روحاني: نتائج زيارتنا فاقت توقعاتنا.. وهذه خطوة أولى في تحسين العلاقات مع واشنطن

لقاء كيري وظريف يمهد لانفراجة في الملف النووي الإيراني

الرئيس الإيراني حسن روحاني يستمع الى وزير خارجيته محمد ظريف عن لقائه وزير الخارجية الأميركي جون كيري على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك (أ.ف.ب)
TT

كان الارتياح ظاهرا على الرئيس الإيراني حسن روحاني في نيويورك أمس، إذ استطاع إنهاء زيارته الأولى للأمم المتحدة بنجاح وبنتائج ملموسة، أبرزها اللقاء التاريخي بين وزير خارجيته محمد جواد ظريف ونظيره الأميركي جون كيري في أول اجتماع رفيع المستوى بين البلدين منذ قطع العلاقات بينهما. وصرح روحاني في مؤتمر صحافي عقده أمس بأن «نتائج زيارتنا فاقت توقعاتنا»، معبرا عن عزمه البناء على تحسين العلاقات الدولية لبلاده في الفترة المقبلة.

وصرح روحاني بأن زيارته إلى نيويورك «خطوة أولى» في تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة، وهو أمر تعتبره إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما أولوية الآن. وجاءت تصريحات روحاني بعد ساعات من لقاء ظريف وكيري، الذي وصفه كيري بأنه «بناء» من جهة، بينما قال ظريف إن «اللقاء كان بناء». وأضاف: «شددنا على ضرورة مواصلة المناقشات من أجل الدفع السياسي للقضايا المشتركة».

وكانت تصريحات الوزيرين مقتضبة حول اللقاء، خشية من زيادة التوقعات حول الخطوات المقبلة. ولقاء كيري وظريف كان بديلا للتوقعات بلقاء بين الرئيس الأميركي باراك أوباما روحاني بداية الأسبوع على هامش مشاركتهما في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. وبعد أن عرض البيت الأبيض على الإيرانيين إمكانية «لقاء عابر» بين أوباما وروحاني، رفض الرئيس الإيراني المقترح، تاركا الخطوة التاريخية الأولى على مستوى الخارجية.

وكرر روحاني في مؤتمره الصحافي أمس عزمه العمل على المساواة ودعم الحريات، قائلا: «يجب أن تكون هناك مساواة بين النساء والرجال»، كما اعتبر أنه من الضروري «العمل على التعددية».

ولكن تبقى عقبات كثيرة، بعيدا عن التصريحات الإيجابية لتحسين العلاقات بين واشنطن وإيران، من بينها دعم إيران لحزب الله والأزمة السورية وغيرهما. وعن الأزمة السورية، كرر روحاني موقف بلاده بأن «الحل في سوريا هو سياسي وليس هناك أي خيار آخر.. يجب أن يوضع الطريق لخلق الظروف لجمع المعارضة وسوريا».

وعبر روحاني عن استعداد بلاده المشاركة في أي مفاوضات سياسية حول سوريا، وهو أمر سعت له إيران منذ أشهر، ولكن دولا عربية وغربية عدة تتحفظ عليه. وقال: «نؤكد استعدادنا المشاركة في أي مفاوضات ومن دون شروط مسبقة». وهذا تعديل على الموقف الإيراني الذي كان يضع شروطا مثل عدم الإشارة إلى ضرورة تنحي الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة لتحقيق الانتقال السياسي في البلاد. وأفادت مصادر غربية رسمية بأن الملف الأهم الآن في العلاقات الأوروبية والأميركية مع إيران هو فيما يخص الملف النووي الإيراني.

وأكد روحاني مجددا أمام الصحافيين الأجانب أنه «مخول التفاوض كليا» حول الملف النووي، بعد أن كانت المفاوضات سابقا بعيدة عن الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد ومرتبطة بالمرشد الأعلى علي خامنئي. وأضاف أنه يتوقع «حلا قريبا» للملف النووي، مجددا حرص بلاده على التحرك السريع للتوصل إلى اتفاق يخفف العقوبات الاقتصادية على إيران. وكرر روحاني مرات عدة خلال زيارته إلى نيويورك ولقاءاته الصحافية المتعددة ومرة أخرى في مؤتمره الصحافي أمس أنه «لا مكان للأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل في عقيدة إيران الدفاعية».

