«الائتلاف» يتهم أطرافا بإفشال الحكومة المؤقتة.. و13 فصيلا عسكريا يسحبون الشرعية منه

إدريس يقطع زيارته إلى باريس ويعود لسوريا.. و100 ضابط منشق يرفضون أي حوار بمشاركة طهران

مقاتلون في الجيش السوري الحر بعد إطلاقهم صاروخا بدائي الصنع في حي الأشرفية بحلب أمس (رويترز)
TT

أكدت مصادر في المعارضة السورية لـ«الشرق الأوسط» أمس أن رئيس هيئة الأركان في الجيش السوري الحر اللواء سليم إدريس، «سيقطع زيارته إلى باريس ويعود إلى الداخل السوري للتحاور مع قادة عدد من الكتائب الإسلامية وقعوا على بيان قبل يومين لسحب الاعتراف بالائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية». وقال المنسق الإعلامي والسياسي في الجيش الحر لؤي المقداد لـ«الشرق الأوسط» إن «السبب الرئيس الذي دفع هذه الكتائب إلى الإقدام على هذه الخطوة هو تقاعس المجتمع الدولي الذي تحول عند الكتائب المقاتلة إلى يأس من المعارضة نفسها».

وكانت 13 مجموعة عسكرية معارضة ذات توجه إسلامي في مدينة حلب شمال سوريا، أبرزها جبهة النصرة ولواء التوحيد ولواء الإسلام وحركة أحرار الشام والفرقة التاسعة عشرة ولواء الأنصار، أعلنت أول من أمس، سحب اعترافها بالائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية. ودعا المسؤول السياسي للواء التوحيد عبد العزيز سلامة، في شريط فيديو على موقع «يوتيوب» جميع الجهات العسكرية إلى «التوحد ضمن إطار إسلامي يقوم على أساس تحكيم الشريعة وجعلها المصدر الوحيد للتشريع»، مؤكدا أنها تنظر إلى أن «الأحقية في تمثيلها هو من عاش همومها وشاركها في تضحياتها من أبنائها الصادقين».

واعتبرت هذه الفصائل أن «كل ما يتم من التشكيلات السياسية في الخارج من دون الرجوع إلى الداخل، لا يمثلها ولا تعترف به، وبالتالي فإن الائتلاف والحكومة المفترضة برئاسة أحمد طعمة لا تمثلها ولا تعترف بها»، داعية «جميع الجهات العسكرية والمدنية إلى وحدة الصف ووحدة الكلمة ونبذ التفرقة والاختلاف وتغليب مصلحة الأمة على مصلحة الجماعة».

واعتبر عضو المجلس الأعلى لقيادة الثورة في حلب ياسر النجار لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا البيان هو رد مباشر على خطوة الائتلاف المعارض بالذهاب إلى مؤتمر (جنيف 2) والعبث بقضايا مصيرية دون استشارة الداخل السوري وقوى الثورة الحقيقيين». وقال النجار، المقرب من قادة الكتائب الموقعة على البيان، إن «تصريح رئيس الائتلاف أحمد الجربا بإمكانية ذهاب المعارضة إلى التفاوض دون شروط مسبقة دون استشارة الكتائب المقاتلة أثار غضب الداخل السوري إذ اعتبرت القوى الثورية هذا التصريح تنازلا للأطراف الخارجية الداعمة للثورة».

وبحسب النجار، فإن «القوى الموقعة على البيان ترى أن أي تفاوض يجب أن يكون على أساس تسليم الحكم وليس إعادة إنتاجه بأشكال مختلفة»، مؤكدا أن «أي جهة تقدم تنازلات سوف تفقد شرعيتها وستصبح غير معترف بها من السوريين». وحول دعوة الفصائل إلى إطار إسلامي يقوم على تحكيم الشريعة، رأى النجار أنه «من حق الشعب السوري أن يكون الإسلام هو مصدر التشريع بحكم الأكثرية العددية للمسلمين السنة».

