هجوم بسبع سيارات مفخخة وقنابل يدوية على مقر وزارة الداخلية في أربيل

الأول من نوعه منذ ست سنوات في كردستان.. والضحايا ستة قتلى و62 جريحا

عناصر في الأمن الكردي يعاينون موقع تفجير استهدف مقر وزارة الداخلية في أربيل أمس (رويترز)
TT

عاشت أربيل، عاصمة إقليم كردستان، أمس يوما داميا بكل معنى الكلمة، ففي هجمة يعتقد بأنها كانت مخططة مسبقا، تعرضت وزارة الداخلية في حكومة الإقليم إلى هجوم بسبع سيارات مفخخة وبقنابل يدوية واشتباكات بالأسلحة الخفيفة، إلى جانب رشق مبنى رئاسة الحكومة أيضا بزخات من الرصاص، ما أسفر حسب الحصيلة الأولية لمجمل تلك التفجيرات عن سقوط ستة قتلى وإصابة 42 آخرين، معظمهم من منتسبي القوات الأمنية المكلفة بحراسة مقر الوزارة. واتهم محافظ المدينة نوزاد هادي في تصريح خاص بـ«الشرق الأوسط» تنظيم «القاعدة» بـ«الوقوف وراء الهجمات».

وتضم الوزارة مجمعا لدوائر الأمن العام والمحلي وتقع على أحد أهم شوارع المدينة المعروف بالشارع الستيني بقلب المدينة.

وفي التفاصيل، ذكر شهود عيان أن انتحاريين هاجما مبنى الوزارة بسيارتين مفخختين وفجراها أمام المبنى، وبعد أن تجمع عناصر الأمن في موقع التفجيرين لإخلاء الجرحى والقتلى، جاءت سيارة إسعاف بعد دقائق من وقوع الانفجار الأول سمحت القوات الأمنية بمرورها عبر الطوق الأمني لمساعدة الجرحى، ولكن تبين أن تلك السيارة كانت بدورها مفخخة، وانفجرت في موقع تجمع القوات الأمنية والمواطنين، ما ألحق خسائر أكثر مما سبقها، فيما انفجرت سيارة أخرى أيضا في الموقع لتصل إلى أربع سيارات، بالإضافة إلى سيارة أخرى غير منفجرة داخل مبنى الوزارة حاولت الفرق الخاصة أبطالها قبل انفجارها.

وبعد عدة دقائق من التفجيرات المذكورة سمعت أصوات إطلاق نار كثيف حول محيط الوزارة والأحياء الملاصقة لها، وفي حين تحدثت مصادر عن اشتباكات بالأسلحة الخفيفة بين عناصر الآسايش (الأمن) والمهاجمين، أكدت مصادر أخرى، أن أسباب إطلاق النار هناك كان لإبعاد المواطنين وعائلات منتسبي الوزارة والأمن الذين تجمهروا قرب الموقع للسؤال عن أبنائهم، ولم تقع أي مواجهات مع الإرهابيين.

وقالت المصادر الأمنية إنه «بعد تفجير أول سيارتين، هاجم مسلحون بالقنابل اليدوية مبنى الوزارة، لكن عناصر الحماية تمكنوا من قتلهم».

وفي اتصال مع مصدر بمجلس الوزراء كشف لـ«الشرق الأوسط» أن سيارة مسرعة مرت من أمام سياج مبنى مجلس الوزراء ووجهت زخات من الرصاص نحو المجلس، ولكن الهجوم لم يسفر عن وقوع ضحايا، ولا يعرف ما إذا كان تم إلقاء القبض على الجناة، لأن الوضع كان مرتبكا للغاية.

وللتذكير فإن جماعات مسلحة تابعة لتنظيم القاعدة في العراق سبق وأن شنت هجوما قبل شهرين في منطقة طوز خورماتو ضد قوات الجيش العراقي وصحوة العشائر، واستولت حينها على عدد من سيارات الإسعاف التي جاءت من كركوك وطوز خورماتو لنقل الجرحى، ويعتقد أن تلك السيارات هي ذاتها التي استخدمت في هجمات أمس في أربيل بعد تفخيخها لإيقاع المزيد من الضحايا بين المتجمعين حول جرحى الهجومين الأولين.

