شركات النفط الأجنبية العاملة في السودان تعتذر عن بيع نصيبها لحكومة الخرطوم

وزير المالية: الدعم يذهب للأثرياء ويهرب إلى دول الجوار ولا يستفيد منه الفقراء

TT

كشفت الحكومة السودانية عن اعتذار الشركات العاملة في النفط في السودان عن بيع نصيبها للسودان لتغطية استهلاكه المحلي، الذي تأثر بعد انفصال جنوب السودان وذهاب معظم الإنتاج النفطي لصالح جنوب السودان، وأن الخرطوم كانت تعتمد على الشراء من أنصبة تلك الشركات في النفط السوداني، وأنها واظبت على الشراء من أنصبة تلك الشركات منذ استقلال جنوب السودان.

وقال وزير المالية علي محمود في مؤتمر صحافي عقد بالخرطوم، أمس، إن الشركات طالبت بدفع قيمة أنصبتها التي ظلت الحكومة تأخذها منها، وإن حكومته أصبحت ملزمة بالدفع لها، وإن الشركات أبلغتهم أنها لا يمكنها تطوير الإنتاج النفطي في البلاد، وهي لا تحصل على نصيبها منه.

وتعمل في إنتاج النفط السوداني شركات من الصين وماليزيا والهند وفقا لاتفاقية لقسمة الإنتاج بين حكومة السودان وتلك الشركات، منذ تسعينات القرن الماضي.

وأضاف محمود الذي خصصته وزارته لشرح دواعي رفع الدعم عن المحروقات والقمح، أن من بين الأسباب التي اضطرت حكومته لاتخاذ تلك الإجراءات الاقتصادية تهريب السلع المدعومة لبلدان الجوار، بكميات كبيرة.

وأوضح محمود أن وزارته تدعم المحروقات بما قدره 25 مليار جنيه سوداني، وتدعم القمح بـ7 مليارات أخرى، الشيء الذي يحملها مسؤولية كبيرة، وأن حكومته تبيع برميل النفط للمصافي المحلي بـ49 دولارا، وتشتريه وفقا للسعر العالمي بـ146 دولارا، تدفع هي الفرق الكبير في السعر، الذي يذهب (حسب قوله) لدول الجوار والمنظمات والأمم المتحدة، بما فيها السفارة الأميركية، ولا يذهب إلى المستحقين فعلا، ومن بين السودانيين، فإن الدعم يتوجه إلى الأثرياء وملاك السيارات الفارهة, وقال: «الحكومة تدعم أي سيارة تستخدم في المجاملات وبيوت العزاء والأعراس، بما يقارب 500 جنيه شهريا».

وقال محمود إن حكومته تسعى لتطبيق حزمة إصلاحات اقتصادية ضمن البرنامج الثلاثي لاستدامة الاستقرار الاقتصادي، لإنقاذ البلاد من دخول مرحلة اقتصاد الندرة، وإنها عازمة على تطبيق تلك الإصلاحات التي تتضمن رفع الدعم عن المحروقات، وتحريك سعر الصرف، واتباع سياسات تقشفية.

وكشف عن موافقة البرلمان السوداني على حزمة الإصلاحات المقترحة، وأنه من المقرر عرضها على مجلس الوزراء خلال أيام لإجازتها، في الوقت الذي يتوقع فيه أن يعلن الرئيس عمر البشير عن حزمة تلك الإصلاحات الاقتصادية في مؤتمر صحافي يعقد اليوم.

وذكر وكيل وزارة المالية يوسف الحسين أن إيرادات السودان زادت خلال النصف الأول من العام الحالي بنسبة 75 في المائة، مقارنة بالعام 2012م، وارتفعت نسبه الإنفاق العام إلى 37 في المائة، خلال الفترة ذاتها مقارنة بالعام الماضي.

وتقول الحكومة السودانية إنها تتبنى برنامجا إسعافيا ثلاثيا في الفترة من 2012 إلى 2014، يهدف لإعادة الاستقرار للاقتصاد السوداني، الذي تعرض لأكثر من هزة بسبب انفصال جنوب السودان بسبب ذهاب قرابة 75 في المائة من إنتاج النفط لدولة الجنوب الوليدة، فضلا عن الضغوط الخارجية وشح الموارد وارتفاع الدين الخارجي وفوائده، على الرغم من تحسن الأداء الضريبي بنسبة 135 في المائة، بسبب سياسات توسيع للقاعدة الضريبية أفقيا، ومحاربة استيلاء الوزارات على إيراداتها المعروفة محليا بـ«التجنيب»، ومكافحة التهرب الضريبي.

بينما ترى قوى المعارضة أن مقترحات البرنامج لإسعافي الثلاثي لن تحل المشكلة، وأن المشكلة ليست مالية بل أزمة هيكلية اقتصادية متكاملة، ولن تحل إلا بذهاب نظام الحكم وسياساته، وتعتبر الإجراءات المزمعة تجويعا للمواطنين، تشكك في وجود دعم للمحروقات والسلع الأخرى لترفعه الحكومة.

ويبلغ العجز في الميزانية السودانية للعام 2013م 10 مليارات جنيه (1.47 مليار دولار)، وتبلغ الإيرادات 25 بليار فيما تبلغ المنصرفات 35 بليار جنيه، وعجز في الميزان التجاري قدره 2.7 مليار دولار، إذ إن الصادرات تساوي 4.5 مليار دولار، في حين تبلغ الواردات 7.2 مليار. وتبلغ نسبة الفقر بين السكان 46 في المائة، حسب خبراء وزارة المالية، وتقول السلطات إنهم غير مستفيدين من الدعم، بينما يتوقع أن ترتفع الأسعار بشكل جنوني عقب إنفاذ القرار، لا سيما أن مجرد التداول حول رفع الدعم رفع أسعار السلع والخدمات بشكل غير معهود، لما للمحروقات من تأثير على الإنتاج والخدمات.

وتدعو المعارضة السياسية ونشطاء المجتمع المدني لمقاومة تلك القرارات، وتخطط لتوظيفها في تنظيم احتجاجات شعبية تسعى لإسقاط نظام الحكم، وهو الشيء الذي يثير قلق كثيرين بين الطاقم الحاكم من الآثار التي قد تترتب على اتخاذ مثل هذا القرار الذي يتوقع أن يتسبب في سخط جماهيري كبير، لن تخفف من غلوائه حملة الترويج لتلك السياسات.