ونقلت وكالة «رويترز» عن محلل في مركز دراسات الإرهاب والتمرد بمؤسسة «آي إتش إس جين» تشارلز ليستر قوله إن الجماعات الإسلامية المعتدلة الثلاث التي وقعت على البيان (لواء التوحيد ولواء الإسلام وصقور الشام) تمثل الوجود الرئيس للائتلاف الوطني السوري على الأرض. ورأى ليستر أن «إدراج القوة الرئيسة للجيش الحر يستنزف فعليا الجناح المسلح للائتلاف الوطني السوري وهو المجلس العسكري السوري. ومن المرجح أن التحالف الإسلامي المعتدل لم يعد موجودا كهيكل تنظيمي».

لكن المتحدث باسم مجلس القيادة العسكرية العليا لقوات المعارضة السورية، العقيد قاسم سعد الدين، استبعد أن يؤثر موقف هذه الكتائب على وحدة مقاتلي المعارضة في حلب، مؤكدا لـ«الشرق الأوسط» أن ما حصل «عبارة عن موقف سياسي لا عاقة له في الميدان».

وتعتبر المجموعات التي وقعت على البيان من أقوى التشكيلات العسكرية في مدينة حلب ريفها. ويأتي موقفها هذا بالتزامن مع جهود تبذلها المعارضة السورية لحشد موقف دولي يدعم توجهها الرامي لإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، الأمر الذي دفع عضو الهيئة السياسية في الائتلاف المعارض أحمد رمضان، إلى وضع إشارة استفهام حول توقيت هذا البيان والجهة السياسية التي تقف وراء صدوره.

وقال رمضان لـ«الشرق الأوسط» إنه «في وقت يخوض فيه الائتلاف معركة دبلوماسية في نيويورك لحشد دعم دولي للقضية السورية تدعو بعض الأطراف إلى سحب الشرعية منه». وحمل حركة «الإخوان المسلمين»، من دون أن يسميها، الوقوف وراء هذا البيان. وأشار إلى أن «أطراف معروفة سيطرت على الائتلاف لمدة تسعة أشهر وقادته إلى الفشل، تقف اليوم وراء هذا البيان لإفشال تشكيل الحكومة المؤقتة»، علما بأن لواء التوحيد، أحد أكبر التشكيلات العسكرية الموقعة على بيان سحب الشرعية من الائتلاف، معروف بقربه من «الإخوان».

وأوضح رمضان أن «هذا البيان لا يمثل رأي معظم القوى الثورية العسكرية في حلب المنضوية في المجلس العسكري الأعلى بالجيش الحر»، مشددا على «أنه لا يحق لأحد سحب الشرعية من المظلة العسكرية للثورة المتمثلة بالائتلاف لأن الأخير ليس جهة معارضة فقط بل هو تحالف من عدة إرادات سياسية تمثل المكونات السياسية في سوريا».

ودافع رمضان عن رئيس الحكومة المؤقنة أحمد طعمة بقوله إن «الأخير هو ابن الداخل، وحين كان يقبع في سجون النظام السوري كان من ينتقده اليوم جزءا من النظام أو لا يعرف معنى المعارضة».

وشدد رمضان على أن «موقف الائتلاف ثابت من مؤتمر (جنيف 2) ولا تراجع عن مطلب تنحي الأسد»، معتبرا أن تصريح الجربا، لناحية إعلانه استعداد الائتلاف المشاركة في المؤتمر، قد «اجتزأ من سياقه»، لأنه لا يمكن للمعارضة السورية القبول بأي تسوية سياسية لا تتضمن رحيل الأسد ومجموعته الحاكمة.

في موازاة ذلك، وقع أكثر من 100 ضابط في الجيش الحر، أبرزهم مؤسس الجيش الحر وقائده السابق العقيد رياض الأسعد ونائبه العقيد مالك الكردي، دعوة إلى مقاطعة أي مؤتمر حول سوريا تشارك فيه إيران، في إشارة إلى مؤتمر «جنيف 2»، معتبرين أن «الوقت حان ليعاقب المجتمع الدولي نظام الملالي على جرائمه في سوريا».

وأدان الموقعون، في نداء أطلقوه «أي حوار مع نظام الأسد المجرم وأي مؤتمر يفضي إلى أمر آخر غير الإطاحة بالنظام الحالي»، معتبرين أن «النظام الإيراني يشكل جزءا خطيرا من المشكلة وينبغي عدم إشراكه في أي حال من الأحوال في أي مؤتمر حول سوريا».