احتجاجات في العراق ضد قرار إلغاء صفة «الشهيد» عن عبد الكريم قاسم

مستشار المالكي يرفض القرار

TT

بعد أقل من أسبوع على الفتوى التي أصدرها مجلس شورى الدولة باعتبار المؤسس الثاني للدولة العراقية الحديثة بنسختها الجمهورية وأول رئيس وزراء في العهد الجمهوري عبد الكريم قاسم «متوفى» وليس «شهيدا» طبقا لقانون مؤسسة الشهداء التي هي جزء من مؤسسات العدالة الانتقالية في عراق ما بعد عام 2003 أعلنت القوى الديمقراطية والليبرالية في العراق رفضها لهذا القرار مطالبة بإعادة النظر فيه لما ينطوي عليه من إجحاف بحق قاسم. وتصاعدت الاحتجاجات الجماهيرية حيث نظم العشرات من المواطنين العراقيين مظاهرة في شارع المتنبي وسط بغداد أمس الجمعة احتجاجا على قرار مؤسسة الشهداء إلغاء قرار سابق لها عدت فيه الزعيم عبد الكريم قاسم شهيدا. ورفع المتظاهرون الذين جابوا شارع المتنبي في إطار حملة قرروا مواصلة تنظيمها لحين العودة إلى القرار السابق لافتات كتب عليها «صفة الشهادة لا يمنحها من لا يعرف معنى التضحية في سبيل الوطن».. وكانت وثيقة مسربة عن اللجنة الخاصة في مؤسسة الشهداء كشفت إلغاء قرار سابق لها عدت فيه الزعيم قاسم شهيدا. لكن رئيس الوزراء نوري المالكي وطبقا لما أعلنه مستشاره الإعلامي علي الموسوي أعلن رفضه للقرار حيث كتب هامشا على القرار أنه من الحق والإنصاف اعتبار قاسم شهيدا على يد البعث حتى لو اقتضى الأمر عمل تشريع. من جانبها أعلنت مؤسسة الشهداء أنها «طرحت التعديل الثاني لقانونها لاحتساب رئيس الوزراء الأسبق الزعيم عبد الكريم قاسم شهيدا». وقال نائب رئيس مؤسسة الشهداء كاظم عويد في تصريح صحافي أمس إن «إلغاء قرار احتساب الزعيم عبد الكريم قاسم شهيدا جاء بفتوى من مجلس شورى الدولة». وأضاف عويد أن «المؤسسة تقدمت بالتعديل الثاني لقانونها الذي يتضمن احتساب ضحايا فترة حكم البعث من 8/ 2/ 1963 حتى 18 /11 من ذات العام شهداء، ونأمل إقرار هذا التعديل». من جهته عبر الحزب الشيوعي العراقي الذي يعتبر عبد الكريم قاسم حليفا له بعد نجاح ثورة 14 يوليو (تموز) عام 1958 عن استنكاره واستغرابه لقرار من هذا النوع. وقال رائد فهمي عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الطرح وإن كان يبدو من الناحية الشكلية إجرائيا إلا أننا لا يمكن لنا إغفال طابعه السياسي سواء كان هذا الطابع واعيا أي مقصودا أم غير ذلك لأننا لا يمكن إلا أن نتوقف عند دلالات هذا الموقف الذي جاء في توقيت غريب». وأضاف فهمي أن «عبد الكريم قاسم قتل في ظروف كلنا نعرف تداعياتها والتي ما زلنا حتى اليوم نعيشها وندفع ثمنها وبالتالي فإن التعامل مع شخصية وطنية بحجم الزعيم عبد الكريم قاسم بهذه الكيفية لمجرد أن هناك إشكالا في القانون أمر ليس مقبولا ليس فقط من قبل محبي الزعيم قاسم أو ورثة نهجه ولكنه غير مقبول وطنيا لأن هذه المسألة ومهما كان يجب أن تعالج بأسلوب واع ومدرك ودون إثارة العواطف والعواطف المضادة». وتساءل فهمي قائلا «هل يمكن أن تبلغ درجة انعدام الحساسية السياسية إلى هذا الحد»، معتبرا أن «عدم دراية رئيس الوزراء نوري المالكي بالأمر وإعلان تعاطفه ودعوته إلى إصدار تشريع يعني أولا أن المالكي ضد القرار ومتعاطف مع الزعيم قاسم ولكنه يعني أيضا أن مسألة بهذا الحجم لا ترفع إلى الجهات العليا في الدولة بحيث لا يعلم بها رئيس الوزراء مما يعني أن مؤسسة الشهداء تعاملت مع عبد الكريم قاسم كونه مجرد رقم في معادلة الموتى والشهداء وليس قضية ورمزا لا يمكن بأي حال من الأحوال اختزالها بهذه الطريقة التي تبين حجم الاستهانة بالرموز الوطنية الكبرى دون الأخذ بنظر الاعتبار المزاج الشعبي العام الذي ينظر إلى عبد الكريم قاسم نظرة اعتزاز وإجلال». وفي السياق ذاته أكد حسين الساهي عضو التيار الديمقراطي في العراق في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «التوصيف القانوني الوارد في مؤسسة الشهداء لمن قتلوا في سلطة البعث لم يحدد زمنا وبالتالي فإنه لا ينبغي الفصل بين سلطة البعث عام 1963 وعام 1968»، مشيرا إلى أن «قاسم لم يمت في سريره أو حادث سيارة بل مات وهو يهتف يحيا الشعب العراق وكان بإمكانه البقاء في السلطة لو كان قد وزع السلاح لكنه آثر الموت على قيام حرب أهلية ودفع حياته ثمنا للسلم الأهلي».