ممثلة المرأة في لجنة الدستور لـ «الشرق الأوسط»: طالبنا بالإبقاء على «الشورى» وتعزيز صلاحياته

السفيرة ميرفت التلاوي تتعهد بمواصلة الدفاع عن تمثيل عادل للمرأة في البرلمان

السفيرة ميرفت التلاوى، رئيسة المجلس القومي للمرأة («الشرق الأوسط»)
TT

قالت السفيرة ميرفت التلاوي، رئيسة المجلس القومي للمرأة في مصر، ممثلة المرأة في لجنة الخمسين المنوط بها تعديل دستور عام 2012 المعطل «سنظل ندافع عن أن يكون هناك تمثيل عادل للمرأة في البرلمان، وأن يكون نصيبها لا يقل عن الثلث». وأضافت أن «هذه النسبة سوف تُمكن المرأة من أداء كامل أدوارها داخل الأسرة وفي الحياة العامة، وهو ما توافق عليه المجلس القومي للمرأة وشركاؤه من المجتمع المدني والمؤسسات الاجتماعية الأخرى قبل التقدم به أمام لجنة الخمسين».

وكان تعديل أدخل على الدستور المصري عام 2007 أجاز وجود حد أدنى لتمثيل المرأة في البرلمان، نظمه لاحقا قانون أوجب تمثيل المرأة بـ64 مقعدا في عام 2010 تحت مسمى «كوتة المرأة»، إلا أنه ألغي بعد تنحي الرئيس السابق حسني مبارك عن الحكم عقب «ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011». كما أن قانون الانتخاب الذي أقره مجلس الشورى السابق (الذي كلف بتولي سلطة التشريع في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي) لم ينص على نسبة محددة للمرأة بالقوائم الانتخابية.

وأوضحت التلاوي، المقررة المساعدة للجنة الدولة والمقومات الأساسية في «لجنة الخمسين»، في حوار مع «الشرق الأوسط»، أن «اللجنة قامت باستحداث بعض النصوص على المواد مثل التزام الدولة بالاتفاقيات الدولية الموقعة عليها، وتجريم التمييز، والحفاظ على قناة السويس وتنمية هذه المنطقة والاستغلال الأفضل للطاقة المتجددة». ورفضت التلاوي قيام الأحزاب في مصر على أساس ديني، بقولها «الأحزاب الدينية التي تنصب نفسها مدافعا عن الدين الإسلامي تتوارى خلف خطط وبرامج الاستحواذ على مقاعد البرلمان والسيطرة على مقاليد الحكم».

وبلغت نسبة تمثيل المرأة في لجنة الخمسين لتعديل مواد الدستور 10 في المائة، بينما كان تمثيل المرأة في وضع الدستور السابق الذي هيمن على وضعه الإسلاميون 7 في المائة فقط.. وإلى أهم ما جاء في الحوار..

* أصبحت مصر في ذيل قائمة الدول العربية في ما يتعلق بتمثيل المرأة في البرلمان، حيث لم تتجاوز نسبة تمثيل المرأة في البرلمان الأخير 2 في المائة، لتحتل بذلك المرتبة رقم 134 من إجمالي 188 دولة.. هل يتمسك المجلس القومي للمرأة بنسبة معينة في تمثيلها البرلماني في الدستور الجديد؟

- منذ اللحظة الأولي عبرنا عن عدم رضانا عن وضع المرأة في الدستور السابق.. والجميع تابع معركتنا مع الجمعية التأسيسية السابقة التي استحوذ عليها الإسلاميون، والتي كلما قدمنا لها مقترحا يتعلق بحقوق المرأة إما قامت برفضه أو تجاهله أو تشويهه، ليخرج الدستور السابق (وهو الدستور المعطل عام 2012) خاليا من أي إشارة إلى حقوق المرأة، فلا ذكر لحقوقها ولا لأدوارها كمواطن كامل المواطنة في هذه الوطن. أما في ما يتعلق بالدستور الجديد فنحتاج الإشارة فيه بوضوح لحقوق المرأة المدنية، كحقها في نسبة عادلة من التمثيل في البرلمان والمجالس النيابية والمحلية، لا تقل عن الثلث، وذلك لتمكين المرأة من أداء كامل أدوارها داخل الأسرة وفي الحياة العامة ورعاية النساء الفقيرات والمعيلات لأسر غيرهن من الفئات المهمشة، وهو ما تم التوافق عليه داخل المجلس القومي للمرأة وشركائه في المجتمع المدني والمؤسسات الاجتماعية الأخرى. وما زال موضوع نسبة تمثيل المرأة محل نقاش في لجنة الدستور.

