أوباما: اتفاق الأمم المتحدة بشأن الأسلحة السورية «نصر» للمجتمع الدولي

الإعداد لعملية الانتقال في سوريا بعد الاتفاق على قرار مجلس الأمن حول الكيماوي

TT

قال الرئيس الأميريكي باراك أوباما أمس إن أي اتفاق تتوصل إليه الأمم المتحدة فيما يتعلق بالأسلحة الكيماوية السورية سيكون ملزما قانونيا وقابلا للتنفيذ.

وقال أوباما إن اتفاق الأمم المتحدة بشأن الأسلحة الكيماوية في سوريا يمكن أن يحقق نصرا للمجتمع الدولي. وأضاف أن هناك أوجه قلق فيما يتعلق بالتزام الحكومة السورية بتعهداتها بشأن الأسلحة الكيماوية.

تأتي تصريحات أوباما بعد أن استطاع الأميركيون والروس الاتفاق على قرار يصدر من مجلس الأمن يلزم النظام السوري بالتخلي عن أسلحته الكيماوية، تبدأ الجهود الحثيثة للعمل على اتفاق سياسي بهدف وقف سفك الدماء ووقف الدمار في سوريا. وقد أكد دبلوماسيون عرب وغربيون لـ«الشرق الأوسط» أن التركيز بات الآن على عقد اجتماع جنيف 2. وكان من المرتقب الإعلان الوشيك عن موعد لعقد لقاء يجمع بين ممثلين عن النظام السوري والمعارضة بمشاركة القوى الكبرى والجامعة العربية ودول جوار سوريا، لكن لم تحدد بعد الدول المشاركة فيه.

وكانت هناك قضايا عالقة حول مشروع القرار مما اضطر وزير الخارجية الأميركي جون كيري بعقد اجتماع طارئ مع نظيره الروسي استمر قرابة الساعة للتوصل إلى اتفاق حول نص القرار لتقديمه لاحقا للأعضاء الدائمي العضوية في مجلس الأمن. وتم الاتفاق على الإشارة إلى البند السابع للميثاق الأمم المتحدة بدلا من جعل القرار بموجب البند السابع.

وبعد اجتماع المندوبين للدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، تم التوصل إلى صيغة نهائية لمسودة القرار الذي كان من المتوقع التصويت عليها في وقت متأخر من مساء أمس بتوقيت نيويورك.

وبموجب المسودة التي وزعت أمس، ينص القرار «تقرر أنه، في حال عدم الالتزام بهذه المسودة، بما في ذلك النقل غير المشروع للأسلحة الكيماوية أو استخدام الأسلحة الكيماوية من قبل أي طرف في الجمهورية العربية السورية، تفرض إجراءات بموجب البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة». وهذه الفقرة تعني أنه في حال ثبت استخدام السلاح الكيماوي مجددا، سيكون على مجلس الأمن التصويت على قرار جديد يخول «إجراءات» قد تشمل استخدام القوة العسكرية. ورغم توقع استخدام روسيا حق النقض «الفيتو» في حال تم استخدام الأسلحة الكيماوية لاحقا في سوريا، فإن الدول الغربية وخاصة فرنسا والولايات المتحدة تعتبر أن الإشارة إلى البند السابع تعطيها غطاء للتحرك العسكري في حال لم تلتزم سوريا بتعهداتها فيما يخص السلاح الكيماوي.

وأكد وزير الخارجية الروسي أنه «لن يكون هناك فرض تطبيق القرار بموجب القرار السابع». ويشدد المسؤولون الروس بأن دمشق ستلتزم بتعهداتها ولكن ترفض موسكو وضع القرار بموجب البند السابع خشية من استخدامه لاحقا غطاء لاستخدام القوة العسكرية ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

ولفتت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة سامانثا باور إلى أهمية قرار مجلس الأمن إذ «لأول مرة منذ اندلاع الصراع في سوريا قبل عامين ونصف العام، استطاع مجلس الأمن أن يفرض قرارا إلزاميا على سوريا». وأضافت أن كون نص البيان يشمل أن «استخدام السلاح الكيماوي في أي مكان يشكل تهديدا للسلم والأمن الدوليين وهذه سابقة تعني وضع مجلس الأمن معيارا دوليا جديدا».

