أحزاب المعارضة المغربية تضع لمساتها على مقترحات قوانين تنظم عملها.. وتضمن حقوقها الدستورية

الزايدي لـ «الشرق الأوسط»: الخطاب الملكي وضع إصبعه على مكامن الخلل البرلماني

TT

ما زالت الرسائل المتعددة التي بعث بها العاهل المغربي الملك محمد السادس للطبقة السياسية والسلطات الدستورية في خطاب افتتاح السنة التشريعية الجديدة يوم الجمعة الماضي، تثير الكثير من النقاش السياسي والإعلامي في البلاد.

وهيمن ترتيب أوضاع المعارضة وتقنين تحركاتها وضمان حقوقها الدستورية على خطاب الملك محمد السادس، الذي دعا المعارضة، التي تتوفر على 169 مقعدا داخل الغرفة الأولى من أصل 395 فضلا عن توافرها على الأغلبية الساحقة في مجلس المستشارين (الغرفة الثانية) بـ175 مستشارا من مجموع 270 مستشارا، إلى الإسراع بـ«إخراج النظام الخاص بالمعارضة البرلمانية، لتمكينها من النهوض بمهامها، في مراقبة العمل الحكومي، والقيام بالنقد البناء، وتقديم الاقتراحات والبدائل الواقعية، بما يخدم المصالح العليا للوطن».

وكشفت مصادر برلمانية لـ«الشرق الأوسط» أن أحزاب المعارضة (الاستقلال والأصالة والمعاصرة والاتحاد الاشتراكي) استبقت الخطاب الملكي، ووضعت لمساتها الأخيرة على مقترحات قوانين تنظم عمل المعارضة البرلمانية، وتضمن حقوقها الدستورية، إذ من المنتظر أن ترى النور خلال الدورة الربيعية من السنة التشريعية الحالية، والتي تنطلق خلال شهر أبريل (نيسان) المقبل. وعلمت «الشرق الأوسط» أن الجدل داخل مكونات المعارضة حول الصيغة القانونية التي سيتخذها النص ما زال قائما. ففي الوقت الذي دعت فيه بعض أصوات المعارضة إلى أن يتخذ هذا القانون أعلى مراتب التشريع، ويصدر في حلة قانون تنظيمي (عضوي) من شأنه أن يحرج الحكومة التي تدافع بقوة عن أحقية استحواذها على إصدار هذا الصنف من القوانين حتى تضمن له العبور إلى المجلس الوزاري، الذي يرأسه الملك محمد السادس، لا يعارض بعض قادة المعارضة أن يتخذ القانون المنظم للمعارضة شكل نص تشريعي عادي دون الحاجة إلى مواجهة سياسية ودستورية مع حكومة عبد الإله ابن كيران.

وفي سياق ذلك، قال أحمد الزايدي رئيس الفريق النيابي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المعارض لـ«الشرق الأوسط» إن الخطاب الملكي الذي دعا إلى ضمان حقوق المعارضة «وضع أصابعه على مكامن الضعف التي طبعت العمل البرلماني خلال الفترة السابقة»، موضحا أن هذا الخطاب «يأتي في سياق ما تخلل الدورة الأخيرة للبرلمان المغربي من اختلالات في العلاقات بين المعارضة والحكومة وأغلبيتها»، وهي الاختلالات التي ظهرت من خلال مستويات الصراع المحتدم بين مكونات الطبقة البرلمانية حول «أسبقية العمل التشريعي وتقاسم حصص النقاش بخصوص السياسة العامة». وقال الزايدي إن الخطاب الملكي جاء ليبرز بأن «التشارك الحقيقي بين المعارضة والأغلبية والحكومة يمر حتما عبر إخراج قانون ينظم حقوق المعارضة، وهي الحقوق التي خصص لها الدستور مكانة متميزة ترجمها في مقتضيات المادة العاشرة».

وعد الزايدي أن الخطاب الملكي أعاد الاعتبار للمؤسسة التشريعية حول أحقية البرلمان في اقتراح القوانين التنظيمية، وهي النقطة التي كانت محل صراع قوي بين المعارضة والأغلبية وحكومتها.

تجدر الإشارة إلى أن الفصل العاشر من دستور المملكة المغربية (2011) نص بشكل صريح على دسترة حقوق المعارضة، وهو ما عد في نظر المراقبين خطوة إيجابية نحو تكريس معطى مأسسة المعارضة البرلمانية، وتمكينها من وسائل العمل البرلماني، وتعزيز التوازن على مستوى اللعبة البرلمانية بجعلها مؤسسة فعلية للحد من طغيان الحكومة وأغلبيتها البرلمانية على الشأن التشريعي وصناعة السياسات العمومية.