الإبراهيمي: انعقاد «جنيف 2» ليس مؤكدا بعد.. والأسد يقر بارتكاب أخطاء

تقارير استخباراتية عن إيداع النظام جزءا من سلاحه الجوي لدى إيران

سورية تحمل كيس مساعدات غذائية في الغوطة بريف دمشق. وتحذر منظمات دولية من مجاعة في المنطقة جراء حصارها من قوات النظام (رويترز)
TT

جدد المبعوث الدولي للسلام إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي الإشارة أمس إلى أنه ليس من المؤكد بعد عقد محادثات سلام في جنيف في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) بشأن أزمة سوريا، في حين اتهم الرئيس السوري بشار الأسد، في إطلالتين إعلاميتين أمس، الولايات المتحدة بـ«المماطلة» في تحديد موعد مؤتمر «جنيف 2»، مكررا تمسكه بـ«رفض التفاوض مع الإرهابيين»، لكنه أقر بارتكاب أخطاء في التعامل مع الأزمة.

وفي موقف هو الثاني له خلال أقل من أسبوع، أوضح الإبراهيمي، في مقابلة مع قناة «تي في 5» وإذاعة «فرنسا الدولية» أمس، أنه يحاول «دعوة الأطراف المعنية» ويشجع «الجميع على القدوم إلى جنيف في النصف الثاني من نوفمبر»، بعد أن كان قد أعلن في وقت سابق أن عقد الاجتماع «ليس مؤكدا بنسبة مائة في المائة».

ودعا الإبراهيمي المعارضة السورية ونظام دمشق إلى المشاركة في مؤتمر «جنيف 2» للسلام «من دون شروط مسبقة». وقال: «بشار الأسد لا يمكن أن يقول إنه لن يتفاوض مع هذا أو ذاك، والأمر نفسه ينطبق على المعارضة.. الروس يقولون لنا إن الأسد موافق».

وتبدد شكوك الإبراهيمي الآمال بإمكانية انعقاد مؤتمر جنيف، منتصف الشهر المقبل وفق الموعد الذي حدده الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، وإيجاد حل سياسي للأزمة المستمرة منذ منتصف شهر مارس (آذار) 2011. وتزيد الشروط المتبادلة من قبل الطرفين المعنيين بأزمة سوريا من تعقيد المشهد. ففي حين يكرر الأسد في تصريحاته الأخيرة، والتي بلغت عشرة خلال أقل من شهر واحد، رفضه الحوار مع معارضة الخارج والمسلحين، في إشارة إلى «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» و«الجيش السوري الحر»، يشدد أركان المعارضة على وجوب الانطلاق في «جنيف 2» من خطة البنود الستة التي أقرت في جنيف منتصف العام الماضي. وتنص الخطة الانتقالية تنحي الأسد وتسليمه السلطة إلى حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات تدعو لحوار وطني يسبق مراجعة الدستور وتعديله ثم تنظيم انتخابات حرة.

واعتبر الأسد، في تصريحات لصحيفة «تشرين» السورية، أمس، أنه «لا يوجد طرح محدد من أي دولة لعقد مؤتمر (جنيف 2)»، لأن الإدارة الأميركية «لم تتمكن من تحقيق انتصارات كبرى على الأرض في سوريا كانت تعتقد أنها ضرورية للوصول إلى (جنيف 2)». وقال إنهم «لم يتمكنوا من إيجاد ما يسمونه المعارضة الموحدة، والتي كانت تنتقل من تفكك إلى تفكك أكبر والمزيد من الانفراط».

وفي السياق ذاته، قال الأسد لمجلة «دير شبيغل» الألمانية أمس، إنه لا يعتقد أنه «من الممكن حل الصراع في سوريا من خلال التفاوض مع المسلحين»، معتبرا أن «المعارضة السياسية يجب أن لا تحمل السلاح، وأنه إذا كان هناك من تخلى عن سلاحه ويريد العودة إلى الحياة اليومية فحينئذ يمكن مناقشة الأمر».

إلا أن الأسد أقر بإمكان ارتكاب النظام «أخطاء» في النزاع الدامي المستمر منذ 30 شهرا.

وقال الأسد: «كلما تتخذ قرارات سياسية، تحصل أخطاء. الأمر يحصل في كل مكان في العالم. نحن مجرد بشر». وأضاف: «حصلت أخطاء شخصية ارتكبها أفراد. كلنا نرتكب الأخطاء، حتى الرئيس يخطئ»، إلا أنه اعتبر أن «قراراتنا الأساسية كانت صحيحة».

في المقابل، لا تعول المعارضة السورية على أي مخارج سياسية لحل أزمة سوريا. ويقول عضو الهيئة السياسية في الائتلاف السوري كمال اللبواني لـ«الشرق الأوسط»، إن «المعارضة أعلنت استعدادها للمشاركة من باب المفاوضات لا أكثر لأنها على قناعة بانعدام إمكانية انعقاد مؤتمر (جنيف 2)»، موضحا أن «استراتيجيتنا ألا نذهب إلى جنيف حتى لو قلنا نعم، لأن المطلوب منا التضحية بسوريا وخسارة هويتها ووحدتها، ولأن مؤتمر جنيف سيكون بوابة نهاية سوريا».

ويعتبر اللبواني أنه «لا يمكن الجلوس على طاولة الحوار لمفاوضة الأسد وتقديم التنازلات، في حين يموت السوريون جوعا في غوطة دمشق»، لافتا إلى أن «التوجه إلى جنيف ينبغي أن يسبقه سلسلة خطوات جدية من قبل النظام السوري على غرار فتح معابر إنسانية آمنة، والإعلان عن أسماء المعتقلين ووقف القصف الجوي، وهذا ما لا يخطط الأسد للقيام به».

من جهة أخرى، قال الأسد لصحيفة «تشرين»، إن الاتفاق الروسي - الأميركي على نزع السلاح الكيماوي السوري كان «مبادرة استباقية» بالتوافق بين موسكو ودمشق. وأوضح: «في الحقيقة، هذه المبادرة اتفق عليها بين سوريا وروسيا، وطرحتها روسيا بطريقة مختلفة»، مضيفا أن موافقة دمشق «لا علاقة لها بالتهديدات الأميركية (...)، إنما كانت مبادرة استباقية في جانب منها لتجنيب سوريا الحرب، والمنطقة معها».

في غضون ذلك، نقل الموقع الإلكتروني لمجلة «دير شبيغل» الألمانية عن أجهزة الاستخبارات الألمانية قولها، إن إيران سمحت للنظام السوري بنقل طائراته الحربية إلى أراضيها لحمايتها من أي هجوم أجنبي. وأضاف الموقع، أن التقرير، الذي وصفه بالسري، أشار إلى علاقات عسكرية وثيقة بين دمشق وطهران تشمل وقوف حزب الله إلى جانب الجيش السوري.

ونقل التقرير عن مصدر قوله، إن اتفاقا عسكريا بين سوريا وإيران أبرم في 2012 يسمح للأسد بتوقيف قسم كبير من سلاحه الجوي على الأراضي الإيرانية وباستخدامه عند الحاجة إليه.