قضاة دوليون يعملون على تشكيل محكمة خاصة بسوريا لمحاسبة مرتكبي الجرائم

تعد مسودة اتهامات ضد الأسد وأقرب 10 من معاونيه وقادة معارضين

TT

تسعى مجموعة من القضاة والخبراء الدوليين لإنشاء محكمة خاصة بسوريا، لمقاضاة مرتكبي جرائم الحرب في سوريا منذ بدء النزاع في منتصف شهر مارس (آذار) 2011. وتعمل هذه المجموعة وفق خطة مؤلفة من 30 صفحة، تحدد بشكل مفصل كيفية تشكيل أي محكمة في المستقبل لمقاضاة المتهمين. وكشف المشرف على المشروع وأستاذ الحقوق بجامعة سيراكيوز ديفيد كراين عن إعداد مسودة اتهامات ضد الرئيس السوري بشار الأسد وأقرب 10 من المعاونين لديه، إضافة إلى اتهامات ضد بعض قادة المعارضة ومقاتلين أجانب. وتمكن كراين، الذي سبق أن شغل منصب النائب العام المؤسس للمحكمة الخاصة بسيراليون التي أدانت زعيم الحرب الليبيري تشارلز تايلور، من جمع أكثر من 10 خبراء قانونيين من أجل تحديد «نقطة انطلاق» للمناقشات في إنشاء المحكمة، من دون أن يكشف عن طبيعة التهم التي ستوجه إلى المتهمين. وقال إن «توجيهها يبقى من صلاحيات النائب العام لأي محكمة يتم تشكيلها».

وأوضح كراين، في تصريحات نقلتها عنه وكالة الصحافة الفرنسية أن نحو 90 في المائة من الفظاعات التي ارتكبت في المراحل الأولى من النزاع كانت من فعل النظام، غير أنه يقدر النسبة الآن بالتساوي تقريبا بين النظام والمعارضة. ولفت إلى أنه «في بادئ الأمر كانت هذه حربا أهلية.. كانت دامية، لكنها اتخذت الآن منحى شخصيا.. ازدادت دموية، وكلما استمر الأمر، تراجع احتمال عملية انتقالية سلمية».

وانطلاقا من «اكتفاء المجموعة الدولية عادة بالجلوس مكتوفة الأيدي والانتظار»، على حد تعبير كراين، الذي لفت إلى أنه «حين يتم التوصل إلى حل سياسي وتتوقف أعمال القتل، يجهد الجميع بصعوبة لمعرفة ما ينبغي القيام به»، فقد اقترح أن «نكون جاهزين ونعد هذه الخطة». وفي سياق متصل، لم يجد أستاذ القانون الدولي اللبناني أنطوان صفير، ضرورة لإنشاء محكمة خاصة بسوريا. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا الأمر هو من اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، التي تقع في صلب عملها ملاحقة مرتكبي جرائم الحرب». لكنه لفت في الوقت ذاته، إلى أن «عمل محكمة مماثلة قد يتعلق بالإطار الجرمي فقط، أي بتوثيق الجرائم وتحديد المسؤولين عنها لتبقى صلاحية النظر في هذا الموضوع للمحكمة الجنائية الدولية».

وتعاون فريق كراين مع المعارضة السورية ومنظمات غير حكومية وأساتذة في جامعة سيراكيوز التي يدرس فيها، من أجل مراجعة الفظاعات التي ارتكبت في سوريا منذ اندلاع النزاع. وأوضح أنهم «تمكنوا من تسجيل ثلاثة مجلدات بأعمال العنف، ولا يزال العمل جاريا». ويعمل على إعداد المشروع خبراء محترفون محنكون لديهم خبرة لأكثر من 20 عاما في هذا المجال، بحسب ما أكد كراين، علما بأن «البحث لن يقتصر على القانون فقط، بل سيشمل التدقيق في الإجراءات العملية والنواحي السياسية والدبلوماسية لما يترتب القيام به، من أجل بناء محكمة محلية أو محكمة إقليمية أو لمساندة المحكمة الدائمة». وفي حين اقترحت مسودة الخطة الساعية لإنشاء المحكمة أن تكون المحكمة «محلية»، أشارت إلى «ضرورة تضمينها عناصر دولية، كأن تتألف من قاضيين سوريين وقاض دولي». وأفادت أنه «من الأفضل أن تتخذ المحكمة مقرا لها داخل سوريا». وينطلق كراين في النقطة الأخيرة من خلال خبرته العملية في سيراليون. وقال في تصريحاته أمس: «وجدنا في سيراليون أن محكمة تتخذ مقرا لها في موقع الجريمة نفسه، تكون أكثر فاعلية، بحيث يكون بوسع مواطني سوريا أن يشهدوا على إنزال العدالة فعلا». واطلعت المحكمة الجنائية الدولية على خطة إنشاء المحكمة الخاصة بسوريا، كما قرأها باهتمام مسؤولون في وزارة الخارجية الأميركية، مؤكدين «عزمهم على مساعدة الشعب السوري على إقامة آليات محاسبة».

وقال مسؤول كبير في الخارجية الأميركية إن «ما حصل في سوريا صدم ضمائرنا، سواء بالنسبة لاستخدام أسلحة كيماوية أو لمقتل 100 ألف شخص». وأضاف: «نظرا لوجود الكثير من مظاهر المحاسبة الجنائية في نظر السوريين، فمن المهم للغاية فهم جميع حسنات وسيئات كل من هذه الآليات».