مصر تجتاز امتحان بدء العام الدراسي في المدارس والجامعات.. والمخاوف مستمرة

اشتباكات محدودة في الدلتا وامتناع تلاميذ ثلاث مدارس ثانوي بالصعيد عن الدراسة

مدرعات الجيش المصري تمر في طريق الكورنيش المطل على المتوسط في مدينة الإسكندرية أمس (أ.ف.ب)
TT

يغمس عم محمد فرشاته في دلو ويمررها على شعارات مناوئة للجيش على أسوار جامعة القاهرة، في عمل بات روتينيا منذ أن عزل الجيش المصري الرئيس السابق محمد مرسي في يوليو (تموز) الماضي، لكن المخاوف التي تشغل المصريين الآن هي أن تتحول لعبة القط والفأر بين «الإخوان» والسلطات الجديدة المدعومة من الجيش، إلى مواجهات عنيفة داخل أسوار الجامعة التي استقبلت أمس طلابها في أول الأيام الدراسية في البلاد.

الطلاء الرخيص الذي يستخدمه عم محمد، يشف شعارات سبق أن طمسها بفرشاته، وقد ترك له أنصار مرسي، المنتمي إلى جماعة الإخوان، عبارات ساخرة من قبيل «مبروك الطلاء الجديد.. ويسقط يسقط حكم العسكر».

ودشنت جماعة الإخوان، التي تعهدت بإسقاط ما تسميه «الانقلاب العسكري»، أول من أمس، أسبوع «الشباب عماد الثورة»، الأمر الذي يعكس إصرار الجماعة على الضغط على النظام الجديد.

وتملك جماعة الإخوان حضورا لافتا داخل الجامعات، رغم خسارتها في الانتخابات الطلابية الأخيرة، بينما تهيمن على جامعة الأزهر، ونقابة المعلمين. وأوقفت السلطات الأمنية عددا واسعا من قيادات الصف الأول في جماعة الإخوان على رأسهم المرشد العام للجماعة محمد بديع، وهو المنصب الذي ظل شاغله بمنأى عن الملاحقات الأمنية طوال ثلاثة عقود من حكم الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك الذي أطيح به في 25 يناير عام 2011.

وشهدت مصر موجة من أعمال العنف أعقبت فض السلطات اعتصامين لمؤيدي مرسي في ميداني «رابعة العدوية» و«نهضة مصر» بالقاهرة والجيزة، في منتصف أغسطس (آب) الماضي، سقط خلاله مئات القتلى وآلاف المصابين، كما نجا وزير الداخلية من محاولة اغتيال استهدفت موكبه في 5 الشهر الحالي.

واشتبك طلاب جماعة الإخوان، أمس، مع موظفين داخل كلية الطب بجامعة المنصورة (دلتا مصر)، حاولوا منعهم من إغلاق المدرجات وطلاء الجدران باللون الأصفر المميز لشعار «رابعة العدوية» (كف أسود طوي إبهامه على خلفية صفراء).

وقال أحمد جلال، وهو موظف في جامعة المنصورة، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، إن الاشتباكات امتدت خارج قاعات الدراسة، وتحولت ساحة كلية الطب إلى ساحة معركة بين موظفي الكلية وطلاب معارضين لـ«الإخوان»، مما أسفر عن سقوط إصابات وصفها بالطفيفة.

وفي مدينة طنطا بمحافظة الغربية (وسط الدلتا)، نظم المئات من الطلاب المنتمين لجماعة الإخوان مظاهرات أمس داخل المجمع الطبي بالجامعة، للمطالبة بعودة الرئيس المعزول والإفراج عن قيادات «الإخوان» الموقوفين.

وبينما رفع المتظاهرون لافتات تحمل شعار «رابعة»، وأخرى مكتوب عليها «لا لانقلاب السيسي (الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع)»، و«الشعب يريد عودة الشرعية»، أعلن الطلاب المتظاهرون، عن نيتهم تنظيم مظاهرات يوميا في جميع كليات جامعة طنطا.

وفي الإسكندرية، قطع العشرات من طلاب جماعة الإخوان طريق الكورنيش أمام جامعة الإسكندرية، وردد الطلاب المتظاهرون هتافات من بينها «لا مدرسة ولا كلية حتى تعود الشرعية».

وأعلنت السلطات حالة الطوارئ منتصف أغسطس (آب) الماضي، كما فرض حظر التجوال في 14 محافظة، بينها العاصمة القاهرة. وجددت السلطات منتصف الشهر الحالي حالة الطوارئ لشهرين آخرين، لكنها خففت ساعات الحظر عدة مرات باستثناء يوم الجمعة الذي يشهد عادة مظاهرات لأنصار الجماعة. ويعد يوم أمس السبت إجازة رسمية في معظم قطاعات الدولة، والمدارس الحكومية والخاصة، الأمر الذي يثير المخاوف من أن يشهد اليوم (الأحد)، موجة من العنف في المدارس والجامعات.

وقالت مصادر في مجلس رئاسة الوزراء، إن قرار بدء العام الدراسي في موعده يهدف إلى إظهار قدرة السلطات على المضي قدما باتجاه وضع أكثر استقرارا رغم المعوقات، خاصة مع فرض سلطة الدولة في مناطق غاب عنها الأمن لفترة، في إشارة إلى مدينة كرداسة (غرب القاهرة)، وقرية دلجا بمحافظة المنيا (جنوب القاهرة).

وحاضر وزير التعليم العالي، حسام عيسى، في كلية الحقوق جامعة عين شمس (شرق القاهرة)، التي خصصت للمرة الأولى بوابات إلكترونية لكشف المتفجرات على أربع من بواباتها.

وقالت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط»، إن خبراء المفرقعات وقوات الإطفاء تفقدوا أمس عددا من المدارس والمعاهد التي بدأت فيها بمحافظة القاهرة، للتأكد من خلوها من أي قنابل أو مفرقعات «خشية أي أعمال إرهابية، ولطمأنة أولياء أمور التلاميذ».

وأشار تقرير لوزارة التربية والتعليم إلى أن الدراسة انتظمت في 12 محافظة على مستوى الجمهورية، فبينما سجلت امتناع عدد من طلاب ثلاث مدارس في محافظتي المنيا وسوهاج (صعيد مصر) عن الانتظام في الصفوف الدراسية والتظاهر في فناء المدرسة، رافعين شعار «رابعة العدوية».

وسعى أنصار جماعة الإخوان إلى شل الحركة في شوارع القاهرة ومترو الأنفاق خلال الأسبوع الماضي، لكن تأثير هذه المساعي ظل محدودا إلى حد بعيد. وبينما يواصل عم محمد طلاء أسوار الجامعة لطمس شعارات أنصار «الإخوان»، ترك جدارا كتب عليه أنصار الجماعة «مصر إسلامية»، وهو أمر يعكس مدى تأثير الدين في حياة المصريين، ويؤشر إلى أن عدم قدرة الحكومة الجديدة على توفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين قد يوسع من دائرة الاحتجاجات في البلاد، بحسب مراقبين.