مؤسس العهد الجمهوري في العراق لا يزال يبحث عن عنوان

استمرار الجدل حول اعتبار الزعيم قاسم «شهيدا»

عبد الكريم قاسم
TT

رغم أن الخيال الشعبي حوله إلى شبه أسطورة عندما تداول الناس حكاية مشاهدة صورته على القمر، فإن مأساة الزعيم عبد الكريم قاسم، مؤسس العهد الجمهوري في العراق في 14 يوليو (تموز) عام 1958، تتجدد الآن وعلى نحو أكثر مأساوية بسبب روتينية القوانين والإجراءات الحكومية وتناقضها مع بعضها.

قاسم الذي رفض اندلاع حرب أهلية عشية انقلاب الثامن من فبراير (شباط) عام 1963 بعد أن طالبه أنصاره بتسليحهم لمواجهة الانقلاب، يواجه اليوم جدلا قانونيا وسياسيا بشأن حقوقه كـ«شهيد»، بعد أن حسب كذلك خلال السنوات التي تلت سقوط النظام السابق عام 2003، غير أن مجلس شورى الدولة الذي وجد أن قانون «مؤسسة الشهداء والسجناء» تشمل ضحايا البعث ما بعد عام 1968، وهو تاريخ انقلاب البعث الثاني، ولا يشمل ضحايا انقلاب فبراير 1963، وفي مقدمتهم الزعيم قاسم نفسه.

وزارة العدل نفت ما تناقلته وسائل الإعلام بشأن احتساب قاسم «شهيدا» وإصدار قانون خاص بذلك. وقالت وزارة العدل في بيان أمس إن «مجلس شورى الدولة التابع لوزارة العدل نفى الأخبار التي نشرتها بعض وسائل الإعلام، والتي أكدت احتساب الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم شهيدا، وفقا لقرار حكومي صادر بهذا الشأن»، وأوضح البيان أن الأمر «يتطلب قرارا حكوميا يتم التصويت عليه من مجلس النواب واعتباره نافذا من تاريخ المصادقة عليه».

من جهته، أكد علي الموسوي، المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء نوري المالكي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هامش رئيس الوزراء كان واضحا لمؤسسة الشهداء، وهو أن بإمكانها تقديم مشروع قانون خاص بتعديل قانونها بما يسمح باحتساب الزعيم عبد الكريم قاسم شهيدا، وبالتالي فإنه لا داعي لهذا الجدل لأن الحكومة مع إصدار مثل هذا التشريع»، مضيفا أن «مجلس الوزراء سيقر مثل هذا التشريع بالسرعة الممكنة ويحال إلى البرلمان ونحن على ثقة من أنه لن يتأخر في البرلمان أيضا». وشدد الموسوي على أن «المسألة ليست أكثر من قانونية وإجرائية وليست سياسية، بل هي على العكس من ذلك؛ لأن الموقف من الزعيم قاسم محسوم ولا مجال للمزايدة فيه من أحد».

وكانت «مؤسسة الشهداء» أعلنت أنها طرحت التعديل الثاني لقانونها لاحتساب قاسم «شهيدا». وقال نائب رئيس المؤسسة، كاظم عويد، في تصريح إن «إلغاء قرار احتساب الزعيم عبد الكريم قاسم شهيدا جاء بفتوى من مجلس شورى الدولة». وأضاف أن «المؤسسة تقدمت بالتعديل الثاني لقانونها الذي يتضمن احتساب ضحايا فترة حكم البعث من 8-2-1963 حتى 18-11 من ذات العام شهداء، ونأمل إقرار هذا التعديل».

لكن هناء أدور، الناشطة في منظمات المجتمع المدني والقيادية البارزة في الحزب الشيوعي العراقي، اعتبرت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «كل ما يحصل الآن إنما هو مجرد مماطلة وتسويف لا أكثر، إذ لا توجد جدية لحسم هذا الأمر الذي أصبح معيبا تماما». وأضافت أن «السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا توجد أصلا مؤسسة الشهداء ما لم تعتبر عبد الكريم قاسم شهيدا الذي هو أحد ضحايا ممارسات النظام السابق سواء بنسخته الشباطية أو التموزية»، مشيرة إلى أن «قاسم أحد أبرز شهداء الحرية في العراق، وبالتالي فإن مؤسسة الشهداء ليست ملزمة في أن تعتبره شهيدا فقط وإنما يتوجب عليها إعلان ذلك أمام الملأ؛ لأن قاسم اغتيل غدرا وهو لا يملك من الدنيا شروى نقير». وترى أدور أنه «لا يليق بزعيم بمكانة الشهيد عبد الكريم قاسم أن يتحول الآن إلى ورقة تبحث عمن يقرها بين دوائر ومؤسسات الدولة.. الأمر الذي يعني أن ليس هناك جدية في هذا الأمر».