التحفظ الكردي على «إصلاحات» أردوغان يهدد عملية السلام في تركيا

المعارضة تنتقد «سرية» الاتصالات مع زعيم العمال الكردستاني

TT

بعد نحو سنة على استئنافها تبدو عملية السلام بين أنقرة وحزب العمال الكردستاني في طريق مسدود مع رفض الأكراد مسبقا الإصلاحات الديمقراطية التي ستقدمها الحكومة الأسبوع المقبل باعتبارها غير كافية.

وأطلق حزب العمال الكردستاني طلقة الإنذار مطلع الشهر الحالي بوقف عملية انسحاب مقاتليه من الأراضي التركية التي بدأت في مايو (أيار). وبرر الحزب ذلك القرار باتهامه السلطات التركية بالتباطؤ في تنفيذ الإصلاحات الموعودة والمفترض أن تمنح مزيدا من الحقوق للأكراد المقدر عددهم بنحو 15 مليونا في تركيا. من جهته أخذ رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان على حزب العمال الكردستاني عدم الوفاء بتعهداته. وقال «إن 20% فقط (من المتمردين) غادروا تركيا وهم خصوصا من النساء والأطفال».

وقالت غولتان كيساناك، نائبة حزب السلام والديمقراطية الذي يعتبر الواجهة القانونية للحركة الكردية، لوكالة الصحافة الفرنسية إن «هناك مشكلات وتوترات»، مضيفة «لكن لا يمكن القول إن العملية قد انتهت لأن المفاوضات مع (زعيم حزب العمال الكردستاني) عبد الله أوجلان مستمرة».

وتعهد حزب العمال الكردستاني في الواقع بالإبقاء على وقف إطلاق النار طالما استمر السعي إلى إيجاد حل. وقال أوجلان لنواب حزب السلام والديمقراطية الذين التقاهم الأسبوع الماضي إن عملية السلام «تتحرك لكنها لا تتقدم».

وفي مارس (آذار) الماضي، وبعد محادثات سرية مع الحكومة الإسلامية المحافظة، أعلن أوجلان الذي ينفذ عقوبة السجن المؤبد منذ 1999 في جزيرة ايمرالي (شمال غرب)، مجددا وقف إطلاق النار.

وهذه البادرة أنعشت الأمل في إيجاد حل في نهاية المطاف لنزاع أودى بحياة أكثر من 40 ألف شخص منذ عام 1984. وبعد شهرين من ذلك بدأ حزب العمال الكردستاني بدأ بسحب مقاتليه المقدر عددهم بـ2500، من تركيا إلى قواعدهم الخلفية في كردستان العراق.

وفي مقابل هذا الانسحاب يطالب حزب العمال الكردستاني بإصلاح القانون الجزائي والقوانين الانتخابية وبحق التدريس باللغة الكردية وبحكم ذاتي إقليمي. ومن المفترض أن يعطي رئيس الوزراء رده في 30 سبتمبر (أيلول) من خلال عرضه حزمة «إصلاحات ديمقراطية». وهذه التدابير التي تعتبر مرحلة أساسية في عملية السلام الكردية، يفترض أيضا أن تبدأ بمسألة العلويين، الأقلية التي تمثل 20% من التعداد السكاني في تركيا، والأقليات الأخرى من غير المسلمين في البلاد.

لكن الحكومة تواجه «مهمة صعبة»، كما يرى نهاد علي أوزكان الخبير في المسائل الأمنية في مركز «تيباف» للدراسات في أنقرة. وقال «إن تقديم تنازلات إلى الأقلية الكردية تحد حقيقي مع اقتراب الانتخابات» المحلية في مارس والرئاسية في أغسطس (آب) 2014.

ويبدو أن السياسيين لا تساورهم أوهام في ذلك وأبدوا أسفهم لـ«الحزمة (التدابير) الديمقراطية» الخجولة التي سيقدمها أردوغان. وقالت كيساناك في هذا الصدد «لا نعتقد أن الإصلاحات بمجملها في حالتها الراهنة ستستجيب لمطالبنا بحقوق وحريات وستساهم في عملية السلام». وأضافت «دعونا بإصرار الحكومة لمناقشة الإصلاحات معنا ومع الشعب لكننا لم نتلق أي جواب».

وفي بلد تعتبر غالبية السكان فيه أوجلان «إرهابيا» فإن السرية التي تحاط بها محادثاته مع السلطات تلقى التنديد على نطاق واسع. وقال زعيم حزب الشعب الجمهوري، أبرز أحزاب المعارضة، كمال كيليتشدار أوغلو «إن عبد الله أوجلان جالس على طرف الطاولة وأردوغان على الطرف الآخر، إنهما يلتقيان ويتفاوضان والشعب ليس لديه أي فكرة عما يجري».

من جهته، أسف مصدر دبلوماسي غربي طلب عدم كشف هويته لأن «الإصلاحات الديمقراطية كان ينبغي أن تكون موضع محادثات مع الشعب وأحزاب المعارضة والوزارات المعنية»، مضيفا «في كل الأحوال فإن تركيا لا تختصر في أردوغان فقط».