تيارات دينية مصرية تسعى لاستغلال ساحات صلاة عيد الأضحى سياسيا

انتشار لدعاة الأزهر والأوقاف.. وخلاف بين السلفيين و«الإخوان»

TT

«سوف نلجأ للساحات الخاصة بنا.. والمساجد الكبرى التابعة لنا للصلاة»، هكذا علق الشيخ المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين محمد يوسف الذي يقطن في ضاحية عين شمس (شرق القاهرة) على قرار وزارة الأوقاف المصرية، بعدم السماح لغير دعاة الوزارة أو علماء الأزهر، بإلقاء الخطب في الساحات المخصصة لصلاة عيد الأضحى المبارك.

وشهدت الساعات القليلة قبل حلول موعد صلاة عيد الأضحى المبارك سباقا محموما بين أنصار جماعة الإخوان المسلمين والجماعة الإسلامية الموالية لها من جهة، والدعوة السلفية من جهة أخرى، للسيطرة على الساحات والميادين في الأماكن التي بها مؤيدون، من أجل أداء صلاة العيد.

وتصاعد الصراع، بين التحالف الشعبي لدعم الشرعية الذي تقوده جماعة «الإخوان» التي ينتمي إليها الرئيس المعزول محمد مرسي والجماعة الإسلامية، والسلفيين، لفرض النفوذ على الساحات لصلاة العيد، وتمكنت الدعوة السلفية من الاستحواذ على أكثر من 3 آلاف ساحة في القاهرة ومحافظات الوجه البحري، حتى الآن، خاصة في الإسكندرية، حسب مصادر داخل الدعوة السلفية، في مقابل 11 ألف ساحة العام الماضي.

بينما ذكرت الجماعة الإسلامية أنها استطاعت السيطرة على ساحات الصلاة في محافظات صعيد مصر خاصة أسيوط والمنيا وقنا وأسوان، بحسب قيادي في الجماعة. ولم تعلن جماعة «الإخوان» عن عدد الساحات التي سوف تصلي فيها على الرغم من قيامها العام الماضي بالصلاة في 10 آلاف ساحة. وقال مصدر مقرب من الجماعة، إنها «لن تسعى لتنظيم ساحات لصلاة عيد الأضحى وسوف تكتفي بالصلاة في بعض الميادين الشهيرة والمساجد التابعة لها حتى يتم التجمع أمامها بعد صلاة العيد والانطلاق في مسيرات للتظاهر ضد الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع والمطالبة بعودة الرئيس المعزول محمد مرسي».

وأعلنت وزارة الأوقاف، أنه غير مسموح لغير دعاة الوزارة أو علماء الأزهر بإلقاء خطب في الساحات المخصصة لصلاة العيد، منعا لتسييسها، وطالبت جميع المديريات بمنع استخدام ساحات العيد سياسيا أو استغلال الصلاة من قبل أي فصيل سياسي أو حزبي.

وخصصت الوزارة هذا العام 85 ساحة كبرى (بالإضافة لآلاف الساحات الأقل مساحة) في كل محافظات مصر لأداء صلاة العيد فيها، وتم تخصيص كبار الأئمة والدعاة التابعين لوزارة الأوقاف لإلقاء الخطبة، بها، وذكرت الوزارة أن إجمالي عدد الساحات المخصصة للعيد بلغ 3465 ساحة، تم تخصيص 6530 إماما وخطيبا لها، بما يعادل تقريبا إمامين لكل ساحة.

وقال الشيخ أحمد ترك، مدير إدارة المساجد الكبرى بوزارة الأوقاف، إنه «تم توزيع منشور على كل المديريات ووكلاء الوزارة بمنع خطبة العيد لغير دعاة الأوقاف، واتخاذ كل الإجراءات اللازمة لتطبيق ذلك، وعدم الحديث في السياسة، ومنع كل من يستخدم المنابر سياسيا». واعتبر مصدر مسؤول في «الأوقاف»، أن قرار الوزارة جاء «لتفويت الفرصة على شيوخ (الإخوان) والجماعة الإسلامية للظهور من جديد».

