ائتلاف المالكي يدافع عن «وثيقة الشرف» رغم توعد زعيمه المتظاهرين بـ«بحور الدم»

قيادي فيه: تصريحاته كانت واضحة إلا لمن يريد أن يتصيد في الماء العكر

TT

دافع ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي عن وثيقة الشرف ومبادرة السلم الاجتماعي اللتين وقع عليهما القادة السياسيون العراقيون الخميس الماضي، نافيا أن يكون المالكي يقصد بتصريحاته التي أطلقها من مدينة الناصرية السبت الماضي المتظاهرين من أصحاب المطالب المشروعة؛ «بل أولئك الذين يعلنون من على المنابر قطع الرؤوس وإسقاط العملية السياسية».

وقال صادق اللبان، عضو البرلمان عن ائتلاف دولة القانون، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «وثيقة الشرف أمر ملزم للقيادات السياسية التي وقعت عليها، ولم يحصل أي تغيير في الفهم أو الخطاب، لا سيما أن تصريحات رئيس الوزراء واضحة إلا لمن يريد أن يتصيد في المياه العكرة، وهي أمور نأمل أن نتجاوزها من أجل تقدم العملية السياسية وبناء الوطن بروح المحبة والأخوة بين الجميع». وأضاف أن «المالكي يعرف ما وقع عليه وما تعهد به، وبالتالي فإن الفرز هنا واجب حتى لا تختلط الأوراق؛ حيث إنه يقصد بشكل واضح لا لبس فيه أولئك الذين يستغلون أية فرصة للإطاحة بالعملية السياسية، وليس المتظاهرين من أصحاب المطالب المشروعة الذين نفذ كثير من مطالبهم لا سيما تلك التي تتعلق بالحكومة»، مشيرا إلى أن «الحكومة لو لم تعترف بتلك المطالب لما شكلت لجنتين عاليتي المستوى؛ الأولى وزارية برئاسة نائب رئيس الوزراء، ولجنة سياسية من كل الكتل برئاسة رئيس التحالف الوطني إبراهيم الجعفري، وهو ما يعني أن هناك اهتماما عالي المستوى، يضاف إلى ذلك أن رئيس الوزراء استقبل أكثر من مرة وفودا عشائرية من المحافظات الغربية، كما أبدت الحكومة استعدادها لاستقبال أي وفد من المتظاهرين لأغراض التفاوض».

وأكد اللبان أن «المطالب التي توافق الدستور لا بد أن تتم تلبيتها، ومعظمها لا علاقة للحكومة، وبالتالي المالكي، بها؛ بل هي تابعة للبرلمان لأنها تحتاج إلى تشريعات وقوانين»، مشيرا إلى أن «هناك إشكالية، وهي أن البعض بدأ يستغل المظاهرات؛ بل صادر الكثير منها وصادر إرادة الخيرين، وراحوا يتحدثون من على المنابر عن قطع الرؤوس، وبالتالي فإن كل من يحاول شق صفوف الشعب العراقي ويمزق اللحمة الوطنية ليس متظاهرا؛ بل له هدف آخر وهو التنسيق مع الإرهابيين من خلال الاختباء خلف المظاهرات».

وردا على الإشارات الواردة من كتلتي «متحدون» و«جبهة الحوار الوطني» بشأن تمزيق وثيقة الشرف من قبل المالكي، قال اللبان إن «هذا الكلام غير صحيح بالمرة، إذ أن الموقف من المظاهرات واضح لدينا، وكذلك الموقف من وثيقة الشرف، وستشكل لجان عالية المستوى برئاسة نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي، الذي هو الآن على رأس هرم السلطة، بعد عودته من الولايات المتحدة الأميركية، وذلك بهدف تفعيل بنود الوثيقة ومبادرة السلم الاجتماعي»، مؤكدا أن «التحالف الوطني بشكل عام و(دولة القانون) بصورة خاصة، حريصون تماما على إنجاح الوثيقة والمبادرة بوصفه جزءا من إنجاح العملية السياسية».

وكانت التصريحات التي أطلقها المالكي من مدينة الناصرية السبت الماضي عندما توعد من يطلق «الفتاوى الضالة المكفرة ممن يرتقون المنابر ويشتمون أكبر مكون عراقي، ببحر من الدم»، أثارت انتقادات من جانب العديد من القوى السياسية. فبعدما كان رئيس البرلمان، أسامة النجيفي، قد حذر خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده القادة بعد التوقيع على الوثيقة من أن أي تخل عن هذه الوثيقة سيكون المسمار الأخير في نعش التفاهمات السياسية، كررت كتلته «متحدون» ما قاله رئيسها بعد يوم من تصريحات المالكي في الناصرية، معتبرة أن «لغة التهديد والوعيد» التي ‏استخدمها رئيس الوزراء نوري المالكي في كلمته بمحافظة ذي قار «لا تنم عن سياسة حكيمة ‏تجاه مطالب شعبية شرعية».‏ وقال بيان للكتلة إن «لغة التهديد والوعيد تلك تبعث برسالة غير مطمئنة لمآل المبادرة الأخيرة ‏والميثاق الذي وضع عليه توقيعه بيده دليلا على القبول به والموافقة عليه لإشاعة السلم الأهلي في ‏البلاد وتكريسه عبر سياسات رشيدة تلبي المطالب الشرعية للمواطنين وتعمل على تحقيقها، لأنها ‏الوظيفة الرئيسة لأية حكومة ومهمتها الأولى؛ وإن لم تكن الوحيدة».‏ من جهته، أكد حامد المطلك، عضو البرلمان العراقي عن القائمة العراقية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «(وثيقة الشرف) يجب أن لا تكون هدفا في حد ذاته؛ بل وسيلة لتحقيق الهدف الأسمى، وهو حقن دماء الشعب العراقي التي تسيل بحورا، وبالتالي لا داعي لتهديدات المالكي ببحور جديدة من الدم». وأضاف المطلك: «لقد قلت قبل يوم من توقيع الوثيقة وأكرر الآن أنه لو كانت هناك معاني شرف للسياسيين الذين وقعوا على وثيقة الشرف، فإن عليهم وقف نزف الدم العراقي وعليهم أن يسحبوا الأسلحة من الميليشيات والعصابات التي تقتل الناس علنا وبعضها برعايات حكومية»، مشيرا إلى أنه «كان المطلوب منهم قبل التوقيع على الوثيقة أن يطبقوا على أرض الواقع ما سبق أن تعهدوا به من مواثيق وعهود»، معتبرا أن «العملية السياسية فاشلة، وأن السياسيين الحاليين لا عهود لهم ولا مواثيق، ولا يمكن للشعب العراقي أن يثق بهم بعد اليوم لأنهم ليسوا صادقين أبدا، وأن الكثيرين منهم لا يصلحون للمواقع التي يتحملون مسؤوليتها».