وأوضح الدكتور ريكه وت حمه رشيد، وزير صحة الإقليم، في تصريح أن «أي سيارة إسعاف تابعة للوزارة لم تنفجر بحادث الهجوم، وأن السيارتين قدمتا من خارج حدود الإقليم». وأكد رشيد أن «الحصيلة الأولية لعدد الضحايا بلغ ستة قتلى وإصابة 36 آخرين معظمهم من عناصر الأمن الذين تجمهروا في موقع التفجيرات الأولية، وأن العدد الأكبر من الإصابات وقع بانفجار سيارة الإسعاف».

وتأتي هذه التفجيرات بعد ست سنوات من آخر هجوم انتحاري لجماعة تنظيم «القاعدة» الذي استهدف أيضا مقر وزارة الداخلية عام 2007.

من جهته، قال نوزاد هادي، محافظ أربيل، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الحادث بدأ بهجوم شنه المسلحون بعدد من السيارات المفخخة على مقر الوزارة والأمن العام، ووقعت اشتباكات بين العناصر المهاجمة وقوات الأمن المكلفة بحماية وحراسة المبنى، وقتل على إثرها عدد من المهاجمين». وبسؤاله عن مصير السيارة المفخخة التي دخلت مبنى الوزارة والتي أشارت مصادر إلى أنها لم تنفجر، قال هادي: «لم تدخل أي سيارة مفخخة إلى المبنى، كذلك لا توجد أي إشارة إلى وجود سيارات أخرى مفخخة قرب موقع الحادث». وحول الجهات التي يعتقد بأنها تقف وراء تلك الهجمات قال محافظ المدينة «من حيث أسلوب الهجوم والتخطيط المسبق فإن الجهة التي تقف وراءها هي تنظيم القاعدة، إذ سبق لها أن نفذت عدة هجمات سابقة ضد المدن الكردستانية». وختم تصريحه قائلا «الوضع أصبح تحت السيطرة الكاملة، وتباشر الأجهزة الأمنية والاستخبارية تحقيقاتها في الحادث وسنعلنها للرأي العام».

وأصدرت مديرية الآسايش (الأمن) العامة في أربيل بيانا حول الحادث جاء فيه «بدأ الهجوم بتفجير (ميني باص) حاول سائقها اقتحام مبنى الأمن العام بها، فأطلق حراس المقر الرصاص باتجاهه ما أدى إلى تفجير الانتحاري للسيارة أمام البوابة الرئيسة للمبنى، وفي ذلك الوقت حاول أربعة مسلحين إرهابيين دخول المبنى بعد إلقاء عدد من القنابل اليدوية والاشتباك مع حراس المبنى، ولكن تم قتلهم جميعا، وبعد دقائق معدودة حاول إرهابي آخر اقتحام الموقع، وعند اقترابه من عناصر الأمن فجر السيارة التي يستقلها». ويمضي بيان مديرية الآسايش «وقع جراء هذا الهجوم الإرهابي ستة شهداء من قوات الأمن وإصابة 42 آخرين، وقتل ستة من المهاجمين».

وفي وقت لاحق أمس، أعلنت مصادر طبية بمستشفى الطوارئ في أربيل لـ«الشرق الأوسط» أن حصيلة الإصابات ارتفعت إلى 62 مصابا تم توزيعهم على مستشفيات الطوارئ بالمدينة، فيما استقر عدد القتلى عند ستة فقط.

وفي تطور أمني آخر، قتل 24 شخصا على الأقل في هجوم انتحاري بحزام ناسف استهدف أمس مجلس عزاء شيعي أقيم داخل مسجد في قضاء المسيب جنوب بغداد. وأوضحت مصادر لوكالة الصحافة الفرنسية أن انتحاريا فجر نفسه في مسجد الحسين في المسيب (60 كلم جنوب بغداد) بين معزين كانوا يشاركون في مجلس عزاء، ما أدى إلى مقتل 24 شخصا وإصابة 27 بجروح.