وإصدار القرار يعتبر تمهيدا لدفع العملية السياسية إلى الأمام، خاصة بعد أن استطاعت الولايات المتحدة وروسيا التوصل إلى تفاهم حول سوريا للمرة الأولى منذ أكثر من عام. وتم الاتفاق بإلحاق نص اتفاق جنيف الصادر في يونيو (حزيران) 2012 إلى القرار الصادر حول الأسلحة الكيماوية، كإشارة واضحة بأن الملف السوري ليس منحصرا فقط في قضية الأسلحة الكيماوية. وأفاد مصدر دبلوماسي غربي أن «الاتفاق على القرار المتعلق بالأسلحة الكيماوية يفتح المجال للعمل على الصعيد السياسي». وبينما يريد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ودول عربية وغربية تحديد موعد لاجتماع جنيف 2 في أسرع وقت ممكن، تتحفظ دول أخرى مثل الولايات المتحدة على تحديد موعد خشية من تراجع النظام السوري عن التزاماته فيما يخص الأسلحة الكيماوية. وهناك مفاوضات جارية في نيويورك حول إمكانية عقد مؤتمر جنيف 2 قبل نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) ولكن لم يتم الاتفاق على الموعد بعد. وكان من المرتقب أن تجتمع الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن لبحث الملف السوري مع بان كي مون والممثل العربي – الأممي الأخضر الإبراهيمي في نيويورك مساء أمس تحديدا لبحث هذه القضية.

في غضون ذلك تتجه منظمة حظر الأسلحة الكيماوية الجمعة إلى اعتماد مشروع قرار سيكون بمثابة خريطة طريق لتدمير الترسانة الكيماوية السورية، على أن تبدأ عمليات التفتيش على الأرض الثلاثاء المقبل على ابعد تقدير.

ويتيح مشروع القرار هذا الذي حصلت وكالة الصحافة الفرنسية على نسخة منه القيام بزيارات تفتيش في مواقع قد لا تكون في إطار اللائحة التي وضعتها دمشق لمواقع أسلحتها الكيماوية. ولا بد ليصبح نافذا أن يحصل مشروع القرار على موافقة الأعضاء الـ41 للمجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية الذين من المفترض أن يجتمعوا مساء أمس.

من جهتها اجتمعت مجموعة «أصدقاء الشعب السوري» مساء أول من أمس بهدف دعم الائتلاف السوري والتأكد من قدرته على الاستعداد للمشاركة في مؤتمر جنيف 2. وطغى بيان أصدرته مجموعات مسلحة معارضة سورية قبل يومين للإعلان عن انفصالها عن الائتلاف السوري على الكثير من المشاورات خارج التصريحات العامة للمجموعة، إذ هناك خشية من تراجع قوة الائتلاف مع إعلان بعض الفصائل المسلحة رفضها للعمل تحت قيادتها. وخاطب رئيس الائتلاف السوري أحمد الجربا اللقاء الرفيع المستوى في نيويورك، مؤكدا رفض الائتلاف للمجموعات المسلحة. واتهم الجربا «متطرفين قدموا من خارج الحدود» بـ«سرقة الثورة» السورية، مشيرا إلى أن النظام السوري غذى بعض هذه المجموعات للإضرار بالثورة السورية.

وحاول الجربا إبعاد الائتلاف السوري والجيش الحر عن المسلحين المتطرفين، قائلا: إن «ما نراه اليوم من جماعات مرتبطة بتنظيم القاعدة لا علاقة لها بالشعب السوري ولا بثورته ولا بجيشه الوطني الحر». وشاركت جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي وتركيا والولايات المتحدة باللقاء الذي استضافته فرنسا في مقر الأمم المتحدة أمس ضمن جهود إعطاء الائتلاف السوري الدعم السياسي والمعنوي المطلوب في المرحلة المقبلة.

وأصدرت المجموعة بيانا مشتركا جاء فيه التأكيد على ضرورة الانتقال السياسي في البلاد. وأفاد البيان أنه «من أجل السماح لعملية انتقال سياسي، ومن أجل تمكين خيار ذات مصداقية مختلف عن النظام السوري والجماعات المتطرفة، فإننا مصرون على زيادة دعمنا وتعميقه للائتلاف السوري بكافة أجزائه».

واعتبر وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أن اجتماع «أصدقاء الشعب السوري» كان ناجحا مع مشاركة أكثر من 100 دولة، 60 منها على مستوى وزراء الخارجية، في إشارة مهمة إلى دعم عملية الانتقال السياسي في سوريا.