ثلاثة ملايين كردي عراقي ينتخبون غدا 111 نائبا وسط توتر داخلي وإقليمي

نيجيرفان بارزاني يدافع عن حقوقهم الدستورية في تصدير النفط

TT

يعيش أكراد العراق غدا عرسا انتخابيا؛ حيث سيتوجه الناخبون في إقليم كردستان العراق إلى صناديق الاقتراع في انتخابات تشريعية تنظم وسط توتر كبير مع الحكومة المركزية، وغير بعيد من نزاع دام في سوريا المجاورة، وبمشاركة عدد كبير من الأحزاب والتكتلات السياسية يأتي في مقدمتها الحزبان الرئيسان؛ «الديمقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان، و«الاتحاد الوطني الكردستاني» بزعامة جلال طالباني رئيس جمهورية العراق، وبظهور قوة ثالثة قوية هي حركة التغيير بزعامة نوشيروان مصطفى.

ولعل ما يجعل هذه الانتخابات متميزة عن سابقاتها هي مشاركة كل من الحزبين الكرديين الرئيسين (أحزاب السلطة) - الديمقراطي الكردستاني, والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس طالباني، الغائب في رحلة علاج بألمانيا والحاضر في الصور واللافتات والشعارات الانتخابية - بشكل منفصل بعد أن شاركا في الانتخابات السابقة بقائمة مشتركة (التحالف الكردستاني).

ويحق لنحو ثلاثة ملايين كردي المشاركة في الانتخابات لاختيار 111 نائبا في البرلمان الكردي، الذي يشرع قوانينه الخاصة. ويقول قيادي بارز في الاتحاد الوطني لـ«الشرق الأوسط» إن «جماهيرنا تعتقد بأننا قدمنا كثيرا من التنازلات لحليفنا (الديمقراطي)، وأنهم أخذوا من حقوقنا الانتخابية»، مشيرا إلى أن «ترشيحنا بقائمة منفصلة يأتي ضد رأيي الشخصي، لكننا استجبنا لآراء قياديين وجمهور واسع في (الاتحاد)».

في المقابل، يرد قيادي في الحزب الديمقراطي قائلا لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذه التجربة مهمة ليعرف كل حزب حجمه الحقيقي بين الجماهير الكردية»، وأضاف: «نحن كنا نضع الاتحاد الوطني فوق أكتافنا ونصعد بهم الجبل، ونشعر اليوم بأن الثقل الذي كنا نشعر به جرت إزاحته مع أننا سنبقى نعمل ضمن تحالف استراتيجي معهم».

وتأتي الانتخابات التشريعية أيضا وسط تساؤلات حول مستقبل الأمة الكردية المنتشرة عبر البلدان المجاورة التي أظهرت اخيرا استعدادها لمناقشة المطالب الكردية، إثر تعرضها لحالة من عدم الاستقرار مما سمح للأكراد بالسيطرة على مناطقهم.

وسيجري التصويت غدا في ثلاث محافظات تمثل إقليم كردستان الذي يحظى بحكم ذاتي في شمال العراق، لانتخاب نواب لدورة تشريعية تستمر أربع سنوات. ومن المتوقع أن يحصد الحزب الديمقراطي الكردستاني أكبر عدد من المقاعد. ويواجه الاتحاد الوطني الكردستاني الذي تقاسم السلطة في الإقليم مع الحزب الديمقراطي، تحديا من حزب التغيير، خصوصا بسبب غياب الرئيس طالباني.

ويقول المحلل اسوس هاردي: «هذه الانتخابات قد تكون مهمة جدا؛ حتى أهم من (مجالس المحافظات) بالنسبة لإقليم كردستان لأنها على سبيل المثال إذا ما فاز الحزب الديمقراطي بأغلبية كبرى، فهو من سيقرر النظام» في إشارة إلى الصراع المحتدم بشأن الدستور في الإقليم. وتابع أن «حكومة قوية في إقليم كردستان قد تكون قوة لمناصري الكرد في العراق وسوريا وتركيا وإيران»، حسبما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. وأجريت عملية الاقتراع الخاص أمس التي شملت قوات الأمن والسجناء والمرضى والعاملين في المستشفيات، قبيل التصويت الرئيس الذي سيجرى غدا. ودوليا؛ يجري التركيز بصورة متزايدة على الإقليم الذي يتجه ربما إلى إعلان استقلاله بصورة كاملة عن الحكومة المركزية العراقية. ويشكل التقدم الذي أحرزه الأكراد في الإقليم، علامة فارقة مقارنة بالعقود المنصرمة التي كان الناشطون الأكراد يواجهون فيها الإعدام في تركيا وسوريا وإيران والعراق.

ويسعى إقليم كردستان الغني بالنفط إلى مد أنابيب نفط خاصة به، تعطيه مدخلا للأسواق العالمية، وقد صدر النفط عبر الحدود إلى تركيا المجاورة، ووقعت اتفاقات مع شركات طاقة أجنبية، تشمل شركات عملاقة مثل «إكسون موبيل» و«توتال». واعتمد الإقليم على سمعته بوصفه منطقة مستقرة أمنيا فضلا عن الاقتصاد الأسرع نموا من بقية العراق، لجذب الاستثمارات بشكل مستقل عن باقي أجزاء العراق. ودافع رئيس وزراء إقليم كردستان العراق عن حق الإقليم، الذي يتمتع بالحكم الذاتي، في تصدير النفط والغاز إلى الخارج خلافا لرأي حكومة بغداد. وقال نيجيرفان بارزاني في مؤتمر صحافي عقب التوقيع على اتفاق مع شركاء أجانب بشأن تزويد محطة كهرباء دهوك، في كردستان، بالغاز الطبيعي، أول من أمس: «أريد تطمين الشركات الأجنبية في المنطقة بأن الحكومة الكردية ستواصل سياسة تنمية الإقليم».

وتتهم بغداد إقليم كردستان بتوقيع عقود مع شركات أجنبية من دون إذنها، ولا تعترف بقانونية أي عقد لم يجرى التفاوض عليه تحت إشراف وزارة البترول. وقال بارزاني: «نحن لا نشكل تهديدا لأي دولة في المنطقة، ولا نريد العمل خارج إطار الدستور العراقي»، مؤكدا في الوقت نفسه «تصميمه على تصدير النفط إلى تركيا ودول أوروبية أخرى». ويقضي العقد المبرم مع المجموعة النفطية البريطانية بأن تقوم بإجراء تحاليل للتربة في حقل يقع في منطقة كركوك ويفتح الباب لزيادة إنتاج هذا الحقل. ويطالب كردستان العراق بهذه المنطقة المحيطة بكركوك والغنية بالنفط.

وكشف رئيس وزراء الإقليم أن العمل في إنشاء أنبوب لنقل الغاز بطول 50 كلم سينتهي في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل على أن يبدأ استخدامه في تصدير شحنات الغاز اعتبارا من الفصل الأول من العام المقبل.