حزب بارزاني يلمح لتشكيل حكومة ائتلافية مع الاتحاد الوطني والإسلاميين والأقليات

قيادي كردي: تلميحاته ورقة ضغط لدفع حركة التغيير للقبول بشروطه التفاوضية

موظفون يفرزون أصوات المقترعين في الانتخابات البرلمانية التي جرت بإقليم كردستان السبت الماضي في مركز للفرز بأربيل أول من أمس (رويترز)
TT

مع وضوح صورة النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية الأخيرة في كردستان، تتجه الأنظار نحو الكيانات الفائزة بشأن تحديد شكل وملامح الحكومة الإقليمية المقبلة، التي تجمع آراء معظم الأطراف السياسية التي تتوافق مع الرغبة الشعبية، على تشكيل حكومة ائتلافية يتمثل فيها جميع الكتل الفائزة درءا للانقسامات وحصول صراعات سياسية حادة كما حصل في الدورة السابقة عندما شكلت المعارضة البرلمانية جبهة مضادة لأحزاب السلطة داخل البرلمان وخارجه.

لكن للأحزاب الفائزة رؤيتها الخاصة تجاه شكل تلك الحكومة. وفي هذا السياق، بادر فاضل ميراني، سكرتير المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس الإقليم مسعود بارزاني، برسم معالم هذه الحكومة حتى قبل ظهور النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية، بتشديده على ضرورة مشاركة حليف حزبه الاستراتيجي، الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني، في الحكومة المقبلة على الرغم من الهزيمة التي لحقت به في هذه الانتخابات. وقال ميراني في تصريحات إنه «إذا رغب الاتحاد الوطني بالمشاركة في الحكومة المقبلة، فإن حزبنا لن يشكل حكومة في غيابه».

وبدا ميراني وكأنه يلقي بطوق النجاة إلى حليف حزبه الاستراتيجي الذي يكاد يخرج من المعادلة السياسية في كردستان بوصفه شريكا دائما في إدارة السلطة، بل إنه انفرد لفترات محددة بقيادة حكومة الإقليم. إذ بدد سكرتير حزب بارزاني قلق حليفه فيما يتعلق ببقائه في السلطة بتأكيده على أن «الحزب الديمقراطي ملتزم بالاتفاق الاستراتيجي الذي وقعه مع الاتحاد الوطني، وفيما عدا نقطة واحدة من ذلك الاتفاق تتعلق بالنزول إلى الانتخابات البرلمانية بقائمة مستقلة، وهو كان رغبة قيادة الاتحاد ونحن احترمناها، لم تجر أية تغييرات محددة في ذلك الاتفاق الاستراتيجي، لذلك سنظل نتمسك به في الفترة المقبلة». وقال ميراني، الذي تشير مصادر حزبه إلى حصولهم على 42 من أصل 111 مقعدا في البرلمان الجديد في تصريحات نقلها موقع «روداو» الكردي المقرب من حزبه، أن «الاتحاد الوطني هو شريك لنا، وإذا أرادوا مشاركتنا في الحكومة المقبلة، فإننا لن نشكل حكومة من دونهم، ونحن في الحزب نرغب في تشكيل الحكومة المقبلة من حزبنا والاتحاد الوطني والإسلاميين والأقليات الأخرى، ويسعدنا أن يشاركنا الاتحاد الإسلامي في تلك الحكومة».

وفي حين أغفل ميراني أية إشارة إلى الجماعة الإسلامية التي يعتقد أنها حازت على ستة مقاعد في البرلمان المقبل، فإنه أكد أن مشاركة حركة التغيير، التي تقول مصادرها إنها حصلت على 29 مقعدا، «مشروطة». وقال إن «مشاركة حركة التغيير يجب أن تخضع لمفاوضات، لأن من يدخل الحكومة عليه أن لا يبقى في المعارضة، فلا يجوز لطرف سياسي أن يكون في الحكومة وفي الوقت ذاته يعارضها، يجب على من يريد المشاركة في الحكومة المقبلة أن يلتزم ببرامجها».

تصريحات ميراني هذه أثارت قلق أطراف المعارضة، لكن قياديا كرديا طلب عدم الكشف عن اسمه وهويته أكد لـ«الشرق الأوسط» أن هذه التصريحات «لا تعدو سوى ورقة ضغط على حركة التغيير التي احتلت المرتبة الثانية في الانتخابات الحالية». وقال إن «حزب بارزاني يدرك جيدا أنه لا يمكن إغفال الشعبية المتنامية لحركة التغيير وحجمها وثقلها السياسي في كردستان، وبالتالي لا يمكنه تحت أي ظرف كان أن يتجاوزها، ويبدو أن هذا الحزب يريد تشكيل حكومة مريحة بالنسبة له، ولذلك يسعى من الآن بإطلاق مثل هذه التصريحات لممارسة الضغط على قيادة التغيير للقبول بشروطه، خصوصا وأن ميراني أشار في تصريحاته إلى أن مشاركة الحركة في الحكومة ستحتاج إلى مفاوضات، ولذلك فهو يطرح أوراقه مبكرا على سبيل الضغط لتحسين موقفه التفاوضي في حال جرت المشاورات حول تشكيل الحكومة المقبلة». وأضاف: «رغم أن ما طرحه ميراني هو أحد السيناريوهات التي يدرسها حزبه حاليا، لكن هذا السيناريو مصيره الفشل، لأن الاستحقاق الانتخابي سيفرض نفسه على الأطراف السياسية، ولا يمكن لأحد أن يتجاوز على الآخرين أو يقصيهم من المشاركة لأن من شأن ذلك أن يؤدي إلى انهيار كامل للعملية السياسية والديمقراطية في كردستان بعد الحماس الكبير الذي ظهر على الشعب بالانتخابات الأخيرة».