حزب الله يرفض تشكيلة حكومية من ثلاث حصص متساوية.. ويُعد سلام «غير حيادي»

سليمان يرجئ زيارته للسعودية إلى «موعد لاحق»

TT

أرجأ الرئيس اللبناني ميشال سليمان زيارته إلى المملكة العربية السعودية، التي كانت مقررة غدا (الثلاثاء)، وجاء في بيان صادر عن المكتب الإعلامي للقصر الرئاسي أنه «تم تأجيل زيارة سليمان إلى موعد لاحق يعلن في حينه»، من دون أن يعلن الأسباب.

وأعقب تأجيل الزيارة سلسلة أحداث هزت الوضع الأمني، أبرزها أول من أمس في مدينة بعلبك البقاعية وتوتر ليلي في مدينة طرابلس، شمال لبنان، ومأساة غرق مجموعة من اللبنانيين على متن عبارة كانت متجهة بطريقة غير شرعية من إندونيسيا إلى أستراليا قبل ثلاثة أيام.

وينعكس الوضع الأمني سلبا على الجهود المبذولة من قبل الرئيس اللبناني والرئيس المكلف بتشكيل حكومة جديدة تمام سلام من أجل إخراج صيغة حكومية، في وقت كان فيه سليمان رجح مطلع الأسبوع إمكانية أن تبصر الحكومة النور في الأسبوع الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الذي يبدأ غدا (الثلاثاء).

وفي حين أكدت مصادر مواكبة لعملية التأليف أنه «لا خرق جديد أو مؤشرات على قرب تشكيل الحكومة مع استمرار الفرقاء اللبنانيين في طرح الشروط والشروط المضادة»، وبالتالي «تبديد الآمال بإمكانية التوصل إلى تشكيلة في الأيام المقبلة»، لا يزال حزب الله على موقفه الرافض لأي تشكيلة لا يحظى فيها بأكثرية مقاعد تخول له التحكم بقرارات مجلس الوزراء، أي ما يعرف بالثلث «المعطل»، والذي يسميه حزب الله بـ«الثلث الضامن».

وفي سياق المواقف الصادرة أمس عن حزب الله، اعتبر وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية في حكومة تصريف الأعمال محمد فنيش، أن «حكاية (8+8+8)، في إشارة إلى توزيع مقاعد الحكومة الأربعة والعشرين إلى ثلاث حصص متساوية بين فريقي (8 آذار) و(14 آذار) والفريق الوسطي (سليمان وسلام والنائب وليد جنبلاط)، أصبحت مسألة مفضوحة لأن رئيس الحكومة المكلف مع احترامنا وتقديرنا لشخصه هو جزء من فريق (14 آذار) وحصته هي حصتهم». وأشار إلى أن «الحل الوحيد في لبنان هو تشكيل حكومة وحدة وطنية يتمثل فيها كل المكونات بما يتلاءم مع وزنها ويتناسب مع حجمها التمثيلي داخل المجلس النيابي، وهذا مطلب منصف وعادل».

وفي حين شدد فنيش على أنه «لا يمكن التفكير أيضا بحكومة يسميها البعض بـ(الأمر الواقع) لأن التفكير بها هو أمر غير واقعي وغير بناء ويدخل البلد في مشكلة أكثر تعقيدا»، دعا وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال حسين الحاج حسن إلى «تشكيل حكومة وحدة وطنية يتمثل بها الجميع بحسب أحجامهم المتمثلة داخل المجلس النيابي»، محذرا من أن «كل كلام خلاف هذا إنما هو في صدد تأخير تشكيل الحكومة وإبقاء الوضع على ما هو عليه».

ووضع الحاج حسن، خلال احتفال تربوي، كرة التعطيل في ملعب فريق «14 آذار»، متهما إياه بأنه «لا يريد تشكيل الحكومة لأنهم ينتظرون التعليمات من الخارج لذلك يتحدثون ساعة عن حكومة أمر واقع، وأحيانا حيادية أو تكنوقراط».

من ناحيته، دعا نائب حزب الله، علي فياض، إلى «ملاقاة سياسات الانفراج على المستوى الإقليمي من خلال تسهيل تشكيل الحكومة والإقلاع عن الشروط التعجيزية في ما يتعلق بالحكومة أو بالحوار». وقال، خلال احتفال تربوي، إن «واقع تصريف الأعمال لا يلبي الحاجات التي يتطلبها الواقع إنمائيا وأمنيا، وبالتالي لا يصح استبدال بحكومة تصريف أعمال حكومة تصريف أعمال أخرى لأنها ستزيد الواقع انحدارا». وطالب فياض بـ«تشكيل حكومة جامعة ومتوازنة تعكس الخريطة السياسية في البلاد»، مشيرا إلى أن «بعض القوى الإقليمية تعوق مسار الحل السياسي في سوريا، كما نخشى من أن تمارس الدور ذاته تجاه مسار حلحلة الملفات اللبنانية». ودعا اللبنانيين إلى «الانطلاق بأولوية المصالح اللبنانية على ما عداها».

من ناحيته، شدد وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال والمعاون السياسي لرئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، النائب علي حسن خليل، على «ضرورة تشكيل حكومة وطنية تستوعب كل القوى السياسية الفاعلة لمواجهة التحديات التي تواجه لبنان والمنطقة»، داعيا الجميع إلى «الحوار وإنتاج حل سياسي مشترك يقدم مصلحة الوطن على المصالح الفئوية».

ولفت، خلال الاحتفال التربوي، إلى أنه «اليوم أكثر من أي وقت مضى، أصبح ناضجا لدى كل القوى السياسية بداية الوصول إلى تشكيل حكومة وطنية جامعة، تستطيع أن تستوعب كل القوى السياسية بغض النظر عن المواقف اليوم التي تعلن من هنا وهناك، فالمطلوب والثابت هو أن الحل في حكومة تمثل الجميع وتنطلق من قواعد البحث عن الصيغ التي تعزز تأمين حلول لقضايا اليوم التي تشكل تحديات أمام اللبنانيين».

ودعا إلى أن «نخرج من عقدة التمثيل المقنع والتمثيل الذي لا يعكس حقيقة التركيبة اللبنانية بواقعها الفعلي، للوصول إلى الحكومة يستطيع الجميع أن يجلسوا إلى طاولتها ليتناولوا القضايا الأساسية التي تهم الناس في الجوانب الاقتصادية والمعيشية والمالية والاجتماعية».

في المقابل، أوضح النائب السابق والقيادي في «تيار المستقبل» مصطفى علوش، أنه «لا رؤية واضحة بعد لملف تشكيل الحكومة»، معتبرا أن «التشكيل لا يزال في نفق صعب، وفي ظل الوضع الإقليمي القائم على صيغة لا غالب ولا مغلوب يبدو أن الأطراف كافة تنتظر تغييرا معينا في هذا الوضع».

ورأى في تصريحات أمس أن «الرئيسين سليمان وسلام على عجلة في حسم ملف التشكيل، لكن (الأمر الواقع) المفروض عليهما يمنعهما من اتخاذ خياراتهما كرفضهما مبدأ (الثلث المعطل)»، لافتا إلى «وجود (إرهاب محلي) يمارس عليهما ويحول دون حسم التأليف».