المستشفى الميداني المغربي في باماكو يعيد الفرحة للمرضى الماليين والحياة لملعب «موديبو كيتا»

الآلاف أقبلوا عليه بحثا عن خدمات صحية مجانية في مختلف التخصصات

الملك محمد السادس في حديث مع شاب مالي خلال زيارته التفقدية للمستشفى الميداني في باماكو رفقة الرئيس المنتخب إبراهيما بوبكر كيتا (ماب)
TT

يقف ضابط مغربي شاب على بوابة المستشفى العسكري الميداني، الذي أقامته السلطات المغربية في العاصمة المالية باماكو؛ محاولا تنظيم الأدوار بين مئات المواطنين الماليين الذين اصطفوا للاستفادة من الخدمات المجانية للمستشفى؛ أطفال ونساء وشيوخ تبدو علامات المرض والإعياء واضحة على محياهم، وهم يحتمون بالأشجار من شمس باماكو الحارقة.

الأجواء الصيفية في باماكو، التي تمتاز بارتفاع درجات الحرارة وتزايد نسبة الرطوبة، كل ذلك لم يمنع الضباط المغاربة، وأغلبهم من الشباب، من التعاطي بنوع من الرفق والعفوية مع مواطنين ماليين أغلبهم جاءوا من الأحياء الشعبية البعيدة ومن الريف، وذلك عندما علموا بوجود مستشفى مغربي يقدم خدمات صحية مجانية.

عشرات المنظمات غير الحكومية وهيئات المجتمع المدني التي تنشط في باماكو، تولت مهمة جلب المرضى وتنظيمهم في مجموعات وصفوف عند بوابة المستشفى، هذا بالإضافة إلى مراعاة الحالات الأكثر حاجة للمعاينة والرعاية، والتي تحظى بأسبقية الدخول على الأطباء المغاربة.

إحدى الناشطات في المجتمع المدني، سيدة مالية في الثلاثين من العمر ترتدي سترة بيضاء وتحمل قائمة بأسماء بعض المرضى، قالت لـ«الشرق الأوسط» عند بوابة المستشفى: «نحن هنا لمساعدة المغاربة في تنظيم عملهم ومن أجل أن يستفيد أكبر قدر ممكن من الماليين من خدمات هذا المستشفى المجاني، ودون النظام المحكم فلن تتحقق الأهداف المنشودة من وراء المستشفى»، وأضافت قائلة وهي تساعد عجوزا قدمت للتو: «لعلكم تعرفون أن الوضع الصحي في مالي عموما، وفي باماكو على وجه الخصوص، هو وضع صعب تأثر كثيرا بالأزمة التي عاشتها البلاد في العام الماضي، والفيضانات التي شهدتها العاصمة في الأسابيع الأخيرة».

المستشفى الميداني المغربي الذي يقع في ساحة مغلقة تابعة لملعب موديبو كيتا، أعاد الحياة إلى الملعب الذي غابت عنه الحركة منذ نهائيات كأس الأمم الأفريقية التي نظمتها مالي في سنة 2002، بالتعاون مع جارتها بوركينافاسو؛ فعادت الحركة من جديد للملعب الواقع في أسفل صخرة كبيرة يطل من على قمتها القصر الرئاسي المعروف محليا باسم «كولوبا».

المستشفى الذي تصل قدرته الاستيعابية إلى 40 سريرا، يتكون من عشرات الخيام العسكرية نصبت في ساحة مغلقة، تتقدمها خيمة للانتظار وخيام للمعاينة يوجد بها أطباء مغاربة يتولون مهمة الكشف على المرضى، إضافة إلى خيام أخرى مزودة بأجهزة لإجراء العمليات الجراحية والعمل المختبري وصيدلية؛ كل هذا يشرف عليه أكثر من مائة طبيب مغربي من مختلف التخصصات الطبية.

وقال مدير المستشفى الميداني الطبيب العقيد عبد الواحد بايت، في تصريح صحافي: «إن المستشفى يدخل في إطار المساعدة الإنسانية التي قدمها المغرب بتعليمات من الملك محمد السادس إلى الشعب المالي، ويعمل فيه فريق يتكون من 106 أشخاص، من بينهم أطباء متخصصون وممرضون وفريق للمواكبة والدعم».

وكانت التجهيزات المختلفة والفرق العاملة في المستشفى قد نقلت من المغرب إلى باماكو منذ نحو أسبوع على متن تسع طائرات، حملت أيضا مساعدات إنسانية مقدمة من العاهل المغربي الملك محمد السادس، الذي أدى في الأيام الماضية زيارة هي الأولى من نوعها لمالي.

وحسب ما أعلن عنه بشكل رسمي من طرف السلطات المغربية، فإن المساعدات الإنسانية المغربية الموجهة إلى مالي، التي وزعت في باماكو، من المنتظر أن تشمل أيضا المناطق الشمالية من البلاد، حيث يعاني مئات آلاف السكان من الجفاف وتدهور الوضع الصحي، والذي تأثر كثيرا بالتمرد الذي عاشته المنطقة العام الماضي.

وجرى تدشين المستشفى العسكري الميداني الجمعة من طرف الملك محمد السادس والرئيس المالي المنتخب إبراهيما ببكر كيتا؛ وفي تصريح صحافي على هامش حفل التدشين قال وزير الصحة والنظافة العمومية المالي، أوسمان كوني، إن «حكومة وشعب بلاده ممتنان للمغرب على هذه المبادرة الإنسانية والعمل التضامني، الذي يعزز أواصر التعاون والدعم المتبادل بين البلدين الشقيقين». ولاقت المساعدات الإنسانية المغربية وأيضا المستشفى العسكري الميداني، ترحيبا كبيرا من طرف الماليين.