المستشار السابق للرئيس السوداني يطالب بمعالجات لأخطاء 20 عاما في الحكم

تصاعد الدعوات لفصل الحزب الحاكم عن الدولة.. ورفض لجنة المحاسبة

TT

أعلن القيادي في حزب المؤتمر الوطني الحاكم، الذي يقود تيارا إصلاحيا داخل حزبه الدكتور غازي صلاح الدين ترحيبه المبدئي بالإجراءات التي تجري داخل حزبه لمحاسبته، بعد رفعه مذكرة للرئيس عمر البشير تطالب بإصلاحات، لكنه دافع عن خطوته التي اتخذها مع 31 عضوا في الحزب، بأنها تأخرت لأكثر من 20 عاما، ناصحا حزبه بالاهتمام بالقضايا والأزمات الكبرى بدلا من الاهتمام بقضايا صغيرة انصرافية.

وقال غازي صلاح الدين الذي شغل مواقع وزارية مختلفة كان آخرها مستشارا للرئيس السوداني، في تصريح على موقعه الرسمي في شبكة التواصل الاجتماعي، إن «المحاسبة مرحب بها مبدئيا، ولكنها تأخرت لأكثر من 20 عاما»، مشيرا إلى أن أحداثا جساما قد جرت و«كلها جديرة بالمراجعات والمحاسبات». وأضاف أن «الأجدر بقادة (المؤتمر الوطني) عدم الانصراف إلى معارك فرعية صغيرة، وعليهم توجيه طاقاتهم لمعالجة الأزمات الكبرى التي تحيط بالبلاد»، معتبرا أن تشكيل لجنة محاسبة للذين وقعوا على مذكرة خطوة «غير موفقة». وقال إن «تشكيل اللجنة اختزل مشاكل السودان في نقطة إجرائية»، وأضاف أن الرسالة التي قدمتها مجموعته كانت بصورة مفتوحة بسبب الحاجة العاجلة التي فرضتها ظروف البلاد والاضطرابات التي هددت بضرب النسيج الاجتماعي، وقال: «لأن هناك استحالة الوصول للرئيس البشير وتقديم المبادرات، أصبحت هي إحدى أزمات المؤسسية في المؤتمر الوطني»، وتابع: «تشكيل اللجنة بتلك الصورة يرسل رسالة سالبة حول مدى الحرية المتاحة داخل الحزب». وقال إنها تثير أسئلة كثيرة حول استعداد قادة الحزب الحاكم لتقبل مبادرات وأفكار جديدة من المواطنين وبقية القوى السياسية.

وعبر صلاح الدين عن أسفه لربط قرار تشكيل اللجنة و«الرسالة المفتوحة» التي بعث بها إلى الرئيس، وخطط المعارضة لإسقاط النظام وضرب وحدة البلاد وأمنها. وقال إن «صياغة القرار بهذه الطريقة تحمل في طياتها تهديدات صريحة باستخدام الإجراءات الأمنية لحسم النزاع، وهو ما سيشكل كارثة حقيقية على الممارسة السياسية برمتها»، وأضاف أن الرسالة المفتوحة لا علاقة لها بشق «المؤتمر الوطني»، وأن ذلك لم يكن في نية واضعيها، لكنه عاد وقال: «لكن الذي يؤدي إلى الانشقاقات هم الصمّ عن سماع النصيحة، وسد قنوات الحوار واستهداف الآخرين وإطلاق الاتهامات نحوهم دون روية ولا ورع». وتابع: «جوهر الرسالة المفتوحة وجد قبولا كبيرا من المواطنين عامة، وكان الأجدر استثمار هذا الموقف لإحداث حراك سياسي جديد يخرج البلاد من أزمتها».

وكان القيادي في الحزب الحاكم ربيع عبد العاطي قد نفى لـ«الشرق الأوسط» أول من أمس وجود انشقاق في صفوفه على خلفية المذكرة التي قدمتها قيادات في حزبه أبرزهم غازي صلاح الدين، تطالب بضرورة الإصلاح ورفض السياسات الاقتصادية الأخيرة التي أدت إلى خروج مظاهرات احتجاج غير مسبوقة طوال عهد نظام «الإنقاذ» برئاسة عمر البشير على مدى 23 عاما التي شهدتها الخرطوم ومدن أخرى قتل فيها أكثر من 200 شخص؛ بحسب منظمة العفو الدولية.

من جهته، قال عضو البرلمان والمتحدث باسم تيار الإصلاح في الحزب الحاكم فضل الله أحمد عبد الله، لـ«الشرق الأوسط»، إنه يرفض لجنة المحاسبة التي شكلت، قائلا إن رئيسها أحمد إبراهيم الطاهر الذي يشغل منصب رئيس البرلمان في الوقت ذاته، «هو جزء من الأزمة الماثلة في الحزب الحاكم». وأضاف أن «عضو لجنة المحاسبة حسبو محمد عبد الرحمن كان قد شن هجوما على الموقعين على المذكرة قبل تشكيل اللجنة.. وبالتالي فهو طرف في القضية»، مشيرا أيضا إلى أن من ضمن أعضاء لجنة المحاسبة من هو أصغر سنا من الموقعين على المذكرة.. «وبالتالي هذا لا يستقيم حتى في الخدمة المدنية». وقال: «نحن نطالب الآن بفصل الحزب عن الدولة لأننا وصلنا إلى قناعة بأن مؤسسة الحزب صورية ولا توجد إرادة للإصلاح في داخله، وأصبح الحزب جزءا من الدولة».

وقال فضل الله إن «مذكرة العشرة» التي قدمتها قيادات سابقة قبل 14 عاما والتي أزاحت الزعيم الإسلامي المعارض حاليا حسن الترابي، لم يقدَّم أصحابها للمحاسبة، وإنه ما زالت بينهم قيادات في الدولة الآن. وأضاف: «(مذكرة العشرة) تم تأييدها في الحزب لأن البشير كان من مؤيديها، والآن رفضوا مذكرتنا لأنه رفضها»، مشددا على أن تيار الإصلاح حريص على المضي في خطواته وإحداث التغيير الجذري في نهج الحزب والدولة. وقال: «التدهور الحادث الآن في الحزب والدولة سببه غياب المحاسبة، والمؤسسات الموجودة صورية»، نافيا توسط دولة قطر في الصراعات داخل الحزب، وقال: «ليس هناك تدخل من قطر، أو أي حركة إسلامية للتوسط في هذه الخلافات»، وأضاف أن تيار الإصلاح بدأ منذ عام 2010 وسط أعضاء البرلمان، وقدم أول مذكرة إلى البشير بعد الانتخابات مباشرة تدعو للجلوس ورسم خارطة طريق جديدة.