«ستاربكس» تنافس «خوان فالديز» في عقر دارها

خصم شرس في أرض القهوة

TT

هنا في أرض القهوة، لا تواجه سلسلة «خوان فالديز» أي صعوبات. تمتلك شركة «خوان فالديز» متاجر تغص بالتذكارات في جميع أنحاء كولومبيا، يصل عددها إلى 170 متجرا، كما تملك 68 متجرا خارج أراضيها من إسبانيا إلى تشيلي إلى الولايات المتحدة، حيث يعمل أحد متاجرها على بعد عدة مباني من البيت الأبيض. وتواجه هذه السلسلة التي سميت «تينما» باسم مزارع قهوة شهير (إنتاج شركة إعلانات في ماديسون أفنيو عام 1959) تحديا رئيسا، وهو حمل الكولومبيين على الاعتياد على تصدير أفضل حبوب القهوة لديهم، ورشف الكابوتشينو بالشوكولاته البيضاء وقهوة الماكياتو بالكراميل المثلجة.

لكن «خوان فالديز» تواجه في الوقت الراهن خصما شرسا؛ «ستاربكس» يملك 19000 متجر في أكثر من 60 دولة. وقد أعلنت الشركة، التي يقع مقرها في سياتل، والتي تنتقل من مدينة إلى أخرى تفتح أو تعيد صياغة نفسها لتتمكن من الاستمرار، أخيرا، عن نيتها افتتاح 50 فرعا لها في كولومبيا خلال السنوات القليلة المقبلة. وكانت «ستاربكس»، التي تملك 650 متجرا في أميركا اللاتينية، قد بدأت، الأسبوع الماضي، استكشاف الأماكن الرئيسة في بوغوتا لافتتاح أول متاجرها في منتصف العام المقبل.

وتحاول شركة «خوان فالديز»، التي يديرها اتحاد يرجع تاريخ إنشائه إلى 86 عاما يقوم بتسويق محاصيل 500 ألف مزرعة للقهوة، الاستعداد للتحدي الوشيك. ويتطلع المديرون التنفيذيون لـ«ستاربكس» إلى تعزيز المنافسة المحلية، وترى السلاسل الأصغر أن هذه الخطوة ستؤدي إلى فتح السوق التي تهيمن عليها «خوان فالديز».

وقال هيرنانديز مينديز رئيس شركة «بروكافيكول إس إيه»، التي أنشأها اتحاد مزارعي القهوة الكولومبيين عام 2002، كشركة أم لشركة قهوة «خوان فالديز»: «خلقت (ستاربكس) هذه الفكرة؛ نموذج الأعمال هذا. وسيكون دخولها السوق الكولومبية تحديا، وهذا سيعمل على تحسين فرصنا. نحن نعمل الآن على تطوير منتجاتنا لتكون أفضل مما هي عليه».

يذكر أن «ستاربكس» عندما خرجت إلى العلن عام 1992، رفض المستثمرون الكولومبيون الدعوة للاستثمار في الشركة النامية، بحسب لويس سامبر، المتحدث باسم الاتحاد.

عندما تراجعت مبيعات «ستاربكس» في عام 2008، حث غابرييل سيلفا الدول منتجة القهوة على شراء السلسلة، قائلا لصحيفة «إل تيمبو» إن مثل هذه الخطوة «ستعزز من صراعنا للدفاع عن أصول القهوة».

وقال سيلفا: «مقابل 200 إلى 300 مليون دولار يمكن لعالم القهوة السيطرة على (ستاربكس)».

الآن، ستتنافس الشركتان على تخوم القهوة التي قد تبدو ميزاتها غير عادية بالنسبة للغرباء، وخاصة إذا كانت مربحة، حيث تفوق كولومبيا، التي يبلغ عدد سكانها نحو 46 مليون نسمة، عددا من الدول الأخرى، التي توجد بها فروع لـ«ستاربكس». وهي دولة تكتسب أهمية متزايدة، تستطيع الطبقة المتوسطة الناشئة فيها دفع الدولارات الثلاثة ثمنا لشرب قدح الكابوتشينو.

لا تقف مشكلات «خوان فالديز» عند حد مواجهة «ستاربكس»، فقد بدأ الكولومبيون مؤخرا فقط في الإقبال على القهوة ذات الجودة العالية التي يقوم بتحضيرها خبراء القهوة في نيويورك أو روما. لكن الكولومبيين يستهلكون قدرا ضئيلا من القهوة مقارنة بالدول الأخرى منتجة القهوة، مثل البرازيل. وعادة ما تكون القهوة التي يشربونها ضعيفة وممزوجة بحبوب منخفضة الجودة من بيرو والإكوادور. ويقول منديز إن أبرز مشكلات «بروكافيكول» تتمثل في ترغيب الكولومبيين في شراء قهوة «خوان فالديز» الجديدة.

