مفتي ليبيا يطالب الحكومة بقطع العلاقات مع واشنطن

متشددون وثوار يطالبون بالثأر لأبي أنس الليبي بشن حرب على المصالح الأميركية

TT

دخل مفتي ليبيا الشيخ الصادق الغرياني على خط قضية اختطاف وحدات من القوات الخاصة الأميركية للمواطن الليبي نزيه عبد الحميد الرقيعي الشهير بأبو أنس، وطالب السلطات الليبية بوقف كل الاتفاقيات وعلاقات التعاون مع الولايات المتحدة وتقديم شكاوى ضدها إلى المحاكم الجنائية الدولية، والأمم المتحدة. واعتبر المفتي في بيان أصدره أمس أن «هذا أقل ما يجب في الوقت الراهن، لا أن تكتفي الحكومة بتصريح هزيل باهت، تبعث به على استحياء، تطلب فيه توضيح الموقف»، لافتا إلى أن «ذلك يعد تفريطا من المسؤولين في الوطن، الذي أقسموا يوم أن تولوا على أن لا يفرطوا فيه». وقالت دار الإفتاء إن خطف أبو أنس يمثل انتهاكا خطيرا للسيادة الوطنية، ويمثل جريمة وخرقا لكل الشرائع والأعراف والاتفاقيات الدولية وحقوق الإنسان، وطالبت الحكومة الليبية والمؤتمر الوطني العام (البرلمان) باتخاذ موقف وحازم لحماية مواطنيهما. وتساءلت: «هل آلاف الشباب الذين تعد الحكومة لإيفادهم للتدريب في الخارج سيدربون على ما قام به هؤلاء الملثمون باختطاف الرقيعي؟».

لكن زيدان الذي يزور المغرب قال إن العلاقات مع الولايات المتحدة لن تتأثر بعملية اعتقال أبو أنس، على الرغم من تأكيده على أن الليبيين يجب أن يحاكموا في بلادهم. وقال أعضاء في المؤتمر الوطني الذي يعتبر أعلى سلطة دستورية في ليبيا، لـ«الشرق الأوسط» إنهم يعكفون على محاولة جمع أصوات كافية لسحب الثقة من حكومة زيدان على خلفية عملية الاختطاف، لكنّ مقربين من زيدان اعتبروا إن هذه المحاولة لن تنجح في الغالب بسبب التخوف من حدوث فراغ دستوري في البلاد في ظل ما وصفوه بالانقسام الحاد بين تحالف القوى الوطنية بقيادة محمود جبريل وحزب العدالة والبناء الذارع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين على الإطاحة بالحكومة.

وكانت لجنة الشؤون الخارجية بالمؤتمر الوطني قد قررت استدعاء وزير الخارجية الليبي محمد عبد العزيز ومدير المخابرات الليبية لاستيضاح الملابسات المحيطة بهذه العملية. كما وصف المجلس الوطني للحريات العامة وحقوق الإنسان عملية اختطاف أبو أنس بأنها سياسة استعراض القوة على دولة عضو في المنظومة الدولية، محملا الحكومة في بيان أصدره أمس كامل المسؤولية في الحفاظ على سلامة مواطنيها واحترام حرية رعاياها فوق أراضيها. وفي محاولة لامتصاص الغضب الشعبي المتزايد قالت وزارة الخارجية الليبية في بيان لها أمس إن وزير العدل صلاح المرغني قد استدعى ديبورا جونز السفيرة الأميركية لدى ليبيا وطلب منها الإجابة على الكثير من الاستفسارات المتعلقة بقضية اختطاف الرقيعي.

من جهته، قال طارق متري صرح الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا أن لحكومة ليبيا وشعبها كامل الحق في معرفة ملابسات اختطاف الرقيعي والمطالبة باحترام القوانين المرعية الإجراء، الدولية منها والوطني. وأوضح متري في بيان: «تعي بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أهمية الحرص على السيادة الوطنية وحساسيتها، وضرورة صيانة حق كل متهم بعدالة المعاملة والمحاكمة»، مؤكدا على أن المجتمع الدولي، الذي وقف إلى جانب ثورة الشعب الليبي، مدعو إلى مضاعفة الجهود في مساعدة ليبيا على تثبيت دعائم سيادتها وإقامة دولة القانون والمؤسسات وتعزيز حقوق الإنسان.

وقال مسؤولون أميركيون إنهم اعتقلوا الليبي في شوارع طرابلس السبت الماضي وإنه محتجز حاليا على متن سفينة تابعة للبحرية الأميركية في البحر المتوسط، بينما دعا متشددون ليبيون إلى خطف مواطنين أميركيين في طرابلس وشن هجمات على خطوط أنابيب الغاز وعلى سفن وطائرات بعد عملية الاعتقال التي نفذتها القوات الخاصة الأميركية في ليبيا.

وأعلنت «غرفة ثوار ليبيا» التي تجمع العشرات من كتائب الثوار وتقوم بتنسيق الاتصالات في ما بينهم حالة الاستنفار القصوى بجميع فروعها في كل المدن الليبية لمواجهة ما وصفته بـ«حالة التردي الأمني» الذي تعيشه البلاد، ومن انتهاكات لأجهزة الاستخبارات الأجنبية والتعدي على سيادة الدولة. ودعت الغرفة في بيان كل منتسبيها في جميع المدن إلى «التأهب والنزول للشارع بعد التعليمات لطرد الأجانب الموجودين بشكل غير رسمي». وحمل البيان «المسؤولية الكاملة لكل من تواطأ مع الاستخبارات الأجنبية في انتهاك سيادة ليبيا»، مؤكدا أن الغرفة ستلاحق المتورطين حتى تقديمهم للعدالة. وفي رسالة أخرى نشرت على منتديات ومواقع للتواصل الاجتماعي أدانت جماعة أخرى تطلق على نفسها اسم «ثوار بنغازي البيضاء درنة» اعتقال الليبي، واتهمت الزعماء الليبيين بأنهم كانوا على علم مسبق بالعملية، متوعدة «بقتال كل من خان بلاده وورط نفسه في هذه المؤامرة». وأضافت: «نقول إن هذا الحدث المخزي سيكلف الحكومة الليبية الكثير، وإن الأمر لا كما تسمعون، بل كما ترون، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون». وكان مكتب التحقيقات الاتحادي الأميركي رصد مكافأة خمسة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تساعد على القبض على الليبي.