنود الوثيقة التي تم التوقيع عليها أمس في أحد القصور الرئاسية داخل المنطقة الخضراء. وفي وقت حاولت فيه الكتل السياسية الرئيسة في البلاد اعتبار التوقيع على الوثيقة بوصفها الملاذ الأخير فيما يتعلق بالخلافات السياسية في العراق هو الأهم فإن عدم حضور زعيم القائمة العراقية ورئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي وزعيم جبهة الحوار الوطني صالح المطلك ألقى بظلاله على المؤتمر. وكان المؤتمر قد بدأ أمس بمشاركة رئيس الحكومة نوري المالكي ورئيس مجلس النواب أسامة النجيفي وزعيم التحالف الوطني إبراهيم الجعفري وزعيم المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم ونائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني روز نوري شاويس ورئيس كتلة التحالف الكردستاني والقيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني فؤاد معصوم وشخصيات عشائرية ودينية.

وبينما عبرت كلمات كل من المالكي والجعفري والخزاعي والحكيم على أهمية الالتزام بالمبادئ العامة فإن رئيس البرلمان أسامة النجيفي هاجم سياسة الحكومة وإجراءاتها الأمنية، واتهمها بـ«الفشل» في توفير الحماية للمساجد ودور العبادة وعشائر السعدون في الجنوب والكيل بمكيالين بشأن مطالب المتظاهرين، بينما حذر من إهمال «وثيقة الشرف» التي ستوقع بين القوى السياسية اليوم، سيكون «المسمار الأخير في نعش التفاهمات بين الكتل السياسية». في السياق نفسه أكدت الرئاسات الثلاث أن المقاطعين لـ«مؤتمر السلم الاجتماعي سيتم التواصل معهم لإقناعهم للتوقيع على وثيقة الشرف». وقال نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي في مؤتمر صحافي عقده مع رئيسي مجلس الوزراء نوري المالكي ورئيس مجلس النواب أسامة النجيفي وعدد من قادة القوى السياسية بمبنى القصر الحكومي وسط بغداد إن «التوقيع على وثيقة السلم الاجتماعي استغرق عدة أشهر من المباحثات من أجل صياغة هذه الوثيقة»، متمنيا من الموقعين عليها «احترام تواقيعهم لأن الشعب سيحاسبهم إذا نقضوا هذا العهد».

من جانبه قال رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي، إن «الذين لم يحضروا إلى المؤتمر الوطني للسلم الاجتماعي لا نعتبرهم مقاطعين للاجتماع وسنستمر في حواراتنا والاستماع إلى آرائهم». من جهته أكد رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي أن «الذين أرادوا أن تخرج الوثيقة إلى أرض الواقع وقاطعوا المؤتمر عليهم الاستمرار معنا في المسيرة لحين تحقيق نتائج إيجابية بموجب وثيقة السلم الاجتماعي». وبعد أن ألقى عدد من القادة السياسيين كلمات في المؤتمر أعادت التأكيد على الثوابت السياسية والوطنية المعروفة ومن أبرزها ضرورة الالتزام بالدستور والتوافقات تم التوقيع على بنود وثيقة الشرف التي أكدت على العمل من أجل «صيانة الوحدة الوطنية لأبناء الشعب العراقي وحماية النسيج ‏الاجتماعي وعدم السماح لأي كان بإيجاد التفرقة الدينية أو القومية أو المذهبية»، و«اعتماد مبدأ الحوار ‏سبيلا وحيدا لمعالجة المشكلات والعقد التي تعتري مسيرة العملية السياسية والتعايش الاجتماعي في ‏البلد. ‏أما وثيقة السلم الاجتماعي فتقضي بتشكيل لجنة عليا برئاسة نائب الرئيس وعضوية عدد من قادة الكتل ‏السياسية يتفق عليها، وعلى عدد المشاركين فيها بهدف تبني برنامج السلم الاجتماعي في العراق، ‏واعتماد كل الآليات المفضية إلى تحقيقه وتفعيله وتعتمد اللجنة الدستور مرجعا أساسيا ومعيارا في كل ‏قضية نص عليها، أما القضايا التي سكت عنها الدستور فبالإمكان التحاور حولها والتوافق عليها وبما ‏لا يشكل تعارضا مع أي نص ورد فيه بما في ذلك الاتفاقات السياسية، وعلى ضوء ذلك فلا بد من ‏العمل على تحقيق ما تم الاتفاق عليه منها بعد إزالة كل عوائق التنفيذ».‏ وتباينت ردود فعل القوى والكتل السياسية سواء المشاركة أم المقاطعة أم التي تم استبعادها من المشاركة من المؤتمر والوثيقة. واعتبر رئيس كتلة التحالف الكردستاني في البرلمان العراقي فؤاد معصوم في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه الوثيقة والمؤتمر يمكن أن نعدهما خطوة إيجابية شريطة أن يتم الالتزام بما تم الاتفاق عليه». وأضاف معصوم أن «هناك رد فعل سلبيا من قبل الناس لما يجري في البلاد من أعمال عنف وترد أمني وفساد وعدم التزام بالمواثيق والعهود وبالتالي فإن الكثيرين ربما يرون أن مصير هذه الوثيقة لن يختلف عن سابقاتها»، مشيرا إلى أن «الأوضاع العامة في البلاد تتطلب مثل هذا النوع من الحوارات مع عدم استبعاد أحد والاهتمام بملاحظات من قاطع المؤتمر بهدف استيعاب الجميع».

وفي السياق نفسه أكد حمزة الكرطاني عضو البرلمان العراقي عن القائمة العربية التي يتزعمها صالح المطلك في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «عدم مشاركة الدكتور إياد علاوي وصالح المطلك وآخرين حتى ضمن كتلة متحدون التي يتزعمها أسامة النجيفي عبرت عن حقيقة أن كثرة وثائق الشرف والمؤتمرات ليست هي الهدف وإنما التطبيق العملي على أرض الواقع». وأضاف أن «ما لاحظناه من خلال اهتمام الرأي العام بالمقاطعين أكثر وأهم ممن شارك وهي رسالة بليغة يجب على المشاركين أن يأخذوها بنظر الاعتبار حيث إن من قاطع ليس معاديا ولكنه يرى أن هناك أمورا واضحة لم يجر تطبيقها وبالتالي فإن عليهم أن يأخذوا بعين الاعتبار حيث إن المقاطعة لم تكن حالة مزاجية وإنما بنيت على أسس واقعية». على صعيد متصل فقد كشف أمين عام الحزب الشيوعي العراقي وأحد أبرز قادة التيار الديمقراطي في العراق حميد مجيد موسى أنه «لم توجه دعوة إليه وإلى أي من قادة التيار الديمقراطي بالمشاركة في المؤتمر». وقال موسى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الجهة التي تبنت الدعوة لهذا المؤتمر ووثيقة الشرف لم توجه دعوة لنا وهو أمر بالقدر الذي نستغربه حيث إن هناك محاولة لاستبعاد التيار الديمقراطي والليبرالي في البلاد فإننا نؤكد أننا مع أي محاولة من شأنها إيقاف التدهور وفتح نافذة أمل». وعزا موسى أسباب استبعاد التيار الديمقراطي إلى «طبيعة الحراك الجماهيري والمتمثل بالفعاليات والمظاهرات والذي بدأ يحرج الجهات التنفيذية والتشريعية»، معتبرا «اقتصار المؤتمر على المتورطين بالأزمة يعني أن أفق الحل ضعيف لأنهم ليسوا من أصحاب الحل يوما».