مسلمو ميانمار: بين العنصرية والفقر

أكثر من 135 إثنية في البلاد.. واقتتال داخلي بانتظار اتفاقية سلام شامل

TT

يعاني المسلمون في ميانمار مشاكل عدة، أبرزها العنصرية، من مجموعات إثنية متعددة، على رأسهم الراكين في ولاية راخين التي تشهد أكثر الحوادث ضد المسلمين خلال السنوات الماضية. ولكن، هناك أيضا عنصرية ممنهجة من بعض العناصر المؤثرة في النظام الحالي، التي تمنع التحاقهم في القوات المسلحة وتمنعهم كغيرهم من الأقليات من تبوؤ مناصب رفيعة في البلاد. وتعتبر هذه من التحديات الأبرز، على حكام ميانمار حلها لو كانوا جادين في جهود الإصلاح.

وهناك عوامل معقدة تؤثر على وضع المسلمين، لا تنحصر فقط في مواجهة بين البوذيين والمسلمين، كما يصورها البعض. فهي مرتبطة أيضا بفقر ولاية راخين، حيث يوجد المسلمون الروهينغا المجاورة لبنغلاديش، بالإضافة إلى دور مجموعات من أغلبية إثنية البامار تخشى من أن ترسيخ الديمقراطية في البلاد قد يؤثر على قوتهم في البلاد. والبامار هم الإثنية الأكبر في البلاد وتوجد أقلية متطرفة بينهم تعتبر أنه من حق البامار احتكار حكم البلاد، رغم وجود 135 إثنية ومجموعة عرقية مختلفة في البلاد.

وبعد انتهاء عيد الفطر، فتحت الشرطة النار على مسلمي الروهينغا للمرة الثالثة في شهرين، مما يجدد التوتر في منطقة عانت العنف الديني العام الماضي. ولا تزال القرى الواقعة خارج سيتوي، عاصمة الولاية، تشهد اضطرابات بعد نزاع بشأن احتجاز شخص متوف من الروهينغا سرعان ما تصاعد إلى اشتباكات استمرت طيلة يوم الجمعة الذي أمطرت فيه الشرطة حشود الروهينغا بالرصاص.

ويسلط العنف الضوء على تنامي يأس الروهينغا في مواجهة طريقة تعامل تزداد قسوة من جانب الشرطة. وقال سكان محليون إن شخصين على الأقل قتلا وأصيب أكثر من 12 شخصا.

ويأتي تجدد التوتر رغم جهود الحكومة لتهدئة الأوضاع في ولاية راخين بعد تفجر موجتين من العنف الطائفي مع بوذيي راخين العام الماضي خلفا ما لا يقل عن 192 قتيلا و140 ألف مشرد، أغلبهم من الروهينغا.

وتقضي سياسات تشبه سياسات الفصل العنصري بعزل البوذيين عن المسلمين الذين يتكدس كثير منهم في مخيمات بدائية للنازحين دون أمل يذكر في إعادة توطينهم.

ولم تعلن الحكومة عن الأعداد الرسمية التي ماتت وجرحت من جراء الأحداث في ولاية راكين، ولكن تعد بالمئات بينما تم تشريد ما يقرب من 140 ألف نسمة من الروهينغا داخليا عن المجتمعات التي كانوا يعيشون فيها قبل الأحداث التي تفاقمت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وهناك صعوبة في معرفة الأعداد الحقيقية للمسلمين في ميانمار ومعرفة أوضاعهم الاجتماعية بسبب مضايقات من الحكومة على المؤسسات المدنية في هذا المجال. كما ان وزارة الداخلية تمنع الصحافيين الأجانب من الوصول الى المناطق الحدودية المضطربة لرصد الأحداث فيها.

وسعت منظمة التعاون الإسلامي إلى معالجة هذه المشكلة من خلال توقيع مذكرة تفاهم مع حكومة ميانمار في سبتمبر (أيلول) الماضي يسمح بموجبها للمنظمة بفتح مكتب خاص في البلاد، إلا أنه بعد ما يقارب عاما من الاتفاق لم تحصل الموافقة على ذلك. وأعرب رئيس المنظمة، أكمل الدين إحسان أوغلي، الشهر الماضي، عن استعداد المنظمة للمساعدة في الوصول إلى حل دائم للمشاكل القائمة لجميع المسلمين في ميانمار الذين يسعون للحصول على حقوقهم الأساسية.

ويذكر أن ميانمار في حالة صراع داخلي شبه دائم تقريبا منذ أن استقلت البلاد عن بريطانيا عام 1948، حيث يوجد بها مجموعة كبيرة من الجماعات المتمردة العرقية التي تقاتل من أجل الحصول على استقلالها أو الحصول على درجة من الاستقلال الذاتي. وهناك أكثر من نزاع مسلح مختلف، استطاعت الحكومة أن توقع اتفاقيات وقف إطلاق نار مع 13 جماعة مسلحة عرقية، ولكن ما زالت هناك مواجهات مثل النزاع المطول مع إثنية الكاشين قبل إمكانية توقيع اتفاقية سلام شامل قبل نهاية العام، من المؤمل أن تشمل جميع الأقليات في البلاد.

والجماعة المتمردة الرئيسة الآن هي منظمة استقلال كاشين هي التي لم توقع على وقف لإطلاق النار، ولكنها وافقت على المشاركة في حوار سياسي مع الحكومة.