باكستان تطلق مساعد زعيم طالبان «لتسهيل المصالحة» الأفغانية

جدل حول قدرة الملا برادار على إقناع أتباع الحركة المتمردة بالجنوح إلى السلام

مقاتلون من حركة طالبان في لقطة أرشيفية في مدينة هيرات (أ.ف.ب)
TT

أعلنت باكستان أنها أفرجت أمس عن الملا عبد الغني برادار الذي كان الذراع اليمنى لزعيم حركة طالبان الأفغانية الملا عمر، استجابة لطلب كابل التي تأمل في أن يضطلع بدور حاسم لصالح عملية السلام في أفغانستان. وتقول إسلام آباد إن «الهدف من الإفراج عن الملا برادار الذي اعتقل مطلع 2010، هو تسهيل عملية المصالحة الأفغانية من أجل وضع حد للنزاع القائم منذ نحو 12 سنة بين حكومة كابل التي يدعمها الحلف الأطلسي ومقاتلي طالبان».

وصرح الناطق باسم وزارة الداخلية الباكستانية عمر حميد «نعم أطلق سراح برادار» دون مزيد من التفاصيل، فيما أكد مصدر من حركة طالبان شبه رسمي عملية الإفراج. وسرعان ما رحبت الحكومة الأفغانية التي تحاول عبثا منذ سنوات التفاوض مع طالبان التي لم تتمكن من هزمها، بهذا القرار الذي يأتي بعد بضعة أسابيع من زيارة قام بها الرئيس الأفغاني حميد كرزاي إلى إسلام آباد. وقال محمد إسماعيل قاسم يار العضو في المجلس الأعلى للسلام في أفغانستان، الهيئة الحكومية التي أنشأها كرزاي للتفاوض مع طالبان: «نشكر الحكومة الباكستانية لأنها استجابت لطلب الحكومة الأفغانية ونحن سعداء بهذا الإفراج». وأكد قاسم يار أن «برادار كان دائما مستعدا لخوض مفاوضات سلام ونأمل أن يفعل ذلك قريبا».

وكانت باكستان أشارت هذا الأسبوع إلى أنها لن تسلم برادار إلى الحكومة الأفغانية، وقال سرتاج عزيز كبير المستشارين الدبلوماسيين لرئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف إن برادار «هو الذي يجب أن يقرر ما إذا كان يريد الإقامة هنا (في باكستان) أو في أي مكان آخر يفضله».

ودار الحديث على عدة جهات مثل تركيا والسعودية والإمارات العربية المتحدة لكن عدة مصادر طالبانية أكدت أنه سيظل في باكستان متنقلا بين كراتشي (جنوب) حيث تقيم عائلته ومناطق أخرى. واعتقل الملا برادار مطلع 2010 في مدينة كراتشي، إحدى القواعد الخلفية لقادة طالبان الأفغان، في عملية قامت بها الـ«سي آي أيه» بمساعدة عناصر باكستانية. وقد اتهمت إسلام آباد، حليفة واشنطن التي يشتبه مع ذلك في أنها تتخذ مواقف مزدوجة مع المجموعات المسلحة، بعد اعتقال الملا برادار بالسعي إلى تقويض مبادرات السلام في أفغانستان البلد الذي دمر بسبب 30 عاما من الحروب. غير أن باكستان التي واجهت أيضا تمردا عنيفا من حركة طالبان الباكستانية على أراضيها، أعربت منذ 2010 عن استعدادها لتسهيل عملية السلام في أفغانستان وبدأت تفرج عن مقاتلي طالبان الأفغان الذين اعتقلتهم. وقال محمد إسماعيل قاسم يار باسم الحكومة الأفغانية «نحن متفائلون» إزاء تأثير الإفراج عن برادار على عملية السلام في أفغانستان، مؤكدا أن برادار «ما زال قياديا نافذا ومحترما في طالبان».

لكن الكثير من المراقبين شككوا في قدرة الملا عبد الغني برادار وهو الطالباني المعتقل الرابع والثلاثين الذي تطلق سراحه باكستان منذ السنة الماضية، في التأثير على حركة طالبان كي تقبل بمفاوضات سلام مع كابل. واعتبر الباحث في معهد العلاقات الدولية الاستراتيجية في باريس كريم بكزاد أن برادار لم يعد يتمتع بالنفوذ الذي كان ينسب إليه ضمن طالبان «لأن اعتقاله لم يضعفهم البتة بل العكس» لأن حركة التمرد حققت مزيدا من الانتصارات خلال السنوات الأخيرة. وأفاد مصدر داخلي في حركة التمرد الأفغانية لوكالة الصحافة الفرنسية أن «الإفراج عن برادار لن يغير شيئا، قد يساهم في تمرير رسائل لكنه لن يتمكن من استعادة النفوذ الذي كان يحظى به في قيادة طالبان لأن سياستهم لا تقوم على شخص واحد أو شخصين، إن الأمر أكثر تعقيدا من ذلك».

وحتى الآن لم تؤثر عمليات الإفراج عن معتقلي طالبان الأفغان على عملية المصالحة الأفغانية حتى أنه يبدو أن الكثير من الذين أفرج عنهم عادوا إلى قتال كابل وحلفائها في حلف شمال الأطلسي. ويأتي الإفراج عن عبد الغني برادار قبل بضعة أشهر من سنة 2014 المحفوفة بالمخاطر بالنسبة لأفغانستان التي ما زالت سيطرة حكومتها الهشة الموالية للغرب ضعيفة خارج المدن الكبرى لا سيما أنها ستشهد انتخابات رئاسية في أبريل (نيسان) المقبل وانسحاب أغلبية جنود الحلف الأطلسي نهاية 2014.