انتهاء «عملية نيروبي».. و«الشباب» يهددون بهجمات جديدة

القوات الكينية قضت على خمسة مسلحين واعتقلت 11.. و«الأرملة البيضاء» البريطانية وأميركيان ضمن المنفذين

TT

أعلن الرئيس الكيني أوهورو كيناتا مساء أمس انتهاء الحصار الذي ضرب حول مركز «وست غيت» التجاري في نيروبي بعدما احتله مسلحون إسلاميون منذ السبت الماضي. وقال كيناتا: «لقد هزمنا من هاجمونا وألحقنا بهم العار»، موضحا أن «خمسة إرهابيين قتلوا بالرصاص وتم اعتقال أحد عشر مشبوها».

وجاء هذا التصريح الرئاسي بعد ساعات على إعلان «حركة الشباب» الصومالية التي تبنت الهجوم أنها لا تزال تحتجز رهائن «على قيد الحياة»، مشيرة إلى عدد «لا يحصى» من الجثث في المركز. وقالت الحركة المرتبطة بتنظيم القاعدة في حسابها الجديد على موقع «تويتر» إن «الرهائن الذين يحتجزهم المجاهدون داخل (مركز) وست غيت ما زالوا على قيد الحياة، إنهم مصدومون لكنهم على قيد الحياة. هناك عدد لا يحصى من الجثث الموزعة» في المبنى. وحمل هذا الإعلان الصادر من الحركة مخاوف من أن ترتفع الحصيلة التي أعلنتها السلطات، ذلك أنه لم يتسنَّ سحب كل الجثث منذ بداية العملية.

وهدد المتحدث باسم حركة الشباب الصومالية كينيا بهجمات جديدة في حال لم تسحب نيروبي قواتها المنتشرة منذ 2011 في الصومال بحسب تسجيل صوتي نشر أمس على الإنترنت. وقال المتحدث علي محمود راجي: «نؤذن الحكومة الكينية ومن دار في فلكها أنهم إذا أرادوا السلم والأمان فليخرجوا من بلادنا وليوقفوا التدخل في شؤوننا وليطلقوا سراح أسرانا وليتنصلوا من كل أشكال محاربة ديننا». وأضاف في التسجيل الذي نشر بعد ظهر أمس على حساب «تويتر» لحركة الشباب والمنتديات الإسلامية: «وإنه لأول الغيث فانتظروا أياما سوداء»، في إشارة إلى الهجوم الدامي على مركز ويست غيت التجاري في نيروبي.

وجاء هذا التهديد غداة إعلان وزيرة الخارجية الكينية أمينة محمد عن وجود أميركيين أو ثلاثة وبريطانية في عداد منفذي الهجوم المسلح على مركز ويست غيت. وأوضحت الوزيرة أمينة لشبكة «بي بي إس» الأميركية مساء أول من أمس أن المرأة البريطانية المحتمل ضلوعها في الهجوم سبق أن ارتكبت أعمالا مماثلة «عدة مرات». وكانت الوزيرة تشير على ما يبدو إلى سمانتا ليوثوايت المشتبه في كونها أرملة جيرمين ليندساي، أحد منفذي تفجيرات لندن في عام 2005، والتي تصفها الصحافة البريطانية منذ أيام بـ«الأرملة البيضاء». وبخصوص الأميركيين المشاركين في هجوم نيروبي، أوضحت الوزيرة أمينة أن هؤلاء الأميركيين «شبان تتراوح أعمارهم بين 18 و19 عاما من أصول صومالية أو عربية لكن كانوا يقيمون في الولايات المتحدة في مينيسوتا أو مكان آخر».

ونفت حركة الشباب التي قالت إنها على اتصال بأعضائها في المركز التجاري تعليقات الوزيرة. ونقلت وكالة «رويترز» عن المكتب الإعلامي لحركة الشباب في تغريدة: «أولئك الذين يصفون المهاجمين بأنهم أميركيون أو بريطانيون هم أشخاص لا يعرفون ما يجري في مبنى وست غيت». وقال مصدر أمني بريطاني إن من المحتمل أن تكون سمانثا ليوثويت مشاركة في هجوم نيروبي، لكنه شدد على أن هذا «مجرد احتمال ولا يوجد أمر مؤكد حتى الآن».

وصباح أمس حلقت طائرات هليكوبتر فوق المجمع الذي يتردد عليه الأجانب والأثرياء، والذي قالت حركة الشباب إنها هاجمته لمطالبة كينيا بسحب قواتها من الصومال. ورفض الرئيس الكيني أوهورو كيناتا ذلك وتعهد بعدم تغيير مساره في الصومال. وقال ضابط أمن طلب عدم ذكر اسمه صباح أمس قرب المركز التجاري الذي كانت تحيط به قوات الجيش: «ما زال يوجد مسلحون في المبنى». وعندما سئل إن كان لا يزال يوجد رهائن قال: «لسنا متأكدين حتى الآن».

وغادر عدد من الناجين المبنى أول من أمس لكن لم يتضح على الفور مصير أشخاص اعتبروا في عداد المفقودين بعد أربعة أيام من اقتحام المركز.

ونشرت صور للهجوم من الدائرة التلفزيونية المغلقة داخل المركز التجاري في صحف كينية أمس، إذ أظهرت اثنين من المتشددين يرتدون أحزمة بها ذخيرة. وكان أحدهما يمسك ببندقية هجومية.

وعرضت المحكمة الجنائية الدولية التي تلاحق حاليا الرئيس ونائب الرئيس الكينيين بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، مساعدتها أمس بهدف ملاحقة المسؤولين عن الهجوم. وتبنت حركة الشباب الإسلامية الصومالية الهجوم مؤكدة أنه رد على التدخل العسكري الكيني في الصومال الذي بدأ في 2011.

والسبت عند بدء الهجوم كان المركز التجاري الفخم الذي يملك إسرائيليون عدة مؤسسات فيه يعج بالمتسوقين من كينيين وأجانب من كل الجنسيات. وأفاد مصدر أمني بأن عملاء إسرائيليين يساعدون القوات الكينية لإنقاذ الأشخاص المحتجزين. ومساء الأحد أعلن الرئيس الكيني أوهورو كيناتا أنه تلقى عروضا من عدة «دول صديقة» للمساعدة، وأكد على أن العملية تبقى «كينية بامتياز».

وقتل في الهجوم عدد من الأجانب بينهم فرنسيان وستة بريطانيين وجنوب أفريقي وكورية جنوبية وهولندية وبيروفي وهنديان. وبين الجرحى خمسة أميركيين وعدد من الغربيين. وهذا الاعتداء هو الأكثر دموية في نيروبي منذ الهجوم الانتحاري لـ«القاعدة» في أغسطس (آب) 1998 الذي استهدف السفارة الأميركية وخلف أكثر من مائتي قتيل.

وسبق أن تعرضت مصالح إسرائيلية في كينيا لهجمات تبنتها «القاعدة»، ففي عام 2002 أدى هجوم نفذه ثلاثة انتحاريين على فندق يرتاده الكثير من السياح الإسرائيليين إلى مقتل 12 كينيا وثلاثة سياح إسرائيليين قرب مدينة مومباسا الساحلية. وفي شكل شبه متزامن نجت طائرة إسرائيلية تقل 261 راكبا من هجوم بصاروخين لدى إقلاعها من مومباسا أيضا.