من جانبه، قال الرئيس التنفيذي لـ«ستاربكس» هوارد شولتز إن «ستاربكس» لن تبيع قهوتها بسعر أرخص من منافسيها.

تدرك «ستاربكس» جيدا المعاناة التي تعيشها الصناعة هنا، ولذا تأمل «خوان فالديز» أن يؤدي دخولها إلى تحسين الأوضاع.

كانت الأمطار الغزيرة والآفة الضارة المعروفة باسم «صدأ القهوة» قد دمرت إنتاج القهوة، وهو ما تسبب في أكبر انخفاض في محصول القهوة خلال 30 عاما، حيث انخفض الإنتاج إلى أدنى من 7.47 مليون جوال عام 2012. وبفضل الطقس الجيد والإعانات الحكومية لزرع مليوني شجرة قهوة مقاومة للصدأ، يتوقع أن يرتفع الإنتاج ليصل إلى نحو 10.1 مليون جوال بنهاية العام الحالي. لكن أسعار القهوة العالمية آخذة في التراجع منذ عام 2001، وهو ما دفع المزارعين إلى القيام بإضرابات هذا العام مطالبين بمد المعونات وأشكال الإغاثة الأخرى. وقد وعدت «ستاربكس»، أحد أضخم مشتري القهوة الكولومبية منذ زمن طويل، أن تكون كل القهوة، السوداء المقطرة والإسبريسو والقهوة الكولومبية المعبأة، التي تبيعها محمصة وكولومبية. وأضافت الشركة أنها ستستثمر نحو 1.5 مليون دولار لمساعدة مزارعي القهوة في تعلم أساليب الزراعة المستدامة.

وقال ريتشارد نيلسون نائب رئيس «ستاربكس» والمدير الإداري لفروع الشركة في أميركا اللاتينية: «الناس تتساءل عن السبب في عدم دخولنا إلى السوق الكولومبية بعد. الجواب هو أننا لا نزال نبحث عن شركاء مناسبين، وننتظر الوقت المناسب، كي نفي بالتزاماتنا. ونعتقد أن الوقت الراهن هو الأنسب».

يرى بعض العاملين في هذه الصناعة أن دخول السوق الكولومبية مغرٍ، فيرى كارلوس روخاس رئيس الاتحاد الذي يمثل مصدري القهوة الكولومبيين أن ذلك قد يشكل «قاعدة قوية لاقتصاد قائم على الاستهلاك المحلي، وهو ما سيؤدي إلى دعم الأسعار في الوقت الذي ربما تنخفض فيه أسعار السوق».

من جانبهم، أكد المديرون التنفيذيون في شركة «خوان فالديز» أن الشركة ستظل نابضة بالحياة لدى وصول «ستاربكس». وخلال جولة في فرع «خوان فالديز» الكبير في الشارع المقابل لمقر الاتحاد، أظهرت ساندرا غارزون، المتحدثة باسم «اتحاد بروكافيكول» شاشة، حيث يمكن لشاربي القهوة القيام بجولة في مزارع القهوة الريفية، يقودها خوان فالديز، وبغلته «كونكيتا».

تعلم «خوان فالديز» أن أبرز نقاطها تفوقها على «ستاربكس» تكمن في علاقتها المباشرة بمزارعي القهوة، الذي يملكون أسهما في مقاهي «خوان فالديز»، ويتلقون عائدات وفوائد أخرى عن كل كوب قهوة يتم بيعه.

لكن الشركة تقول إنها بحاجة للتأكيد على ضرورة معرفة المستهلكين بهذا الرابط، وقال سامبر: «يجب أن نتعلم كيف ننقل كل ما نمثله، وأن نعمل على تمييز أنفسنا». ويقول كثيرون من شاربي القهوة في مقاهي «خوان فالديز» المنتشرة في بوغوتا إنهم يرون في القهوة مصدرا شهيا للفخر ببلادهم. وتقول ستيفاني سيريبرنك، وهي ترشف القهوة مع أصدقائها: «إذا أردت قهوة كوبية فسأذهب إلى (خوان فالديز). نحن لا نريد (ستاربكس)، فهي مجرد شركة دولية أخرى تأتي إلى هنا».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»