مصر ترحب رسميا بتصريحات أوباما في الأمم المتحدة

مساع لإصدار إعلان دستوري مكمل يجيز إعداد دستور جديد

TT

في وقت تتسارع فيه الخطوات بمصر من أجل إنجاز خارطة الطريق وإتمام بناء المؤسسات الديمقراطية عبر تعديل الدستور المعطل، ووفقا للجدول الزمني الذي تعهدت به السلطة الانتقالية الجديدة، رحبت القاهرة رسميا أمس بالتصريحات التي أطلقها الرئيس الأميركي باراك أوباما أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، بشأن مصر. ووصف نبيل فهمي، وزير الخارجية المصري، كلمة أوباما بشأن مصر بأنها «إيجابية»، مشيرا في تصريح له أمس إلى أنها «تضمنت تأكيدات بعزم بلاده على إقامة علاقات بناءة مع الحكومة الانتقالية في مصر». وكان أوباما قد قال أول من أمس إن «بلاده ستحافظ على العلاقات الإيجابية مع الحكومة المؤقتة في مصر»، مشددا على أن «الدعم الأميركي سيتوقف على مدى إحراز مصر نجاحا في السعي لاتخاذ مسار أكثر ديمقراطية». وجرى عزل مرسي، المنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين في مطلع يوليو (تموز) الماضي، في أعقاب مظاهرات حاشدة ضده شارك فيها ملايين المصريين، وإثر ذلك وضع قادة الجيش بمشاركة نخبة من السياسيين والأزهر والكنيسة، خارطة طريق لمرحلة انتقالية تتضمن تعديل الدستور الحالي، وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية جديدة، في فترات زمنية متعاقبة. لكن أنصاره من التيار الإسلامي يعتبرون ما حدث «انقلابا عسكريا».

وقال فهمي، في بيان لوزارة الخارجية أمس إن خطاب أوباما تضمن تأكيدات متكررة بأن بلاده ستحترم إرادة شعوب المنطقة وخياراتها، وأن «الإدارة الأميركية عازمة على إقامة علاقات بناءة مع الحكومة الانتقالية في مصر، وعلى الحفاظ على المصالح المشتركة». ويرأس فهمي وفد مصر المشارك في الدورة الـ68 للجمعية، التي بدأت أعمالها في 17 سبتمبر (أيلول) الحالي، كما سيلقي كلمة مصر أمام المنظمة الدولية. واعتبر وزير الخارجية أن «كلمة أوباما تؤكد أن الولايات المتحدة سوف تستمر في مساندة أنشطة التعاون في المجالات التي تساهم في تحقيق رفاهية الشعب المصري، ونراها إيجابية تعكس تناولا موضوعيا للوضع في مصر».

وأضاف فهمي أن أوباما «أقر بأن مرسي رغم أنه انتخب بأسلوب ديمقراطي، فقد أثبت أنه لم يستطع أن يحكم بصورة غير إقصائية، وأن الحكومة الانتقالية التي خلفته استجابت لرغبات ملايين المصريين الذين اعتبروا أن (ثورة يناير) قد اتخذت مسارا خاطئا».

وقال إن إشارات الرئيس أوباما بشأن بعض الإجراءات التي اتخذت مثل مد قانون الطوارئ «جاءت خارج سياق حقيقة التطورات والأحداث في مصر، وهي على العموم أوضاع سيتم تجاوزها في سياق تنفيذ خريطة الطريق وبناء الدولة الديمقراطية المصرية الحديثة».

وعلى صعيد ذي صلة، واصلت «لجنة الخمسين»، المكلفة بمناقشة التعديلات على الدستور المعطل الذي صدر العام الماضي، عملها لدراسة مقترحا قدمته لجنة من 10 خبراء من القضاة وأساتذة القانون الدستوري.

وكشف سامح عاشور مقرر لجنة الحوار المجتمعي أمس أن اللجنة تتواصل مع رئاسة الجمهورية لإصدار إعلان دستوري مكمل ينص على إصدار دستور جديد بدلا من تعديل دستور 2012، مبررا ذلك بأن «المزاج الشعبي رافض لدستور الإخوان»، على حد تعبيره.

وقال عاشور خلال جلسة لجنة الحوار التي عقدت مع ممثلي الدعاة وشباب الأزهر وشباب الأقباط: «نحن نعد دستورا جديدا بالفعل، ولا مجال لإحياء ميت، وهذا هو الاتجاه داخل اللجنة». وتواجه «لجنة الخمسين» انتقادات بأنها غير منتخبة، وأنه لا يمثل فيها الإسلاميون إلا بعضو عن حزب النور (السلفي)، وعضو سابق بجماعة الإخوان المسلمين. ويرأس اللجنة عمرو موسى، أمين عام جامعة الدول العربية السابق.

وعقد أمس مجلس القضاء الأعلى اجتماعا مع موسى بدار القضاء العالي، للاستماع إلى رؤية أعضاء المجلس في شأن الفصل الخاص بالسلطة القضائية بالدستور، سواء في أحكامه العامة أو الفرع الخاص بالقضاء والنيابة العامة. وأبدى موسى خلال اللقاء اهتماما كبيرا بالاستماع إلى وجهات نظر وآراء ومقترحات شيوخ القضاة بمجلس القضاء الأعلى، في شأن نصوص التعديلات الدستورية المقترحة المتعلقة بالسلطة القضائية، حرصا على استقلال السلطة القضائية وحفاظا على استقرارها.

وتشهد «لجنة الخمسين» خلافا حادا حول مواد الهوية بالدستور الجديد، بسبب إصرار حزب «النور» على وضع مادة تلزم الدولة بتطبيق الشريعة الإسلامية. وقال الدكتور محمد إبراهيم منصور ممثل حزب «النور» في لجنة الخمسين إن ما تشهده مصر يجعل كل القوى المشاركة في لجنة تعديل الدستور تفكر في التوافق، مضيفا أن الحزب لا يفكر في الانسحاب من اللجنة لأن مصر تحتاج الجميع. وشدد منصور في تصريح له نقلته «وكالة أنباء الشرق الأوسط» الرسمية أمس، على أن الحديث عن انسحاب «النور» سابق لأوانه، لافتا إلى أن «النور» لديه العديد من الخطط في هذا المجال، وأنه لا يفكر في الانسحاب إذا تم رفض مقترحاته. وتابع قائلا: «الأمر يتعلق بثلاث مواد رئيسة، والقوى الوطنية وقعت سابقا على اتفاق بشأن المادة الثانية الخاصة بهوية الدولة، والمادة الثالثة الخاصة بممارسة الشعائر لغير المسلمين، والمادة 219 الخاصة بتفسير كلمة (مبادئ الشريعة)»، موضحا أن «الحزب قدم ثلاثة اقتراحات كحل لهذه الإشكاليات، تتمثل في حذف كلمة (مبادئ)، أو وجود تفسير لها، أو استبدال لفظ آخر بها يمكن النقاش حوله»، رافضا الإفصاح عن طبيعة هذا اللفظ المقترح، وأضاف أن النور ملتزم بما تم الاتفاق بشأنه أثناء التأسيسية الماضية وتوافقت عليه كل القوى السياسية في حينها.