البشير يتهم المحتجين بالخونة.. والخرطوم تعترف بسقوط 70 قتيلا وأكثر من 300 جريح

الحركة الشعبية المسلحة تكشف عن اتصالات أجرتها مع الإصلاحيين في الحزب الحاكم

TT

اتهم الرئيس السوداني عمر البشير من سماهم بالخونة والمخربين وقطّاع الطرق بالوقوف وراء الاحتجاجات الأخيرة لإسقاط نظامه بمساندة «الإعلام المعادي»، في وقت كشفت فيه الحركة الشعبية لتحرير السودان التي تخوض حربا ضد الخرطوم عن اتصالات أجرتها مع مجموعة الإصلاح داخل الحزب الحاكم بهدف إسقاط حكم البشير.

وقال البشير في أول خطاب جماهيري له أمس من القضارف شرق البلاد في أعقاب مظاهرات الاحتجاج التي شهدتها الخرطوم ومدن أخرى راح ضحيتها أكثر من 200 قتيل وفق تقرير منظمة العفو الدولية: «إن الخونة والمخربين وقطّاع الطرق كانوا وراء الاحتجاجات التي شهدتها البلاد». وأضاف أن جهات إعلامية معادية دون أن يسميها كانت تساند عمليات التخريب، وقال إن السودانيين ردوا عليهم، مشددا على أن حكومته ستواصل برنامج التقشف والإصلاح الاقتصادي الذي بدأته، وقال إنه تحدى قرارات المحكمة الجنائية الدولية التي تتهمه بارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب في دارفور بسفره إلى عدة مناطق في العالم دون أن يستطيع أحد القبض عليه، وأضاف أنه كان يود أن يذهب إلى نيويورك لحضور جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي «ليتحدى الأميركان في عقر دارهم»، على حد تعبيره، لكن السفارة الأميركية رفضت منحه تأشيرة الدخول إلى بلادها بعدما علمت جديته بالسفر إلى نيويورك.

من جهته قال والي الخرطوم الدكتور عبد الرحمن الخضر إن عدد قتلى المظاهرات الأخيرة بلغ ما بين 60 إلى 70 قتيلا، على عكس الأرقام التي أعلنها وزير الداخلية إبراهيم محمود الأسبوع الماضي حيث قال إن عدد القتلى 34 قتيلا، وأضاف الخضر أن المصابين يصل عددهم نحو 300 جريح، بينهم 110 من رجال الشرطة، وكشف عن إلقاء الأجهزة الأمنية القبض على عشرات ممن شاركوا في المظاهرات التي شهدتها البلاد في الأيام الماضية، وقال إن المقبوض عليهم وجدت بحوزتهم أسلحة، لكنه لم يحدد نوعيتها.

وتحدثت الحكومة السودانية عن اعتقال 700 شخص خلال المظاهرات العفوية، التي تحول بعضها إلى أعمال نهب، والتي بدأت في 23 سبتمبر الماضي احتجاجا على رفع الدعم عن المحروقات. وكان البشير قد أمر بالإفراج عن عدد كبير من النساء المعتقلات، بينهم داليا الروبي، وهي ناشطة تعمل بالبنك الدولي في الخرطوم، ومن بين المعتقلين أيضا شخصان يعملان في برنامج الأمم المتحدة للتنمية.

من جهة ثانية كشف الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان ياسر عرمان في بيان صحافي عن أن حركته أجرت مناقشات مع مجموعة الإصلاحيين في المؤتمر الوطني التي يقودها الدكتور غازي صلاح الدين، واعتبرهم عاملا من عوامل الوضع السياسي. وتوقع أن يزداد الانقسام داخل الحزب الحاكم، وقال إن التعامل مع الإصلاحيين سيكون على أساس برنامج واضح يغلب كفة التغيير الشامل وليس الجزئي أو صعود مجموعة جديدة من الإسلاميين بحجة أن لديها بضاعة أجود من السابقين، رافضا التعامل مع أي انقلاب قصر وصعود عسكريين. وأضاف: «ما هو مطلوب هو الاتفاق على إعادة تعريف وبناء الدولة السودانية ومحاسبة المجرمين والمفسدين الذين ارتكبوا جرائم ضد الشعب وفتح صفحة جديدة للمصالحة الوطنية قائمة على الشفافية وإسقاط النظام لا إصلاحه».

وأشار عرمان إلى أن اجتماع المجلس القيادي لحركته ناقش أجندات كثيرة، أهمها تقييم مجريات انتفاضة سبتمبر الماضي التي خرجت فيها مظاهرات احتجاجية ضد قرارات الرئيس السوداني عمر البشير الاقتصادية لتتحول إلى إسقاط نظامه بعد مقتل أكثر من 200 مواطن في الخرطوم ومدن أخرى. وقال إن من خصائص الوضع السياسي وانتفاضة سبتمبر أن النظام ساوى بين السودانيين في الفقر واحتفظ بالسلطة والجاه لأقلية من الفاسدين. وأضاف أن النظام ساوى بين المواطنين في قتل المدنيين في كل أرجاء البلاد من الخرطوم إلى وسط وغرب وشرق البلاد. وقال إن هناك صعود جيل جديد حمل راية العمل السلمي الديمقراطي في مدن وأرياف السودان رغم أنه شب عن الطوق في عهد البشير وبات مستعدا لمصادمته ودفع شهدائه.