تأجيل جلسة تفعيل مبادرة الحل السياسي في تونس إلى 18 أكتوبر

54 نائبا برلمانيا يبدون عدم رضاهم عن سير الجلسات

TT

لم تفلح مراسم التوقيع على انطلاق جلسات الحوار منذ نحو أسبوع بين الحكومة والمعارضة التونسية في تجاوز إشكالية الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وبالتالي تنفيذ خارطة طريق المؤدية إلى الحل السياسي في آجالها المحددة بنحو الشهر.

وأثرت مشكلة الهيئة وعدم استئناف أنشطة المجلس التأسيسي (البرلمان) وعدم تقديم التعهد باستقالة الحكومة الحالية، على نسق جلسات الحوار، مما أدى في نهاية المطاف إلى تأجيل الجلسة الافتتاحية لتفعيل مبادرة الحل السياسي للأزمة إلى يوم الجمعة 18 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، مع إشارة الرباعي الراعي للحوار الوطني إلى إمكانية التمديد مرة أخرى في صورة وجود عوائق سياسية أو قانونية أمام تنفيذ خارطة الحل السياسي للأزمة بين الحكومة والمعارضة.

وأبدى الأعضاء المنسحبون من جلسات البرلمان منذ 27 يوليو (تموز) الماضي وعددهم 54 نائبا برلمانيا، عدم رضاهم عن سير جلسات الأعداد للحوار الوطني التي انطلقت بداية هذا الأسبوع. وحمل سمير الطيب، القيادي في حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي، في ندوة صحافية عقدت يوم أمس، الأطراف السياسية مسؤولية تمطيط النقاش حول المسائل الترتيبية من دون التوصل إلى انطلاقة فعلية للحوار السياسي، واتهمها بالتعود على تعطيل الحوار. ودعا بالمناسبة نفسها إلى تحديد موعد رسمي لانطلاق الحوار بين الفرقاء السياسيين وإنهاء فترة النقاشات الأولية، على حد قوله.

وفي هذا الشأن، قال الأزهر بالي، رئيس حزب الأمان المشارك في جلسات الحوار، لـ«الشرق الأوسط»، إن تأجيل الجلسة الافتتاحية الرسمية للحوار الوطني إلى نهاية الأسبوع المقبلة سببه بداية العد التنازلي للآجال المذكورة في مبادرة الحل السياسي. وأضاف أن رفض المحكمة الإدارية التونسية (محكمة تنظر في القضايا المرفوعة ضد الإدارة) لنتائج انتخابات الهيئة العليا المستقلة للانتخابات جعل الرباعي الراعي للحوار في سباق مع الزمن لاحترام مدة الشهر الملزمة لجميع الأطراف بالخروج من الأزمة السياسية.

وقدم رافع بن عاشور، أستاذ القانون الدستوري، مقترحا للخروج من مأزق قرار المحكمة الإدارية، وطرح إعادة عرض قائمة من 36 مرشحا على البرلمان. وقال إن هذه العملية يمكن إنهاؤها في ظرف خمسة أيام، وهو ما يجعل الرباعي الراعي للحوار يحترم شرط الأسبوع لإتمام النظر في مشكلة هيئة الانتخابات. ولم يحظ هذا المقترح بالقبول بسبب انتماء بن عاشور إلى حزب نداء تونس المعارض الذي يتزعمه الباجي قائد السبسي.

ومن ناحيته، أشار عامر العريض، القيادي في حركة النهضة، إلى ضرورة البحث عن حل جذري بعيدا عن الحلول الترقيعية على حد قوله. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن المأزق القانوني الذي تطرحه الهيئة العليا المستقلة للانتخابات قد يؤدي لاحقا إلى مأزق في مبادرة الرباعي الراعي للحوار الوطني. وأضاف أن حركة النهضة اقترحت من جانبها تنقيح القانون الأساسي المتعلق بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات بهدف إلغاء المشاكل التي كانت وراء طعن المحكمة الإدارية في نتائج الانتخابات لعضوية الهيئة.

كما طالبت النهضة باستشارة المحكمة الإدارية نفسها حول الإشكال التنفيذي التي بني على أساسه قرار المحكمة. ولم يستبعد العريض تأثير هذه النواحي الشكلية على نتائج الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة، وهو ما يتطلب على حد تعبيره توفير الأرضية القانونية لإنجاح فترة الانتقال الديمقراطي.

في غضون ذلك، طالب أعضاء البرلمان «المرابطون» في المجلس بضرورة عرض نتائج الحوار السياسي بين الحكومة والمعارضة على المجلس التأسيسي للحصول على التصديق النهائي، وذلك قبل أن يوقع عليها رؤساء الأحزاب السياسية. وقال الحبيب الهرقام، نائب برلماني عن حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات (أحد أحزاب الائتلاف الثلاثي الحاكم)، لـ«الشرق الأوسط»، إن نتائج الحوار السياسي لن تكتسب شرعيتها إلا تحت قبة المجلس التأسيسي (البرلمان) الهيكل الوحيد المتمتع بالشرعية بعد الثورة.

وبشأن فترة حكم حركة النهضة في تونس، أشار استطلاع للرأي أجرته إحدى المؤسسات الأميركية خلال شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، إلى أن 72 في المائة من التونسيين غير راضين عن أداء الحكومة، معربين عن عدم ثقتهم في حكم الإسلاميين. وأكدت المؤسسة أن حركة النهضة الحاكمة شهدت تراجعا في شعبيتها. ولمحت النتائج إلى تنامي خيبة أمل واسعة في صفوف التونسيين، وهو ما قد يؤدي إلى تراجع حظوظ النهضة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة. وبين الاستطلاع من ناحية أخرى أن حمادي الجبالي رئيس الحكومة السابق، والجنرال رشيد عمار رئيس أركان الجيش السابق، من أهم الرموز والشخصيات التي تحظى بالقبول لدى التونسيين.

من ناحية أخرى، أطلق سراح 567 سجينا تونسيا في إطار عفو رئاسي أصدره أمس المنصف المرزوقي بمناسبة الاحتفال بعيد الأضحى. وقال بيان لرئاسة الجمهورية إن العفو لم يشمل أي سجين متورط في قضايا إرهابية.