لجنة تعديل الدستور تقترب من تجاوز خلافات حول قضايا شائكة

أمين عام حزب النور: التوافق على مواد الهوية بات وشيكا

TT

فيما بدا أنه بوادر انفراجة في مناقشات لجنة الخمسين لتعديل الدستور المصري المعطل، قالت مصادر باللجنة لـ«الشرق الأوسط» أمس إن اثنتين من أصعب القضايا المطروحة على اللجنة باتتا إلى حد بعيد محل توافق، وإن ظلت الخلافات بشأن بعض المواد الأخرى موضع تباين في وجهات النظر، وهو ما يمهد الطريق أمام تقدم على مسار العملية السياسية، بتجاوز قضايا دستورية شائكة.

وعطل دستور 2012 الذي هيمنت على كتابته قوى إسلامية في 3 يوليو (تموز) الماضي، عقب اجتماع قادة الجيش مع قوى سياسية ورموز دينية انتهى إلى قرار عزل الرئيس السابق محمد مرسي. وعين الرئيس المؤقت عدلي منصور لجنة مشكلة من 50 عضوا لتعديل الدستور، لكن أعمال اللجنة طالت معظم مواده، وسط جدل بشأن ضرورة كتابة دستور جديد للبلاد.

وقالت مصادر في لجنة الـ50 إن مواد الهوية التي تسببت في كثير من الجدل، وكان يخشى أن تثير أزمات خلال المناقشات أصبحت محل توافق، باستثناء بعض الاعتراضات التي يقدمها ممثل حزب النور، لكن لا تزال المساعي قائمة لطرح حل يحظى بقبول الجميع.

وتحفظ حزب النور على إلغاء المادة 219 التي تفسر «مبادئ الشريعة» التي نصت عليها المادة الثانية في الدستور باعتبارها المصدر الرئيسي للتشريع، لكن جلال المرة، أمين عام حزب النور، قال لـ«الشرق الأوسط» أمس إن حزبه «يتواصل مع كل الأطراف للوصول إلى صيغة يقبلها الجميع»، مشيرا إلى أن التوافق «بات وشيكا».

وكانت لجنة الـ50 قد أقرت في وقت سابق تمرير المواد الخلافية بنسبة 75 في المائة، وهي نسبة كبيرة إذا ما قورنت بالنسبة التي أقر بها الدستور المعطل، الذي هيمنت عليه القوى الإسلامية.

وفيما بدا تأكيدا لقرب التوصل إلى حل توافقي لمواد الهوية، قال ممثلو الأزهر في لجنة الـ50 في بيان لهم مساء أول من أمس إن جلسات الحوار داخل اللجنة تدار بشكل ديمقراطي، ويجري فيها تبادل الآراء بطريقة راقية ومتحضرة، وقد شهدت تلك الجلسات والمناقشات على مدار الأيام الماضية ثراء وتنوعا في الآراء للوصول في نهاية الأمر إلى مواد توافقية تحقق آمال الشعب المصري وطموحاته.

وشدد ممثلو الأزهر على أن الأزهر الشريف هو أول من رفض «الدولة الدينية»، وهي فكرة غير مطروحة في سياق الفكر المصري، لافتين إلى أن دستور 71 نص على أن «مبادئ» الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، ومن قبله نصت الدساتير على أن الإسلام دين الدولة، ومع ذلك لم تنحرف مصر للدولة الدينية بالمفهوم الكهنوتي، وأن النص على دين الدولة لا يعني نسبة الدين للدولة، إنما يعني أنه دين غالبية أهل الدولة.

ويرى مراقبون أن تجاوز الخلافات حول الدستور الجديد يدعم إلى حد بعيد المسار السياسي الجديد، الذي تسعى جماعة الإخوان المسلمين التي تعتبر عزل مرسي «انقلابا عسكريا»، إلى عرقلته.

وفي تطور إيجابي آخر، قالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أمس إن اللجنة المصغرة التي شكلت لبحث مواد تتعلق بالجيش في الدستور تتجه إلى التوافق بشأن مادة خلافية يقترحها ممثلو الجيش في اللجنة، وتنص على اشتراط موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة على تسمية وزير الدفاع.

وأشارت المصادر إلى أن مقترحا بشأن منح المجلس الأعلى للقوات المسلحة حق الموافقة على تسمية وزير الدفاع لفترتين رئاسيتين مقبلتين حظي بموافقة اللجنة المصغرة، فيما لا تزال صياغة مادة تتعلق بمحاكمة المدنيين عسكريا محل خلاف.

من جانبه، قال محمد سامي عضو لجنة الـ50 رئيس حزب الكرامة الناصري، إن اللجنة تجاوزت الخلافات بشأن مواد الهوية إلى حد بعيد، لكن لا تزال مواد أخرى محل نظر.

وأضاف قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «نحن ندخل مرحلة المطبات الصعبة، فلا تزال الخلافات قائمة بشأن المواد المتعلقة بالهيئات القضائية، والإبقاء على مجلس الشيوخ (التسمية الجديدة المقترحة لمجلس الشورى الذي يعد الغرفة الثانية في البرلمان المصري)، بالإضافة لنسبة الـ50 في المائة المخصصة للعمال والفلاحين، والمواد الخاصة بالجيش».

ويعتقد مراقبون أن الخلافات حول مواد الهوية والجيش أبرز التحديات التي تواجه لجنة الـ50، فيما تبقى الخلافات الأخرى محل نقاش سياسي جاد، لكنها لا ترقى لأن تصبح عقبة في طريق اللجنة.