تقارب حمساوي ـ سلفي في غزة ومبادرة من ثماني نقاط لإنهاء الصدام

بوساطة علماء دين من قطر والكويت زاروا القطاع بصحبة القرضاوي

TT

كشف القيادي البارز في الجماعات السلفية الجهادية في قطاع غزة أبو عبد الله المقدسي عن اتصالات مكثفة تجرى منذ أشهر مع حركة حماس الحاكمة في القطاع، للوصول إلى اتفاق ينهي الخلافات السابقة بين السلفيين و«الحركة الإسلامية».

وقال المقدسي لـ«الشرق الأوسط» إن اتصالات مكثفة جرت وتجري في إطار وساطة من شخصيات إسلامية عربية من أجل التوصل لاتفاق ينهي الخلافات بين السلفية الجهادية وحماس بعد سنوات من الصدام الدامي. وأضاف: «خلال وقت قصير، ربما شهر أو اثنان على أبعد تقدير، قد يعلن الاتفاق النهائي».

وتابع المقدسي: «الوساطة التي بدأت قبل أشهر قليلة وضعت اتفاقا مبدئيا للوصول إلى حل نهائي خلال ستة أشهر، ونحن نسير في الاتجاه الصحيح».

وعلمت «الشرق الأوسط» أن علماء دين من دول الكويت وقطر زاروا مع الشيخ يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، غزة في مايو (أيار) الماضي، وتدخلوا آنذاك لإنهاء الخلافات بين السلفيين وحماس.

والتقى العلماء الذين دخلوا إلى القطاع بصحبة القرضاوي، الطرفين في جولات طويلة لوضع حد للصراع الذي وصل إلى اعتقال وقتل سلفيين وكان ينذر بتدهور كبير.

وقال المقدسي: «إن كافة الأطراف اتفقت مبدئيا على إبداء حسن النية حتى توقيع الاتفاق النهائي، وهذا ما تم».

وطالما كانت العلاقة بين حماس والمجموعات السلفية في غزة، متوترة للغاية، وخلال السنوات القليلة الماضية شنت حماس حربا ضروسا ضد الجماعات السلفية، فقتلت بعض قادتها وأبرزهم قائد الجماعة ومنظرها أبو النور المقدسي في 2009 داخل أحد المساجد، واعتقلت آخرين، بينما كانت السلفية الجهادية ترد بإطلاق صواريخ تجاه إسرائيل، متحدية حماس، وتعلن عملها المتواصل لهدم حكمها، وإقامة إمارة إسلامية بدلا منه في غزة.

وحتى بدء الحوار، كانت حماس تعد الجماعات السلفية جماعات تكفيرية، وتتهمها بضرب النسيج المجتمعي، وتنفيذ أعمال قتل وحرق واستهداف لأشخاص ومؤسسات ومحال تجارية، وتصفها بـ«بذور الإرهاب»، وهو أمر نفاه السلفيون الذين لا يعترفون بحكم حماس وإسلاميته وكانوا يصفونه بالحكم «الدنيوي القائم على المصالح».

ومرت العلاقة بين الطرفين في أوقات كثيرة بمراحل شد وجذب، لكنها توترت أكثر العام الماضي بعدما اتهم السلفيون حماس بمساعدة أجهزة المخابرات المصرية في التحقيق مع عناصرهم في غزة حول التطورات في سيناء، وبمساعدة إسرائيل بطريقة غير مباشرة على تحديد أماكن قادة سلفيين كانت اغتالتهم المخابرات الإسرائيلية.

وحتى مع الإطاحة بالرئيس المصري محمد مرسي، لم تخفف حماس قبضتها عن السلفيين، وتوعدتهم بـ«قص الجذور». ومن غير المعروف ما إذا كان تبدل الأوضاع والمواقف في مصر، وأثر ذلك على قوة حماس، له فضل في التقارب الحمساوي - السلفي في غزة.

ويناقش الطرفان الآن مبادرة من 8 نقاط، وكانت تضم في البداية 26 بندا، ساعد الوسطاء على تقليصها. وقال المقدسي: «إن الوسطاء لعبوا دورا مهما في وضع وصياغة البنود الأخيرة للمبادرة». وأضاف: «الحوارات مستمرة بيننا وبينهم، والوسطاء يتابعون من الخارج ما يجري».

وتتضمن البنود، منح السلفيين حرية العمل السياسي والعسكري والدعوي والاجتماعي وتنظيم الفعاليات المختلفة، إضافة إلى وقف كافة عمليات الاعتقال والملاحقة وتشكيل هيئة مشتركة لمتابعة أي إشكاليات قد تقع وتتسبب في إحداث أزمات جديدة، وفي المقابل، التزام الجماعات السلفية الجهادية التهدئة المعلنة، وقرارات حكومة حماس في هذا السياق وما تجمع عليه الفصائل، ووقف التصريحات من جانبهم التي تقوم على التخوين والتكفير ضد حماس أو حكومتها، وعدم تنفيذ أي أعمال تخريبية داخلية في القطاع والالتزام بالحوار الدائم. ويجري نقاش بين الطرفين الآن على هذه البنود وتفاصيلها.

لكن السلفيين يطلبون كذلك تعويض عناصرهم الذين قضوا في الهجوم على مسجد ابن تيمية في 2009، وقتل فيه أبو النور ورفاقه، وتسليم كافة الأسلحة التي صودرت من العناصر السلفية، والإفراج عن ما تبقى من معتقلين. ولا يتوقع أن توافق حماس على كل هذه الطلبات.

وأكدت مصادر مطلعة في القطاع، أن عمليات الاعتقال والملاحقة للسلفيين توقفت خلال الفترة القصيرة الماضية بشكل شبه كامل وقد جرت عمليات إفراج لمعتقلين من الجماعات السلفية الجهادية، بينما توقف السلفيون عن إطلاق صواريخ تجاه إسرائيل كما توقفوا عن إصدار بيانات ضد حماس، في إشارة إلى تهدئة الموقف في المرحلة الحالية.