عيد الأضحى في سوريا من دون أضاحي.. ولا حلويات

تضاعف بالأسعار وتراجع في المبيعات والأسواق تشهد «ازدحاما كاذبا»

سوريات يقلبن ملابس في سوق منطقة المنبج بحلب قبيل عيد الأضحى (رويترز)
TT

«نحن الأضحية فكيف نشتري الأضاحي؟!». قال خالد وهو يهز رأسه مستغربا الحديث عن ارتفاع أسعار أضاحي العيد، مضيفا بسخرية: «في الحروب كل شيء يرتفع ثمنه إلا الإنسان». وإذا ما سألت أي سوري عن العيد قال: «أي عيد؟ الله يفرجها علينا وعلى الجميع».

ويحل عيد الأضحى هذا العام على السوريين أسوأ من العيد الذي سبقه، جراء انعدام الأمن وتفاقم الأزمة الاقتصادية وتراجع القدرة الشرائية، مقابل تواصل ارتفاع الأسعار، فإذا كان تقديم الأضاحي أحد أساسيات عيد الأضحى، فإن أسعارها سجلت ارتفاعا تجاوز الثلاثة أضعاف، حيث بلغ سعر كيلو لحم الغنم (الضأن) 2500 ليرة سورية بعد أن كان سعره 800 ليرة سورية، كما ارتفع سعر كيلو لحم العجل من 500 ليرة العام الماضي إلى 2100 هذا العام. وقال موقع الاقتصادي إن سعر الخروف «الواقف» وزن 50 كلغ ما يقارب 50 ألف ليرة سورية، في حين وصل سعر العجل الذي يزن 200 كيلوغرام نحو 420 ألف ليرة.

ورصد تقرير «الاقتصادي أون لاين» «تذبذبا في أسعار الأضاحي، حيث كان سعر كيلو لحم الخروف (الواقف) السنة الماضية 300 ليرة سورية، كما ارتفع سعر الكيلو الواحد من العجل (الواقف) من 250 في السنة الماضية، إلى 400 ليرة سورية في العام الجاري». مع الإشارة إلى أن أسعار العام الماضي شهدت ارتفاعا مقارنة بأعوام ما قبل اندلاع الأحداث الدامية.

كما تضاعفت تكاليف ذبح ونقل الأضحية لتصل إلى 2000 ليرة سورية بعد أن كانت لا تزيد على 500 ليرة العام الماضي.

وأرجعت الهيئة العامة للمنافسة ومنع الاحتكار ارتفاع أسعار الأضاحي إلى ارتفاع تكاليف نقل المواشي الحية بين المحافظات وارتفاع أسعار المحروقات وتوقف العمل في المسلخ الفني في منطقة الزبلطاني، الملاصق لحي جوبر حيث تدور اشتباكات عنيفة.

وتجري عمليات الذبح في الريف من دون إشراف طبي بيطري على هذه اللحوم، ما يجعل إدخالها إلى المدينة صعبا، لعدم وجود الختم عليها (الدمغة)؛ إذ توقف عند مداخل المدينة في انتظار الكشف عليها من قبل الجهات الرقابية على اللحوم، ما يؤخر وصولها إلى المحلات، وما يسببه ذلك من هدر نقص إضافي في الوزن أو تلف فيها.. الأمر الذي ينعكس على التكلفة والسعر.

ويأتي ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء في وقت حذر فيه مستشار «اتحاد الغرف الزراعية» عبد الرحمن قرنفلة، من أن لحم العجل في الأسواق قد يشهد انحسارا وندرة بعد فترة وجيزة، وذلك نتيجة انتشار ظاهرة ذبح العجول الصغيرة قبل أوانها، أي زنة 100 كلغ بدلا من 150 كلغ.

ونقلت صحيفة «تشرين» الحكومية عن قرنفلة قوله: «تحدثنا مرارا عن خطورة ذبح العجول الصغيرة وإناث الأغنام دون السن التسويقية، لأن هذه القضية خطرة»، لافتا إلى أن «التجار يلجأون لذلك بسبب صعوبة نقل اللحوم ضمن المناطق. ورغم أن بعض المناطق توجد فيها عجول وبأوزان تسويقية، فإن صعوبة إيصالها لمناطق الاستهلاك تضطر التجار للتعامل مع الموجود لديهم حتى لو كان دون السن التسويقية، وهذا أمر خطر».

ويشار إلى أن أسعار الشعير، وهي مادة أساسية لتسمين العجول، ارتفعت بمعدل 600 في المائة وارتفعت أسعار الأعلاف عموما خلال عامين 500 في المائة، وأسعار الوقود 450 في المائة، والنقل 500 في المائة، والأدوية البيطرية واللقاحات 500 في المائة. وكل ذلك انعكس على أسعار اللحوم التي بدأت تختفي عن موائد السوريين في معظم الأيام حتى أيام عيد الأضحى. ورغم الازدحام الكبير الملحوظ في أسواق وسط دمشق العاصمة، فإن أحد الباعة في سوق الصالحية يعتبره «ازدحاما كاذبا»، فالناس تتجمع حول بسطات الألبسة المستعملة التي تحتل السوق أما المحلات فيدخلونها «للفرجة».

كما شهدت محلات الحلويات الشامية ركودا كبيرا قياسا بالأعياد السابقة، حيث لا يأمل أصحابها تحقيق أرباح هذا العيد بقدر ما يسعون إلى منع الخسارة والتوقف عن العمل، بعدما انتقل كبار صناع الحلويات مع صناعتهم إلى خارج البلاد. وتعطل كثير من أفران الحلويات الشهيرة، جراء ارتفاع أسعار المواد الأولية من الزيوت والسمن والطحين والسكر والمكسرات، الذي انعكس على أسعار الحلويات.

وأرجع صاحب أحد أشهر محلات الحلويات الشامية بدمشق ركود سوق الحلويات إلى تراجع عدد المستهلكين وغالبيتهم العظمى كانت من السياح العرب. لذلك عمد وشركاؤه إلى افتتاح فرع في الأردن لتعويض الخسائر؛ إذ لا يمكن الاعتماد على المستهلك المحلي بعد تراجع قدرته الشرائية أو انعدامها تماما، فيما يخص الحلويات. ويقول: «الحلويات مأكولات كمالية وليست أساسية، والناس بالكاد يستطيعون تأمين ثمن الحاجيات الأساسية من خبز وحليب وخضار ولحوم».

وتتفاوت أسعار الحلويات الشامية بحسب جودة المواد والتصنيع؛ فمثلا كيلو مبرومة الفستق يتراوح بين 3500 و5000 ليرة، والآسية والبلورية والبرازق والغريبة يتراوح بين 700 و1200 ليرة، ومعمول فستق بين 2000 و2500 ليرة.

ويمكن القول إن أسعار الحلويات ارتفعت بمعدل 100 في المائة، أما الشوكولاته التي ازدهرت صناعتها في دمشق خلال العقد الأخير فتتراوح أسعار الكيلو بين 800 و3000 ليرة بحسب العلامة التجارية والمواد المستخدمة.

وتشير مصادر اقتصادية إلى تراجع مبيعات الحلويات والسكاكر بنسبة 70 في المائة عن الأعوام السابقة.