* وماذا عن رؤية المجلس القومي للمرأة للنظام الأمثل في الانتخابات البرلمانية؟

- للمجلس القومي للمرأة رؤية عبرنا عنها في كل المناسبات، وهي أيا كان النظام الانتخابي سواء الفردي أو بالقائمة أو الجمع بينهما، فلا بد من الاحتفاظ بنصيب عادل للمرأة لا يقل عن الثلث، أو ألا يزيد أي من الجنسين عن الثلثين. فالجمع بين نظامي القائمة والفردي لم ينضج بعد في مصر، ولم تتح للناخبين في الانتخابات السابقة فرصة الاختيار الحقيقية، بسبب سيطرة أحزاب التيار الإسلام السياسي واستغلالهم أصوات الفقراء وغير المتعلمين في القرى والنجوع بما يقدمونه لهم من منح وعطايا، أو استقطابهم باسم الدين مقابل أصواتهم الانتخابية.

* وماذا عن العمل داخل لجنة الدولة والمقومات الأساسية.. بصفتك المقررة المساعدة للجنة؟

- انتهينا من مراجعة 36 مادة من مواد الدستور وإحالتها للجنة الصياغة، واللجنة قامت باستحداث 18 مادة، منها نصوص مشتركة مثل التزام الدولة بالاتفاقيات الدولية الموقعة عليها، وتجريم التمييز، وتم التوافق على معظم المواد التي تتناول الحقوق المهمة ومنها الاهتمام بالبحث العلمي وتخصيص نسبة له من الدخل القومي والنص على أهمية الحفاظ على الرقعة الزراعية. كما استحدثت اللجنة أيضا فصلا للمقومات الطبيعية يتضمن عدة مواد، منها الحفاظ على قناة السويس وتنمية هذه المنطقة والاستغلال الأفضل للطاقة المتجددة.

* حتى الآن لم يتم حظر الأحزاب على أساس ديني داخل لجنة الدستور، رغم أن لجنة العشرة أوصت بمنعها..

- هذا المبدأ متفق عليه من قبل الجميع، فلا أحزاب على أساس ديني ولا ذات مرجعيات دينية، فلا يعارض أحد في أن الشعب المصري من أكثر الشعوب تدينا ويمثل الدين الإسلامي في حياتهم إطارا حاكما، وفشلت كل محاولات خلط الدين بأمور السياسة، لقناعة المصريين بأن الدين مبادئ ثابتة وقيم روحية وأخلاقية وعبادات، وأن السياسة متغيرة ومتقلبة وتحكمها آيديولوجيات معينة.

* لكن البعض يطالب بها مستندا إلى أن هناك أحزابا ذات طابع ديني في أوروبا؟

- الوضع في أوروبا مختلف، فقد نشأت الأحزاب التي تحمل مسميات كأحزاب كاثوليكية أو مسيحية في القرن التاسع عشر، لأسباب اجتماعية متمثلة في مواجهة الفقر والبؤس التي كانت تعاني منها شعوب أوروبا في هذا الوقت، ولم تحاول فرض آيدلوجيات ذات طابع ديني على مجتمعاتها، بل انصرفت إلى إنشاء جمعيات أهلية ونقابات ورابط للعمال لحمايتهم من الاستغلال والنهوض بأوضاعهم، ووضعت على رأس أولوياتها الصحة والتعليم ورفع وضع الفقراء، كما كانت حريصة على حيادها أمام كل التيارات السياسية، عكس ما تقوم به الأحزاب الدينية في مصر والتي تنصب نفسها مدافعة عن الدين الإسلامي، وتتوارى خلف ذلك بإعداد خطط وبرامج للاستحواذ على مقاعد البرلمان والسيطرة على مقاليد الحكم، بل غيرت مهمة دور العبادة من إقامة الصلاة والشعائر الدينية إلى أماكن لإطلاق دعاياتها الانتخابية، وتحولت المساجد إلى مؤتمرات حزبية وسياسية.

