«المجلس الوطني» يلوح بالانسحاب من ائتلاف المعارضة غداة إعلانه مقاطعة «جنيف 2»

كيلو: موقفه يعزز المعارضة لأن المشاركة فصل ختامي في هزيمة السوريين

TT

أعلن المجلس الوطني السوري، أحد أبرز مكونات «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية»، رفضه رسميا المشاركة في مؤتمر «جنيف 2» للسلام، المزمع عقده منتصف الشهر المقبل، في ظل المعطيات الميدانية والسياسية الراهنة، مهددا، على لسان رئيسه جورج صبرا، بالانسحاب من عضوية الائتلاف، إذا قرر الأخير المشاركة في مؤتمر جنيف.

وبرر المجلس الوطني، وفق ما ورد في بيان صادر عن اجتماع أمانته العامة يومي الجمعة والسبت الماضيين في مدينة إسطنبول التركية، رفضه المشاركة في مؤتمر جنيف، في ظل ما وصفه بـ«المواقف السياسية الإقليمية والدولية التي صمتت عن معاناة الشعب السوري، والمجازر الوحشية التي يرتكبها النظام وحلفاؤه الطائفيون، وتعارض ذلك مع أهداف الثورة السورية وثوابتها التي نصت عليها وثائق المجلس الوطني السوري والائتلاف المعارض، والمحددات السياسية الصادرة عن مؤسساتهما».

وقال صبرا إن الأمانة العامة للمجلس، التي تضم 40 عضوا، قرّرت عدم مشاركة المجلس نظرا لكون «المناخات الموجودة على الأرض في سوريا وفي الوضع الإقليمي والدولي لا تعطي أي انطباعات بأن مؤتمر جنيف يمكن أن يقدّم للسوريين شيئا».

وأكد في تصريحات نقلتها عنه وكالة الصحافة الفرنسية، أمس «أننا لن نذهب إلى مؤتمر لا يكون السوريون في قلب أهداف، ولن نشارك في مؤتمر يهدف إلى تغطية عجز السياسات الدولية، أو ستر العورات السياسات الروسية وغيرها».

ويضم المجلس الوطني، الذي أبصر النور مطلع شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2011، وشهد توسيعا خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 400 عضو، وشكلت جماعة «الإخوان المسلمين» الثقل الأساسي فيه، تليها مجموعات أخرى أبرزها تشكيلات الحراك الثوري والأمانة العامة لإعلان دمشق للتغيير الديمقراطي، وممثلون عن الأقليتين الكردية والآشورية.

ومن شأن موقف المجلس الوطني السوري، الذي استبق لقاء يجمع اليوم في لندن وزير الخارجية الأميركي جون كيري والمبعوث الأممي إلى دمشق الأخضر الإبراهيمي، لبحث مساعي عقد مؤتمر «جنيف 2»، أن يضعف من حظوظ المعارضة السورية في المشاركة كجهة موحدة في مؤتمر جنيف، علما بأن قيادة الائتلاف السوري كانت قد عقدت، الأسبوع الماضي، اجتماعات مع تشكيلات معارضة، خلصت فيه إلى وجوب أن ينطلق قرار المشاركة في مؤتمر جنيف من موافقة جميع تشكيلات المعارضة، الثورية والعسكرية والسياسية.

وقال عضو الائتلاف السوري المعارض البارز ميشيل كيلو لـ«الشرق الأوسط» إن «موقف المجلس الوطني هو أحد الردود الكاشفة والمؤشرة للمزاج السياسي العام للمعارضة السورية تجاه أزمة سوريا والمواقف الدولية منها، لأن المعارضة عمليا غير قادرة اليوم على فهم سياسة الدول الغربية، وتحديدا الأميركية، والتراخي الذي يعتري أداءها تجاه السوريين، واكتفائها بالتفرج على الرغم من حجم العنف والقتل منذ الأسابيع الأولى».