وعلمت «الشرق الأوسط»، أن دعاة الجماعة الإسلامية سوف يخصصون خطبة العيد لدعوة المواطنين لرفض ما يسمونه «الانقلاب على شرعية الرئيس السابق»، والدعوة إلى مواصلة المظاهرات «حتى يسقط الانقلاب»، وأن جماعة «الإخوان» سوف تدعو في خطب العيد إلى مواصلة الحشد في الميادين والتظاهر خاصة في أول أيام العيد بالميادين وحتى رابع يوم.

من ناحية أخرى، قال علاء محمد، إمام مسجد التوحيد بشارع رمسيس بوسط القاهرة، الذي كان سابقا مركزا لتجمع تيارات سلفية، إن «خطبة عيد الأضحى سوف تركز على ضرورة جمع كلمة المصريين وتوحيد صفوفهم أسوة بحجاج بيت الله الحرام في مكة، والتأكيد أن جميع أركان الإسلام تدعو إلى المحبة والتعايش السلمي، واحترام الآخر ونبذ العنف».

يأتي هذا فيما تراجع سباق الإسلاميين في الإعلان عن هدايا مغرية للمصلين هذا العيد وإجراء مسابقة على عدد من خراف العيد ولحوم الأضاحي كما كان يحدث في السنوات الماضية، إضافة لتوزيع هدايا قيمة على الأطفال.

وكانت جماعة «الإخوان» تعلن قبل العيد بأيام عبر ملصقات ومكبرات صوت تجوب الشوارع عن جوائز قيمة عقب صلاة العيد، وأن الجائزة الكبرى هي «خروف العيد»، وذلك لتحفيز الأهالي لأداء الصلاة في ساحات «الإخوان»، حيث يقوم المصلي عند دخوله الساحة بوضع الكوبون الذي يوجد أسفل الدعوة مدونا به اسمه ورقم هاتفه ورقمه القومي في صندوق مخصص لهذا الغرض في مدخل كل ساحة، لكن هذا العيد وبعد ثورة «30 يونيو» وعزل مرسي في 3 يوليو (تموز) الماضي، توقف هذا التقليد.

وحذر إسلام الكتاتني، الإخواني المنشق ومؤسس حركة «شباب بيحب البلد دي»، من أن تعجز وزارة الأوقاف عن فرض سيطرتها على ساحات صلاة عيد الأضحى، وقال إنها «قد لا تستطيع مواجهة الحشد الإخواني في هذه الساحات».

وأوضح أن الإخوان المسلمين وعناصرهم سيملأون الساحات عن آخرها بطبيعة خبرتهم الطويلة في تنظيم ساحات الأعياد والإشراف عليها حتى باتوا يحكمون سيطرتهم على عدد كبير جدا من الساحات، مضيفا: «سيحرصون على ممارسة الطقوس نفسها التي كانوا يمارسونها أثناء الصلاة؛ كأن يوزعوا (الحلوى والهدايا والألعاب) على الأطفال، وسينطلقون عقب الصلاة في مسيرات كبيرة، وهذا هو موطن الخطر والتحدي الكبير الذي يواجه كلا من وزارة الأوقاف والأجهزة الأمنية».

من جانبها، أكدت الجماعة الإسلامية أنها كلفت خطباءها بالتركيز في خطب عيد الأضحى على ما تسميه «نصرة الشرعية»، وقال قيادي في الجماعة فضل عدم ذكر اسمه، إن «الجماعة الإسلامية وقياداتها يشاركون في معظم ساحات الصلاة في جميع الميادين والمحافظات».

من جانبها، بدأت «الدعوة السلفية» التي أيدت خارطة الطريق التي عزلت مرسي، في التنافس على تنظيم ساحات صلاة العيد وحشد المصلين، وأعلنت الدعوة السلفية عن الصلاة في ساحات تابعة لها، خاصة في الإسكندرية، وقالت إن عددا من شيوخها سوف يخطبون ويؤمون المصلين؛ من بينهم الشيخ ياسر برهامي، والشيخ عبد المنعم الشحات، والشيخ أحمد فريد، والشيخ محمود عبد الحميد، وأعلنت عن هدايا بسيطة للأطفال. وقال قيادي بحزب النور، إن «الدعوة السلفية والحزب شكلا لجنة للإشراف على المحافظات واختيار مسؤول في كل محافظة، لتنظيم الساحات وتوزيع الخطباء والدعاة ووضع برنامج العيد من مسابقات القرآن الكريم وتوزيع الهدايا على الأطفال وأعمال خيرية أخرى».