* المادة 219 التي تنص على أن «مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية، وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة في مذاهب أهل السنة والجماعة»، ما زالت محل نقاش داخل لجنة الدستور.. ما رأيك فيها؟

- لقد أقحمت هذه المادة على دستور 2012 المعطل كمادة تفسيرية للمادة الثانية الخاصة بأن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيس للتشريع. وهذه المادة تخرج على أدبيات صياغة القوانين ونصها مضلل، لأنه يساوي بين الفقه والشريعة، بل إنه يشير إلى مذاهب بعينها.. ونعلم أن المذاهب الفقهية تختلف بينها في أمور عدة، بل إنه داخل المذهب الواحد يتم التراجع عن بعض الآراء واستبدالها برأي آخر أحدث، فضلا أن هذه المادة تؤسس لسلطة أو جماعة دينية.. ونحن نصر على عدم عودة هذه المادة ويتفق معنا الكثيرون في لجنة الخمسين.

* تنص المادة العاشرة في مسودة الدستور المعدل على «مساواة المرأة بالرجل في ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية دون إخلال بمبادئ الشريعة الإسلامية».. البعض يرى أن جملة «دون إخلال بمبادئ الشريعة الإسلامية» تفتح الباب لعدم تحقيق المساواة بوسائل شتى.. ما رأيك؟

- عندما عرضنا مقترحنا بشأن تعديل الفقرة الأولى من المادة 11 المعنية بالمرأة فضلنا أن تبدأ المادة «بالتزام الدولة بالمساواة بين المرأة والرجل في كافة الحقوق المدنية السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية» دون ربطها بما لا يخالف الشريعة الإسلامية، والاكتفاء بالنص الوارد في المادة الثانية المتعلق بأن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيس للتشريع، والتي توفر حماية لكافة نصوص الدستور من مخالفة الشريعة الإسلامية. وقد لاقينا ترحيبا من غالبية أعضاء اللجنة على التعديل، وأما من يرون إرجاع هذه العبارة للنص من تيار الإسلام السياسي فإنهم يظهرون الدين على أنه مناهض لحقوق المرأة، فالدين الإسلامي كرم المرأة كما لم يكرمها أي دين آخر، فالمرأة هي الأحرص على تطبيق الشريعة الإسلامية بوجهها الصحيح والوسطي وعدم مخالفتها.

* حظرت المادة 60 من التعديلات عمل الأطفال قبل تجاوز سن الإلزام التعليمي، البعض يرى في هذا التعديل تعارضا واضحا بين ما جاء بالمادة 59 من التعديلات الدستورية، ونصوص القانون 12 لسنة 1996 المعدل بالقانون 126 لسنة 2012 في ما يخص تنظيم عمالة الأطفال وحمايتهم من المخاطر، وأن المادة المقترحة لم تحم الطفل من المخاطر التي من الممكن أن يتعرض لها أثناء العمل.. ما رأيك؟

- بالفعل نص المادة 60 المتعلق بالطفل يحتاج إلى تعديل وإضافة المزيد من الحماية لحقوق الطفل، ليس فقط في مجال العمل، بل في كل شؤون حياته ومراحل نموه وحمايته من كل صور الاستغلال وحقه في حياه آمنة ونشأة في كنف أسرة مستقرة توفر له الرعاية والأمان والحماية، وعلى الدولة أن تراعي مصلحة الطفل في كل ما تتخذه من إجراءات أو ما تصدره من تشريعات وما تضعه من سياسات، لتحافظ له على النمو البدني والنفسي السليم وتضمن له رعاية صحية وتعليما راقيا، ليخرج للمجتمع مواطنا صالحا يشارك بإيجابية في بناء مجتمعه.

* هناك جدل داخل لجنة الخمسين الآن حول مصير مجلس الشورى (الغرفة الثانية للبرلمان).. ما موقف ممثلة المرأة من ذلك.. هل تفضلين بقاءه كما كان من قبل أم إلغاءه؟

- لنا وجهة نظر.. وهي ضرورة الإبقاء على مجلس الشورى، لكن ليس بشكله الحالي، بل يجب تعزيز صلاحياته ليقوم بالدور المطلوب منه، وأن يعمل كمظلة لبعض من الهيئات التي لا تخضع للسلطة التنفيذية مثل الأحزاب وغيرها.