آموس ل «الشرق الأوسط» ـ : ننسق مع الإيرانيين لحماية عمال الإغاثة الدوليين في سوريا

وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية تمنت ألا ينشغل العالم بالضربة العسكرية وينسى معاناة المواطنين

فاليري آموس
TT

وصفت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون الإنسانية، فاليري آموس، الوضع الإنساني في سوريا بـ«المتدهور»، متمنية ألا تنصرف التحركات الدبلوماسية الخاصة باتخاذ إجراء ضد نظام الرئيس بشار الأسد إلى استخدام الأسلحة الكيماوية، وتنسى معاناة السوريين، مشيرة إلى أن الأزمة الإنسانية في سوريا لم تعد متعلقة بسوريا فقط بل تحولت إلى معاناة إقليمية نظرا لوجود ملايين من المشردين واللاجئين في الدول المحيطة.

وأضافت آموس، في حوار مع «الشرق الأوسط» جرى على هامش المؤتمر السنوي الرابع بشأن الشراكة الفعالة وإدارة المعلومات، الذي اختتم أعماله أمس في الكويت، أن الأمم المتحدة تتعاون مع مجلس التعاون لدول الخليج العربية بشكل مكثف، مشيرة إلى أن هذا التعاون يمكن تلمس آثاره في اليمن على المستويين السياسي والإنساني، كما ذكرت أن الكويت تعلب دورا حيويا مهما في المجال الإنساني وهي من أكبر داعمي عمليات الإغاثة في اليمن. وفي ما يلي نص الحوار:

* كيف تصفين الوضع في سوريا؟

- الوضع متدهور عما كان عليه سابقا، وعندما زرت سوريا في مارس (آذار) من العام الماضي كان وقتها هناك مليون شخص تأثروا بالأحداث، والآن نتحدث عن 6.8 مليون إنسان منهم 4 ملايين تهجروا داخل سوريا وتركوا منازلهم، ومليوني لاجئ خارج سوريا. وهذه الأرقام تعني أننا أمام مأساة إنسانية لأننا نتحدث عن أطفال ونساء ورجال تضرروا جراء العنف إلى جانب تدمير مدارس ومستشفيات ومحطات كهرباء وحديث عن تلوث مياه الشرب ناهيك عن فقدان الليرة السورية 80 في المائة من قيمتها، ومن المؤلم أن نرى مثل هذا يحدث في سوريا ويتضرر الناس بهذا الشكل.

* هل تتوقعين أن تغير الضربة العسكرية المفترضة على سوريا المعطيات على الأرض؟

- سعدنا بالاتفاق الروسي الأميركي حول سوريا والمتعلق باستخدام القوة ردا على استخدام الأسلحة الكيماوية، لأن استخدام الأسلحة الكيماوية بأي شكل من الأشكال غير مقبول، ويجب ألا يصرف نظرنا أي قرار مرتبط بموضوع الأسلحة الكيميائية عن المأساة الإنسانية في سوريا، كما يجب أن نصل إلى حل سياسي لأن هذا سيؤدي إلى توقف العنف، وبعدها ستتطلب ذلك إدارة حملة إغاثية ضخمة ليس في سوريا فقط بل في الدول المحيطة بها حيث توجد مخيمات اللاجئين السوريين، وهذا يعني أن الأزمة السورية تحولت من مسألة داخلية إلى أزمة إقليمية.

* زرت طهران في الفترة الأخيرة.. كيف كانت مباحثاتك هناك؟

- كنت في إيران لبحث أمرين، الأول تأمين وصول المساعدات إلى المحتاجين والمناطق المتأثرة في سوريا، وحماية العاملين في المجال الإغاثي، لأن الإيرانيين لهم دور مؤثر على الحكومة السورية.. ودورنا هو أن نتحدث مع كل من له تأثير على الأطراف المتنازعة سواء الحكومة أو المعارضة لأن مهمتنا أن نعمل على وصول المساعدات للمحتاجين وتسهيل مهمتنا والمحافظة على سلامة العاملين في المجال الإغاثي. وكذلك بحثت مع الإيرانيين استعداداتهم للكوارث لأننا مشتركون معهم في برنامج شراكة في هذا الشأن.

* كيف تقيمين الوضع في اليمن؟

- اليمن يعاني من وضع معقد، وهناك جبهة خليجية موحدة للمساهمة في ترسيخ الاستقرار السياسي ودعم العمليات الإنسانية هناك وتوفير البنى التحتية والمشاريع التنموية داخل اليمن على المدى الطويل. وتعتبر الكويت من أكبر داعمي العمليات الإنسانية في اليمن. وما رأيته في اليمن كان مقلقا للغاية لأننا نتحدث عن أعلى معدلات فقر وسوء تغذية وبطالة وانعدام للأمن إلى جانب حركة نزوح جماعية لدواع اقتصادية لمهاجرين من القرن الأفريقي خاصة إثيوبيا ممن يرغبون في التسلل إلى المملكة العربية السعودية، وهؤلاء موجودون باليمن دون أي وظيفة ولا يحملون أوراقا ثبوتية أو أموالا ما يصعب عليهم العودة إلى بلادهم، وعليهم أن يتعايشوا مع الوضع. ويضاف إليهم المواطنون اليمنيون العائدون إلى اليمن من السعودية خاصة أن أسرهم افتقدت ما كانوا يرسلونه لهم، وبالطبع فإنهم لا يستطيعون العودة إلى وظائفهم السابقة بعدما فقدوها، ولذلك فإن الوضع باليمن معقد جدا، وهناك عدد من المنظمات التابعة للأمم المتحدة تعمل بالتنسيق مع شركاء محليين و700 موظف أممي يعملون من خلال هذه المنظمات التابعة للأمم المتحدة لمساعدة اليمنيين في أعمال الزراعة ومعالجة سوء التغذية وتوزيع المساعدات والغذاء.