وأشار كيلو إلى أن «مواقف كيري الأخيرة لناحية الإشادة بسرعة الأسد، في التجاوب مع مطلب تدمير الترسانة الكيماوية، تركت أثرا نفسيا فظيعا لدى مكونات المعارضة كافة والشعب السوري»، معتبرا أن «الأمر لم يعد يتوقف على خيبة أمل واحدة، بل على خيبات أمل متكررة». ورأى أن «مطلب تدمير الكيماوي لا يخدم إلا إسرائيل، وما أرادته الولايات المتحدة وروسيا هو خدمة إسرائيل»، مضيفا: «من يسأل عن أكثر من ألف سوري قضوا نتيجة ضربهم بـ(الكيماوي) في الغوطة؟ ومن يسأل عن موت 23 طفلا جوعا خلال أسبوع واحد في المعضمية؟».

وأكد كيلو أن «المجلس الوطني والمعارضة والسوريين عموما يشعرون أنهم متروكون للذبح على مرأى العالم من دون أي رحمة، وبالتالي، لا مشكلة في أي تصرف قد يقدمون عليه لإشعار العالم أنهم يشعرون بالقهر والغضب والوجع، ويدركون بطبيعة الحال أن جنيف لن تقدم لهم شيئا». وأيد المعارض السوري إشارة صبرا إلى عدم وجود أي «أجندة» واضحة لمؤتمر «جنيف 2»، وقال: «يريدوننا أن نذهب بوفد موحد إلى جنيف، وفي غياب أي آلية أو تصور للمفاوضات».

وأكد كيلو أن «رفض المشاركة في جنيف ليس حكرا على المجلس الوطني فحسب، إذ إن ثمة قناعة شبه تامة لدى مكونات الائتلاف بأن الذهاب إلى جنيف سيكتب الفصل الختامي في هزيمة الشعب السوري، بمعنى أن أي مخرج للنظام في جنيف سيكون هزيمة أكيدة للثورة السورية».

وفيما لم ينكر أن يكون «في موقف المجلس الوطني بشأن جنيف نوع من (تسجيل موقف) على الائتلاف»، أكد كيلو في الوقت ذاته أن موقف المجلس الوطني «يعزز موقف الائتلاف ولا يضعفه، لأن أحدا لا يريد المشاركة في جنيف»، مشددا على أن «المجلس الوطني مكون أساسي في الائتلاف، الذي لن يفرط بوحدته».

تجدر الإشارة إلى أن الائتلاف المعارض أبصر النور في الحادي عشر من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، في العاصمة القطرية الدوحة، بعد اتفاق على توحيد صفوف المعارضة السورية، وأنيطت به مهام «قيادة الثورة» و«تشكيل حكومة انتقالية» واكتساب «الشرعية الدولية»، كبديل عن نظام الرئيس السوري بشار الأسد. وفاز معاذ الخطيب برئاسة الائتلاف بعد حصوله على غالبية ساحقة من أصوات أعضاء الائتلاف. وضم الائتلاف في صيغته الأولى 63 عضوا يمثلون معظم التشكيلات والكيانات المعارضة والثورية، وفي مقدمها المجلس الوطني السوري، والهيئة العامة للثورة السورية، ولجان التنسيق المحلية، والمجلس الثوري لعشائر سوريا، والمجالس المحلية لجميع المحافظات، إضافة إلى بعض الشخصيات الوطنية وممثل عن المنشقين السياسيين.

وفي نهاية مايو (أيار) الماضي، أقر الائتلاف بتوسعة عدد مقاعده بإضافة 43 عضوا من قيادات الجيش السوري الحر والقوى الثورية والمنبر الديمقراطي السوري، برئاسة المعارض ميشيل كيلو، ليصبح عدد أعضائه 114 عضوا. وانتخب، مطلع شهر يوليو (تموز) أحمد الجربا (من وجهاء عشيرة شمر ومنتمٍ لكتلة المعارض ميشيل كيلو) رئيسا له بعد استقالة الخطيب.

كما أقر الائتلاف، منتصف الشهر الماضي، انضمام المجلس الوطني الكردي إلى عضويته، بعد مفاوضات استمرت أشهرا.