وشهد مساء أول من أمس أول لقاء بين ظريف، الذي تولى ملف التفاوض بعد توليه منصبه الشهر الماضي. وأجمع كل الحضور، الذين شملوا وزراء خارجية الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن ووزير خارجية ألمانيا غيدو فسترفيلي وظريف الذي ترأسته الممثلة للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون في مقر الأمم المتحدة مساء أول من أمس، على أن الاجتماع كان «بناء» وأجواءه أكثر «إيجابية» من السابق. واتفق المجتمعون على مواصلة المفاوضات في اجتماع في جنيف يومي 15، 16 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل برئاسة أشتون.

وقال ظريف إنه ينوي حضور الاجتماع، ولكنه من غير المعلوم إذا كان سيكون تمثيل الدول الأخرى على مستوى وزاري أو مستوى مديرين سياسيين، وهي الآلية المعتادة للمفاوضات.

ووصف ظريف اجتماع أمس مع الدول الست بأنه «ذو طابع عملي»، مشددا أيضا على ضرورة الإسراع في التفاوض.

واجتماع الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا مع إيران حول الملف النووي الذي استمر ساعة، حيث جلس كيري بجوار ظريف وتبادلا السلام، قبل بدء الاجتماع الثنائي لكيري وظريف الذي لم يجرِ الإعلان عنه سلفا. وخرج كيري مبتسما بعد اللقاء، وتحدث إلى الصحافيين مساء أمس بعد اللقاء قائلا: «بحثنا قليلا فرصة العمل قدما.. وقد اتفقنا على محاولة مواصلة عملية نسعى أن تكون صلبة من أجل الإجابة عن الأسئلة المطروحة حول برنامج إيران النووي». وأضاف: «اجتماع واحد وتغيير نهج (إيران) أمر مرحب به، ولكن لا يجيب على هذه الأسئلة وهناك الكثير من العمل علينا أن ننجزه».

وكانت هناك أجواء إيجابية في الأمم المتحدة مساء أمس عقب الانفراجة الدبلوماسية بين إيران والدول الغربية خاصة. ووصف كل من وزراء خارجية روسيا سيرغي لافروف، وبريطانيا ويليام هيغ، وألمانيا غيدو فسترفيلي، اللقاء بين الدول الست وإيران، وهو الأول منذ تولي روحاني الرئاسة، بأنه كان «بناء» وذا «نهج أكثر إيجابية».

وهناك حرص إيراني على مد الجسور مع الأميركيين مع تفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد جراء العقوبات. وأكد مسؤول أميركي أن قرار رفع العقوبات سيكون تماشيا مع مجلس الأمن وليس من طرف الولايات المتحدة بمفردها، وسيعتمد على خطوات ملموسة يمكن التحقق منها من قبل طهران. ولفت كيري في لقاء مع قناة «سي بي إس» أمس إلى أن بلاده «لن ترفع العقوبات إلى حين يكون من الواضح وجود عملية شفافة ومسؤولة، ويمكن التأكد من مصداقيتها، حيث نعرف تماما أين تذهب إيران في برنامجها النووي». وردا على سؤال حول إمكانية التوصل إلى اتفاق خلال 3 أو 6 أشهر، كما يقول الرئيس الإيراني، أجاب كيري: «بالتأكيد، ذلك ممكن».

ويذكر أن الاجتماع بين كيري وظريف حدث بعد أن التفت كيري إلى ظريف بعد انتهاء اجتماع الدول الست وسأله: «هل نلتقي لبضع دقائق؟». ليرد ظريف إيجابيا. وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى إن اللقاء الثنائي حض عليه عدد من المساعدين الذين تحدثوا إلى بعض، عكس ما كان يحدث في السابق عندما كان الطرفان يبقيان بعيدان عن بعض في أي اجتماع دولي يجمعهما. وأفاد المسؤول بأن اللقاء استمر لنحو 20 دقيقة من دون وضع أجندة رسمية له.

وكان هناك ترحيب من الدول الست وأشتون باللقاء بين كيري وظريف. وقالت أشتون إن كيري «رجل مهذب» في الرد عما إذا كان قد سلم على ظريف، وذلك قبل الإعلان عن الاجتماع بينهما.

ومن جهته، قال وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ إن هناك «تحسنا كبيرا في نهج وروح» المحادثات مع الإيرانيين، مقارنة بالحكومة الإيرانية السابقة، بينما اعتبر وزير خارجية ألمانيا أن الاجتماع جاء في إطار «مختلف كليا من حيث النهج والبيئة والروح»، معتبرا أن «نافذة فرصة فتحت» لحل الأزمة مع إيران.