* وماذا عن أوضاع السودان؟

- قدمنا مساعدة للحكومة السودانية بعد الفيضانات الأخيرة، لكننا نعمل في السودان منذ زمن طويل بسبب الصراع بين الشمال والجنوب قبل انفصال جنوب السودان كدولة مستقلة، وكنا نعمل من خلال المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الجنوب بعد عمليات التهجير والتشرد لآلاف البشر في دارفور، والآن هناك الوضع في جنوب كردفان والنيل الأزرق والمناطق الحدودية بين السودان وجنوب السودان حيث لا تزال هناك عمليات مسلحة تؤثر على المقيمين هناك ولا تمكننا من التواصل مع المحتاجين. وفي شرق السودان هناك مناطق تعاني من سوء تغذية وشح في المواد الغذائية، وهذا وضع أيضا معقد إنسانيا والأمم المتحدة حاضرة هناك بشكل مكثف، وأنا كنت في السودان بداية هذا العام لبحث التعاون مع الحكومة في مجال عمليات الإغاثة والمساعدات.

* ما هو حجم التعاون المشترك بين الأمم المتحدة ومجلس التعاون الخليجي؟

- هناك ثلاث مجالات تعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي والأمم المتحدة سواء على مستوى الدول منفردة أو مجتمعة. وأول مجالات التعاون هو الاتصالات والتنسيق في مجال التطورات السياسية ليس في المنطقة فقط بل في العالم أجمع، وأوضح مثال على ذلك ما حدث في اليمن. والثاني هو التعاون التنموي ورأينا مثال على ذلك مجموعة أصدقاء اليمن ومؤتمر المانحين الذي أقيم في السعودية لتمويل المشاريع التنموية والبنى التحتية في اليمن على المدى الطويل. والثالث هو التعاون على المستوى الإنساني لمساعدة المحتاجين من خلال التنسيق مع جمعيات الهلال الأحمر والجمعيات الخيرية التي تقوم بعملياتها في مختلف دول العالم. وما يهمنا في مسألة التعاون هو الشراكة بما أننا نعمل جميعا في نفس المجال الإغاثي فعلينا زيادة فاعلية مجهوداتنا. ولدينا مؤتمر دوري يقام بالكويت واستحدثنا مكتبا في الخليج، ولدينا عمليات تدريب وتعاون مع منظمة التعاون الإسلامي. كما أن لدينا تعاونا مع بعض الدول بشكل منفصل في مجال الإغاثة والمساعدات الإنسانية.

* وماذا عن تعاونكم مع دولة الكويت؟

- أنا موجود الآن في الكويت لحضور فعاليات المؤتمر السنوي الرابع حول الشراكة الفعالة وإدارة المعلومات من أجل عمل إنساني أفضل، والتقيت نائب أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد، وهو داعم كبير لما نقوم به. وكذلك لا نغفل دور أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد بدعمه واستضافته مؤتمر المانحين لدعم الوضع الإنساني في سوريا في يناير (كانون الثاني) الماضي وتبرع الكويت بمبلغ 300 مليون دولار وتسليمها لكامل التبرع إلى الأمم المتحدة. والكويت تعلب دورا حيويا مهما في المجال الإنساني وهي داعم قوي للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر ومنظمات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة. وأيضا هناك جهود مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية المستشار في الديوان الأميري الدكتور عبد الله المعتوق الذي يلعب دورا مهما في هذا المجال.

* يهدف مؤتمركم إلى بحث شراكة القطاع الخاص مع الأمم المتحدة، فكيف سيكون ذلك؟

- هناك شراكة متطورة بين القطاع الخاص والأمم المتحدة، وفي المجال الإنساني، وهناك منظمات منفصلة تقوم بعمل مختلف من بينها المفوضية العليا لشؤون اللاجئين واليونيسيف وبرنامج الغذاء العالمي، وجميعها لديها شراكات ضخمة مع مؤسسات القطاع الخاص لكن التنسيق يتطور حاليا في المجال الإنساني بين الأمم المتحدة والقطاع الخاص. ونحن نحتفل في أغسطس (آب) من كل عام باليوم العالمي للعمل الإنساني تكريما للعاملين في مجال المساعدة الإنسانية ممن قدموا أرواحهم أثناء تأديتهم عملهم وهذا التعاون مثمر وسنستمر في العمل مع مؤسسات، تمتلك الخبرات والتقنيات التي تساعدنا في عملنا.